لم تكن هيلدا تشعر بوجود شيء غريب في القاعة الفاخرة والناس المحذلقة إلا وجودها، عالم آخر وأناس لا تعرفهم والكثير من الترف الظاهري القاسي، كانت تنظر كل دقيقة نحو بيرنارد وجيري لتشعر بارتباطها بعالمها البسيط، ولم يكن الخيط في باطن تفكيرها يُزاح قليلاً عن تونيا التي استقرت أخيراً مع مجموعة من الأشخاص، لم تعرف هيلدا منهم أحداً، حتى إيف التي لاحظت شرودها وجدت صعوبة في الحديث إليها.
"-العريس أجمل من العروس ألا توافقيني؟..-أجل أنظري هناك كيف تتعالى عليه" سمعت أشخاص قريبون يقولون هذا ثم نظرت
فالشخص الذي يتزوج هناك هو آدم فوربس من يحاول أذية تونيا وعائلته من أجل المال وبالتأكيد هذه هي ابنة منافسه التي ذكرتها تونيا قبل أيام وربما لا تكون، أخذت هيلدا تحلل وتربط وأحست أن هذا العالم هو من يدخل إليها وليست هي من تدخله.
مرّ الوقت سريعاً عزفت الجوقة أفضل الألحان التي سرّت الحاضرين ورقصوا عليها، دعاها ترافوس أكثر من مرة للرقص لكنها رفضت في كل المرّات فحلت مكانها إيف التي كانت أكثر قابلية للتعامل مع هذا الرقيّ المصطنع، أخذت تراقب تونيا بينما تخرج للرقص مع رجل لم تعرفه، أرادت أن تذهب إليها ولكنّها لا تعرف كيف تفعل ذلك، هذه المراسيم الوجوه لم تكن تدري لِمَنْ!
"أعتذر عن ترك ضيفتي ومدعوتي وحدها كل هذا الوقت" قال جيري بينما هدأت الموسيقى واستطاع أن ينضم إليها
"لا بأس لم اشعر بالملل" أجابت هيلدا وهي شاردة في حركات تونيا المرتكزة الثابتة، تُحرك وتُبادل أقدامها دون تفكير بالخطوات إلى أين، تفرض رقصها على الشخص الأخر دون أن تعيره اهتمامها وأنوثتها الكاملة.
" تقصدين لم تشعري بالملل بينما أنتِ جالسة طوال الوقت وحدكِ؟" سأل جيري وقاطع بناء أفكارها
"في هذا سعادتي" قالت ببساطة لينضم بعدها إلى طاولتهم أربعة أشخاص بعضهم من أصدقاء الجوقة
"لم نتعرف سيدتي؟" قال أحدهم مطلقاً صفيراً نحو جيري والأخر ضرب كتفه
"هل أعرفكم على أفضل من يرسم لوحات المحكمة في المدينة" أجاب جيري
"لا تقلها يا رجل" قال أحدهم
_قلتها وانتهى
وقف رجلٌ آخر منهم صارخاً "أنتِ من رسم لوحة الوزير نيل كالوم في المحكمة"
ابتسمت هيلدا بصمت وأجاب جيري عنها " بشحمها ولحمها" انحنى رجلٌ آخر محترماً لهذا الفن وأخذ يقول أن والده ظل طوال الليل يحدق في صورته ويضحك عليه إذ بدا مرتعباً أمام القاضي فهو يكرهه من بداية تسلمه للوزارة.
أنت تقرأ
غابَ نهارٌ آخر
Romanceفي ظل السماح بدخول الكاميرات لقاعة المحكمة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي لنقل وقائع المحاكمات، لا تزال هناك قضايا لها حساسيتها وخصوصيتها حيث لا يُسمح بدخول وسائل الإعلام ويعوض ذلك وجود فناني الاسكتشات، هيلدا فنانة رسم قاعة المحكمة يتم اختيا...