خارج العالم

2.1K 126 29
                                    

ضباب كثيف يحيط الرؤية أمامها عبر النافذة، السماء محملة بالأمطار والعواصف دون قدرة على عتقِها، يقرع جرس الباب لتركض إليه معتقدةً أن هناك أمراً ما سيحدث، تنتظر لأيام وأيام وتقف أمام النافذة منتظرة حدوث شيء عودة شيء، لكن لا شيء يحدث، شقتها تبدو خامدة منذ عادت إلى كينت والجدران ضيقة وسريرها بارد، عليها تصديق ما حدث أمامها، قوة تونيا دون رَشْح دمعةٍ واحدة تلك الليلة كانت جلية داخلها، وجهها البارد للحظة إعتلته نفس التعابير المرسومة على وجه رامون أصبح وجهها فاقداً للحياة والحرارة تحت جلده، صوت رامون الأجش بعد أن قال "لقد رحل" كان غير حقيقياً لأي شخص في غرفة المعيشة، بيرنارد وإيف، هيلدا وبايلي وتونيا تقف كما هي كأن رامون قال أنه آسف لحضوره دون موعد أو ليطلب منها العودة للقصر والإعتناء بالحديقة، أي شيء من الحديث المتوقع الملعون لكن ليس ذلك.

ذهبت هيلدا للاستجابة للطارق، إهتزت يدها برداً أثناء إحاطتها بمقبض الباب فعادت لها صورة إرتجاج يد تونيا وهي تعيد ما سمعت "رحل! كيف رحل؟؟"، مع أن تعابير رامون قالت كل شيء إلا أنه أعاد "لقد فقدناه بعد نوبة شديدة منذ ساعات"، تونيا ما زالت باردة في إخراج أي رد فعل لكن وجهها مُطفئ وكأن نوره قُطع فجأة، تتحرك للأمام نحو رامون تستولي على قميصه وتعصره بيدها دون قول كلمة واحدة ودون النظر لأي أحد، تأخذه وتغادر.

تلك اليد التي قبضت على قميص رامون كأنها تحمل صدمتها كلها كانت قبلها بدقائق تسند كتفها وتتسلق عمودها الفقري وأزرار قميصها برقصات حرّة.

غادرت تونيا ليوم ويومين ولشهرٍ كاملٍ، لا تعلم هيلدا عنها شيئاً لا مراسلة لا وصول في المستشفى ولا إستقبال في القصر كأنها قطعت خطواتها إلى خارج العالم.

أدارت هيلدا مقبض الباب وحرّكت القفل بعد أن هدأت وأجابها صوت بيرنارد من خلفه "كم من الوقت تحتاجين لفتح هذا الباب"

ولجت للداخل دون النظر إليه، تركت الباب مفتوحاً له ولم ترد عليه بأي كلمة، علم بيرنارد أن مهمته صعبة في جعلها تستجيب لكنه لم يتحدث معها ويثرثر كما العادة، فَتح دولاب ثيابها وأخرج لها ثوباً أزرقاً متموجاً بخيوط سوادء قائلاً "أظن أن هذا مناسباً" كل هذا وهيلدا تنظر إلى رفّات أجنحة الطيور المهاجرة من النافذة غير آبهة لما يفعل، إلى أن أخرجها من صمتها إلتقاطهُ لبعض ملابسها الداخلية وإضافتها للثوب على السرير.

_أيها القذر ماذا تفعل

 _لا مانع لديّ بإلباسك أيضاً

رمت عليه فرشاة ألوان كانت مُلقية بإهمال على حافة النافذة وقالت "أخبرتُك للمرة الألف أنني لن أذهب معك"

غابَ نهارٌ آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن