يجلس السيد فيدريك بصدر مائدة الإفطار وبيده أوراق البريد يتصفحها، رامون يقف فوق رأسه بينما جانبه تميل ليلى لترك أطباق الطعام دون صوت يثبت وجودها، الحركة الساكنة لم تدم ما إن ضربت تونيا يدها على المائدة ما جعل الأطباق تتحدث قبلها
"أسألُك منذ عشر سنوات من أنا؟ أخبرني فقط من أنا!" غاضبة وحانقة
"أهكذا تقابلين والدك في الصباح؟" تحدث بلا مبالاة وقوة لا تجابه موقف تونيا
_لا تغير الموضوع أبي، أرجوك!
عدّل جلسته آمراً ليلى بالمغادرة مع بقاء رامون الذي لم يتلقى أيةَ إشارة بذلك "حسناً" ترك الأوراق جانباً إلتف وقال بصوتٍ واثق "أنتِ إبنتي.."
_لا تُكمل! لا أريد سماع ما تقوله دائماً، أنا لستُ إبنة ريفال ولا شقيقة آدم، من هي أمي؟
لم يتحدث فيدريك ونظر نحو الأطباق فـ رامون ثم للأطباق مجدداً، نظرة تونيا إليه جادة وحادة
"ألا يكفيكِ أنكِ إبنتي!" بصوتٍ غالبه كِبر السن والعطف
جثت أمام ركبته أمسكت يديه بضعفٍ ورجاء، تعيد الموقف الذي حصل من آدم في عقلها مراراً وتكراراً ثم تقول "يكفيني أبي يكفيني! لكن لا أظن أنه يكفي إبنك أو الصحافة أو أحد، لذا أرجوك أخبرني من أكون"
أمسكها فيدريك من أكتافها وأقامها من أمامه واحتضنها برفق "لن يستطيع أحد إذائك أعدُكِ، أنتِ إبنتي وصغيرتي مهما كبرتِ فقط تحملي قليلاً"
لم يكن هذا ليلئم جرح تونيا الذي شُجّ قبل ساعات أمام الجميع في المستشفى أمام هيلدا ترافوس ويليام وموظفي المستشفى بالكامل كانت تريد شيء تتمسك به، شيء حقيقي على الأقل، أبعدت نفسها ومسحت ما كان قد تجمّع من دموع دون استدعاء البكاء بالكامل وقالت بجمود مخيف
_أوجدتني مُلقية أمام أحد الأرصفة القذرة، أم أنك راعيتني من بين يدي عاهرة في أحد الملاهي
_ماذا تقولين!
_قل لي هل أمي كانت فقيرة أم عاهرة لِمَا لا تخبرني الحقيقة!؟ كل ما أريده هو الحقيقة! هل انا إبنتك من الأساس
_يكفي تونيا لقد تجاوزتي حدودك
يأست تونيا من نفسها ومنهُ، لا شيء في يدها تتشبث به، مضت إلى الخارج تاركةً نداء والدها لها يتردد في المدى دون إستجابة.
........................................
هاتفت هيلدا القصر على مدار يومين، إذ أن تونيا كانت قد واعدتها باللقاء مساء نفس اليوم الذي راجعت به المستشفى وحصل فيه ذلك الموقف، لا رد، لا تلقّي، فقط صوت ليلى بدا مثل الجرس الآلي في قول "المعذرة السيدة تونيا ليست هنا" وصوت السكرتير من المستشفى "الدكتورة فوربس في إجازة".
أنت تقرأ
غابَ نهارٌ آخر
Romansaفي ظل السماح بدخول الكاميرات لقاعة المحكمة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي لنقل وقائع المحاكمات، لا تزال هناك قضايا لها حساسيتها وخصوصيتها حيث لا يُسمح بدخول وسائل الإعلام ويعوض ذلك وجود فناني الاسكتشات، هيلدا فنانة رسم قاعة المحكمة يتم اختيا...