مرَّ وقتٌ طويل مذ عرفت شخص جديد ولم تكن متأكدة من معرفتها لتونيا، تنهدت بصوت مسموع بينما تصعد السلالم إلى غرفتها حاملةً وسادة وفراشاً اصطحبتهم من بيرنارد في الأسفل، تنفست بعمق خلف الباب وعاد لعقلها صوت تونيا الذائب في الكأس قبل دقائق من نزولها عندما أخبرتها وهي تنظر لوجهها في اللوحة "أريد النوم في سريرك".
أصدرت هيلدا همهمة تنمّ عن وصولها عندما فتحت الباب وسحبت النفس العميق إلى رئتيها تاركةً خيط القشعريرة الذي أنتجه استرجاع صوت تونيا في عقلها حين أخبرتها أنها تود النوم في سريرها يستقر أسفل ظهرها.
تبلورت الرؤية حولها من جديد فور اسقاطها الفراش أرضاً بحثت عن تونيا التي لم تغرد بأي صوت مقابل همهمتها، ثوانٍ وفهمت الأمر أكثر مما استغربته، أغلقت باب الشرفة والتقطت خرقتين تستخدمهما للرسم وحشرتهما مقفلة بذلك الزوايا المنقرة حتى لا يدخل الهواء إلى جسد تونيا الذي رسا فوق سريرها نائماً.
استندت إلى نافذة الشرفة المغلقة..حملت كأس النبيذ وشربته دفعة واحدة ما جعل احتراقه يفقدها الاحساس بحلقها وتساءلت كم من الوقت احتاجت كي تسقط بالنوم هكذا؟ نظرت إلى جسدها يشغل سريرها دون ترك مساحة خالية في عقلها لتتبعها بعيداً عنه، لا بد أنها متعبة من الحفل! عادت لتتساءل ووضعت كأس النبيذ أرضاً.
تقدمت خطوتين نحو السرير ولحقها شعورقدميها المرتجتان ضد خشب الأرضية البارد فلم تستطع أن تكمل، كانت تونيا تضع يداً أسفل خدها والأخرى تتركها على امتدادها فوق خصرها، نظرت هيلدا لوجه سيدة القصر كما تأملته البارحة في ذهنها حين تحدثت مع مارني..لم يكن مشابه لأي مرةٍ رأته قبل ذلك حتى أول النهار في الحفل حتى عندما غاب وتلاشى داخل قميصها قبل دقائق، بدت بشرتها نضرة طرية شعرت برغبة في لمسها ولو أنها لمستها ستعبر إليها.
جثت على ركبتيها واجترت نفسها بهدوء إلى السرير لتلتقط بذلك الغطاء من الجانب الأخر وقبل أن تضعه فوقها أرخت الرباط الأزرق الملتف حول خصرها فأخرجت تونيا تنهيدةً نائمة، انتقل نظر هيلدا بحذر إليها راقبت تنفسها البطيء وصعود الموج وهبوطه في أضلاع صدرها االتي كانت ترتفع شهيقاً وتهمد زفيراً كبحرٍ يجدد أمواجه.
ضبطت فراشها في المساحة المتبقية بين السرير والشرفة وتقلصت داخله، كيف لجسد هزيل ان يقترب من جسد مكتنز حيّ؟ ما الذي يدفع تونيا أن تتقلص في سريرها هكذا ويستحيل وجهها إلى زهرٍ غض فوق وسادتها، فكرت كثيراً وأخرجت رأسها من أسفل الغطاء، رأت الغرفة للمرة الأولى بروحٍ مؤلوفةٍ بعيداً عن الغربة التي شعرت بها من اليوم الأول والخواء الذي حاولت دحره مع الأيام، غزتها الرغبة في الاندماج مع هذا السلام في وجه تونيا على سريرها لكن ابعدها الخوف، الخوف من أن تكون رغبتها خراباً غير محتمل الوقوع.
أنت تقرأ
غابَ نهارٌ آخر
Romansaفي ظل السماح بدخول الكاميرات لقاعة المحكمة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي لنقل وقائع المحاكمات، لا تزال هناك قضايا لها حساسيتها وخصوصيتها حيث لا يُسمح بدخول وسائل الإعلام ويعوض ذلك وجود فناني الاسكتشات، هيلدا فنانة رسم قاعة المحكمة يتم اختيا...