٣٨

2.4K 32 5
                                    


" الفصل الـ ٣٨ "
:
:

"غدا نمضي كما جئنا..
وقد ننسى بريق الضوء والألوان..
وقد نهفو إلى زمن بلا عنوان
وقد ننسى وقد ننسى
فلا يبقى لنا شيء لنذكره مع النسيان ..
م.ن
:
:
في الجامعة وقفت ريم امام جهاز القهوة تشتري لها ولغادة كوبين .. التفتت لغادة التي كانت تجلس في الكافتريا وتنظر للفراغ تنظر للأمام ولكن بدون نقطة محدده وجهها خالي من الزينة ترتدي تيشيرت ابيض وتنورتها السوداء وحذاء رياضي .. وشعرها جمعته على شكل ظفيرة ترتاح على كتفها .. وتتطاير بعض الخصلات لتلامس وجهها گأنها تحاول بالتراقص استرضاء الوجه الحزين ..كان امامها مجموعة من الصديقات يضحكن بصوت مرتفع وهن يرمين حبات البوب كورن لتلتقطها احداهن بفمها تحت ضحكات صديقاتها .. رسمت غادة على شفتها شبه ابتسامة تكاد لاتُلحظ لكنها ابتسامة على اية حال ..
وتذكرت ريم عندما ذهبت لمنزل عائلة غادة لتخبرها والدتها انها وصلت لهم بالامس بعد يوم واحد من وصولهم في حالة مزرية فقط اخبر سلطان فيصل انها اجهضت وتحتاج عناية .. ولم يعطي تفاصيل .. ولم تعطي غادة ايضاً تفاصيل ..
تألمت ريم عندما رأت صديقتها المقربة في غرفتها ترفض ان يُغلق الباب وتطلب من كل من يدخل ان يتركه مفتوحاً .. لقد مرت غادة بشيء لكن لن تفصح عنه .. والان اول يوم لها في الدوام الجامعي بعد شهر من بدايته وريم ومشاعل يركضون خلف الدكاترة والاساتذه علهم يجمعون الاعذار لغياب غادة .. لقد قطعت ريم شوطاً كبيراً مع صديقتها فهي تزورها يومياً منذ شهر وتتحدث مع طيف الفتاة التي اما تجلس في حديقة منزلها او غرفتها .. سرحانه او توهم من يتحدث معها بالاصغاء بعيون حزينه .. وكل من يسألها كيف حالها .. ؟ تخبره : انها لايمكن ان تكون افضل حالاً من الآن ابداً ..!!
:
:
اقتربت ريم مبتسمة ترفع المرح في صوتها علها تصيب غادة بالعدوى وضعت الكوب على الطاولة : قهوة سوداء لـ صاحبة المزاج الاسود ..
ابتسمت غادة لذكرى ليلة شتوية في منزل عائلتها واخذت الكوب .. لكن صوت من خلفها لاحدى زميلات الدراسة التي فقط علمت تواً بزواج غادة من رجل الاعمال المعروف وقالت بصوت مرح : اخيراً شرفت حرم ماجد العالي ..
قفزت غادة من الصوت او الاسم مما جعل الكوب يقع من يدها لينتثر السائل الاسود في الارض ..
:
:

جلست ام فيصل في الصالة تنتظر ابنتها فهذا وقت عودتها من الجامعة .. وكالعاده يسبق نجد وفيصل غادة بالحضور .. غادة !! منذ عودتها من زوجها لها اكثر من شهر لكن لم تكون الفتاة التي ذهبت هل كانت متعلقة بـ الحمل لدرجة ان الاجهاض يجعلها في حالة الصمت الگئيبة هذه .. لقد ذهبت بها لطبيبة نسائية التي قالت انها تعرضت للاجهاض بطريقة بدائية .. هل عانت عنف من زوجها مما جعلها تجهض ؟ هذا اقرب شيء نظراً لأن من احضرها اخوه وليس هو ؟ لماذا لاتخبر والدتها التي تلح عليها وتموت قلقاً لكن مايجعلها تصمت هو امتلأ عيونها بالدموع فور سؤالها.. ستنتظر حتى تتماثل للشفاء تماماً خاصة ان الطبيبة اخبرت والدتها على حده ان كثير من النساء تتعرض لاكتئاب بعد الإجهاض واحيان بعقدة ذنب ..
ابتسمت عند سماع صوت ريم التي احياناً تأتيهم بدون موعد لرفع معنويات غادة ..لن توفي هذه الفتاة جميل وفائها ابداً زارنها كل من مها ومشاعل اكثر من مره لكن ريم كانت ملازمة لها ..
ام فيصل : هلا والله
ريم : هلابك خاله
غادة : هلا قلبي ( وقبلت رأس والدتها )
ام فيصل : هاه كيف اول يوم دوام ؟
غادة : الحمدلله بفضل البنات اقدر ألحق الي فاتني ..
ريم : يالله بما اني وصلت السندريلا بالسلامة باروح استودعكم الله ..
ام فيصل : لا لا تغدي مع غادة عامله حسابك والله ..
ابتسمت ريم للسيدة الفاضلة التي نشأت بينهما علاقة وطيده في الشهر الاخير : خلي غادة تتغدى مع اخوانها طول الطريق مزعجينها يقولون مانتغدى الا لما تجين .. مع السلامة ..
وخرجت ..
غادة : باجيب الغداء انا ..
لتلمس والدتها كتفها لتجلس : باجيبه انا ونجد انتي ارتاحي ..
صوت فيصل ونجد القادمان ركضاً كان كل ماتحتاجه غادة لتشتيت افكارها
نجد : هلا متنا جوع يالله
فيصل بضحكة : هاوشوك الادارة لانك غبتي ؟
غادة بابتسامة : لا قلت لهم انا اخت فيصل وسامحوني ..
يجرحها التجاوب مع مزاحهم وضحكهم كأنها لاتريد لهذه السحابة ان تنجلي گأنهم ينتزعون الكلمات من جوفها بخطاطيف حديدية كأن الاحزان التي خرجت منها باب وهي لم تغلقه .. ولاتستطيع اغلاقه ..
عندما ذهبت لغرفتها اخيراً شعرت كأنها وجدت نفسها .. مع عائلتها لاتكون هي بل دميه تتعب من الابتسامة المغتصبة والاهتمام المصطنع .. والاحاديث المتفائلة .. واكثر مايؤلمها النظرات المتفهمة .. هنا في وحدة غرفتها تجد غادة ... التي تريد التعرف عليها من جديد .. عرفت عن نفسها مبدئياً انها اصبحت لاتستطيع الجلوس في مكان ذو نوافذ صغيرة او بباب مغلق .. طالما استغربت هرب ماجد من الجدران الصماء
والنوافذ الصغيرة .. الان عرفت السبب .. الخوف من المجهول .. النافذه تعطيك ولو مجازياً رؤية .. مابعد .. ما يلي .. ماخلف هذا الجدار يصبح مكشوفاً لك .النافذه الكبيرة تعطيك صلة بالخارج. لكن بدونها لاتعلم اهو سواد او بياض ماخلف الجدران .
تذكرت سلطان بابتسامة حزينة عندما ركبت معه السيارة ذات الجلد الابيض من الداخل ورأتها تتصخ بـ الماء بكت حرجاً بصوت افزعه التفت لها وقال : انتهى كل شيء ياغادة وانا اخوك وانتي الحين حرة !!
غادة : انا تعبانة ياسلطان ..!! ماجد نزل البيبي !!
لتنزل نظراته لاسفل حيث ملابسها القذره ثم فوراً ذهب بها لمنزله القريب واتصل على فتاة ناداها بنهلة لتأتي.. كان يسترق النظر لغادة وهو يقود السيارة ويتحدث مع الفتاة بصوت خافت حتى وصلوا منزله ..
وفي منزله كانت هناك فتاة لطيفة استقبلتها و طلبت منها ان تستحم وسرحت لها شعرها وساعدتها في ارتداء ثياب نظيفة واعطتها ماتحتاج في ظرفها هذا واخيراً عبائة نظيفة .. وغادة تنظر لها بامتنان تريد ان تحفظ ملامح كل من مد لها يداً في هذا الوقت .. ثم تذكرت الشيء الذي لم تتوقعه من الفتاة بعد ان وقفت غادة بتعب اذ احتضنتها وقالت : تقومين بـ السلامة وبيعوضك الله ان شاء الله .. هذا ابتلاء من الله يخف بالحمد والشكر على كل مااصابنا ويمر بالرضا بالقدر خيره وشره ..
ان تتقاسم لحظة خاصة حزينة كانت او سعيدة مع شخص لاتعرفه .. احساس جديد على غادة ..!!

قبل الوداع ارجوك لا تذكريني للكاتبه البارونهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن