شهران من الوقت قضتهم هيلدا في سومرست بعودة حياتها الطبيعية السابقة مع إحباط لم يكن لأحد القدرة على رؤيته أو التعامل معه حتى والدتها فشلت في الوصول إلى دواخلها، وأستاذ المعهد الداعم لها لم يستطع إقناعها بالعودة للمعهد إلا بعد ثلاث أسابيع، كانت هادئة في الخارج تذهب إلى المعهد لساعات قليلة وتتوقف أيام، لم تعد للرسم وأزالت كل ما يتعلق به بعيداً، قضت وقتها في الحديقة الخارجية تساعد المزارعين على هندسة محاصيل الأرز وتنسيق الأزهار، تَرِفُ لها الذكرى الدقيقة لوجه تونيا يطفو على سريرها، يجود بجماله بين الأزهار، فكرت أنها الأن مشغولة بأمور جديدة ومهمة، لكن المحكمة ماذا يا ترى حصل هناك؟ كرهت تعلقها بالمدينة الجديدة رغم مكوثها بها أشهر قليلة والأن هي تشعر أن هذا ليس مكانها، أنَّ ما يفترض عليها فعله ليس هنا.
غاب نهارٌ أخر وبينما تعد السيدة بايلي ما يلزم للعشاء كانت تنظر بقلق إلى شرود ابنتها أمام المدفئة، وصلت طرقات خفيفة خلف الباب لتنتقل بايلي لفتحه، لم تكن مفاجأة بالنسبة لها فهي لم تعرف الضيف وسألت بكل هدوء لكن كانت المفاجأة لهيلدا التي وجدت تونيا بشكل رشيق جداً تقف أمام الباب، ترتدي نفس المعطف الأزرق الذي وضعته عليها عندما سقطت في النوم داخل السيارة وتحته يغطي عنقها كنزة صوفية بيضاء اللون مع رفع شعرها بالكامل للأعلى.
"تفضلي" قالت هيلدا وراسمها شعور مريح اقترن أخيراً بظهور هذه المرأة أمامها بغير توقع، دغدغ قلبها نغم جعل صوتها يهتز عندما دعتها للداخل.
تقدمت توينا وأخفضت رأسها قليلاً لتلقي سلاماً خجولاً على السيدة بايلي وما إن أصبحت إلى جانب هيلدا التي تخبطت مشاعرها قالت ككل مرة بثبات تعجز هيلدا عن فهمه كأنها تتحول لكتلة صلبة من الحديد يخرج منها حديثاً دون أن يرف لها خاطر.
_كيف حالك؟
"أنا جيدة كما ترين لكن لما..." لم تستطع هيلدا أن تنافسها في الثبات عندما أجابت، ذابت عظامها داخل جسدها ما سمح لتونيا بتناول الحديث منها "لما أنا هنا؟..لا أعرف أيضاً!" مشت متبعة هيلدا أينما تقودها وأردفت "ظننت أن عليّ أن اطمئن عليكِ"، جلستا أمام المدفئة في صالة المنزل البسيط والذي كان يشبه في حجمه غرفة واحدة من غرف القصر الكبيرة.
"لم يكن عليكِ أن تقطعي كل هذه المسافة إلى هنا لذلك السبب" قالت هيلدا وغرزت كفيها وسط ساقيها في محاولة لتدفئتهم.
"أَأَعود؟!" أجابت تونيا وهمت بالنهوض لكن هيلدا أوقفتها مغلقةً يدها على مرفقها الذي شعرت بعظامه البارزة تحت كنزتها
"لم ..لم أقصد هذا رجاءً اجلسي" سحبت يدها بعد أن عادت تونيا للجلوس
تدخلت بايلي بعد أن ظهرت أمامهن من انعراج يفصل المطبخ عن صالة الجلوس "كنا على وشك تناول العشاء؟ انضمي لنا رجاءً"
أنت تقرأ
غابَ نهارٌ آخر
Romanceفي ظل السماح بدخول الكاميرات لقاعة المحكمة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي لنقل وقائع المحاكمات، لا تزال هناك قضايا لها حساسيتها وخصوصيتها حيث لا يُسمح بدخول وسائل الإعلام ويعوض ذلك وجود فناني الاسكتشات، هيلدا فنانة رسم قاعة المحكمة يتم اختيا...