لم تكن هيلدا تحسُ بتحسن نفسيتها فقط بل وقابليتها تجاه كل شيء، تجاه الحديث مع الأخرين وتناول الطعام وبالطبع الرسم، أنجزت أفضل عدد لها من اللوحات في قاعات محكمة مقاطعة كينت، أصبحت تتصدر رسومها صفحة الأحداث في الجرائد الرسمية للمدينة كلها، رسامة المحكمة الأولى التي ينظر وينتظر جميع العامة صور رسوماها التي تجسد فيها ليس فقط ملامح الأشخاص بحرفية بل أيضاً باتقان منقطع النظير للمشاعر خلف تلك الملامح بينما تنقل الكاميرات صوراً جامدة لملامح الأشخاص، لكن هيلدا كانت تصيغ الوجه مع الحالة النفسية الداخلية حين تشاهد أطراف القضية ومن ثم تقوم المحكمة بنشر ما يمكن أن تراه مناسباً للعامة.
"لم تنامي بعد" قال جيري منضماً لها في الحديقة الخارجية
_الجو جميل ألا تعتقد ذلك
_أجل مع أنه باردٌ قليلاً، ماذا ترسمين؟
_تعلم العمل وهكذا أمور تتخاطر من الذاكرة
_هل لي أن أرى
"أخشى أنه لا" قالت مرتبكة
_سأحترم هذه الـ "لا"، لكن أرجو ألا يكون ردُكِ على ما سأقوله الأن بـ"لا" أخرى.
_لا
_لم أتحدث بعد
_لا أقصد تحدث لن يكون ردي "لا" لو استطعت.
ابتسم لها وقفز السنجاب مرتاحاً فوق ركبتيه وقال"هناك حفل بعد أيام ولدي دعوة إضافية"
"أجل؟" قالت بالرغم من أنها فهمت المضمون
_أريدك أن تنضمي لي
_تعلم أنني لا أحب الحفلات والأمسيات
_أعلم لكن أراكِ بحالٍ جيد وربما هذه فرصة لتخرجي من رهبة الأمسيات، لدي معزوفات جديدة سأعزفها لأول مرة وأنا أعلم أنكِ تحبين الموسيقى الكلاسيكية لذا لا بأس بالقليل من المرح؟
_هل تعتقد أن بإمكاني الذهاب، أخشى أن أفسد حفلك بشكل أو بآخر
_لا تعتقدي إذاً.. لأنني لا أعتقد ذلك، على الجندي المجهول وراء صور رسم المحكمة أن يظهر للناس وللفضاء الخارجي أخيراً ألا تعتقدي؟
"إياك أن تبدأ" قالت له ضاربةً كتفه ما جعل السنجاب يقفز شاعراً بالخطر، كان جيري يطرق باب غرفتها كل يوم بعد أن تصل الجريدة الصباحية ويصفر لما تفعله رسومها في المدينة من ضجة فكان رسمها لملامح أهم رجل سياسي في الدائرة الوزارية بعد الكشف أنه تورط بقضايا غسيل أموال قد هزّت الأرجاء لأنه منع نقلها أو تسجيلها في الاعلام وسمح لها برسم صورة واحدة تم نشرها في الجرائد، مع الوقت أصبح جيري يشجعها على أن تُخرج اسمها ونفسها للعامة لكنها لم تأبه لكلامهِ.
أنت تقرأ
غابَ نهارٌ آخر
Romanceفي ظل السماح بدخول الكاميرات لقاعة المحكمة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي لنقل وقائع المحاكمات، لا تزال هناك قضايا لها حساسيتها وخصوصيتها حيث لا يُسمح بدخول وسائل الإعلام ويعوض ذلك وجود فناني الاسكتشات، هيلدا فنانة رسم قاعة المحكمة يتم اختيا...