الفصل التسعون

41.3K 2.6K 711
                                    


مساءكم ورد وخير يا رب ..

دي تكملة لباقي فصل يوم الثلاثاء القصير ..

لو متواجدين استمتعوا بالأحداث، لو لأ هنتظرتعليقاتكم الجميلة  في الصباح

الفصل التسعون

النظر في عينيها في تلك اللحظة الفارقة، كان كالتمتع بجنة الإله على الأرض، كالتحليق في فضاءٍ فسيح عامر بما يخطف الأنظار. سرق نظرة أخرى من قطعتي الفيروز، سرى تأثيرها في عروقه كما تسري في الروح الأنفاس. أكمل "تميم" هبوط درجات السلم، وقلبه يدق في فرحة، آلامه الساكنة في عظامه خفت حدتها مع ما اكتشفه اليوم من حقائق ربما أعادت له الأمل المفقود. وما إن خرج من المدخل هتف آمرًا في سائق سيارة الأجرة:

-ماتطلعش، استنى.

لم يجادله الأخير، وأبقى على المحرك دائرًا وهو ينتظره خلف عجلة القيادة، في حين امتدت يد "تميم" ليفتح الباب الخلفي، والتفت ناظرًا لكلتيهما، ليستطرد قائلاً:

-اتفضلوا.. على مهلكم.

نظرة ثالثة نالها من "فيروزة" عن قربٍ أشد، وهي تلحق بتوأمتها، جعلت النابض بالحياة بين ضلوعه، يرغب في التحرر من القيد المفروض عليه. شعر بابتسامةٍ مرحة تداعب ثغره فشل في تخبئتها، وكيف له ألا يضحك والاشتياق تغلب على حزنه؟ استقر في مقعده بعد دقيقةٍ مخاطبًا سائقه:

-هنروح على بيت الجماعة الأول.

رد السائق مؤمئًا برأسه:

-حاضر يا معلم.

يبدو أن الحظ قد عرف الطريق إليه، فجلوس "فيروزة" خلفه، جعل جانبًا كبيرًا من وجهها يظهر في مرآة السيارة الجانبية، ورغم شرودها في تأمل الطريق، إلا أن كان لذلك ميزة خطيرة في التنعم بتأملها دون مقاطعة، مناجاة شديدة الرجاء للمولى تضرع بها في تلك اللحظة تحديدًا آملاً أن تسترد روحه ما افتقدته، همسه الراجي خرج من بين شفتيه عفويًا:

-يا رب.

ظن السائق أنه يُحادثه فتساءل مهتمًا:

-بتقول حاجة يا معلم؟

أجاب نافيًا، وعيناه معلقتان بها:

-لأ، ركز في سكتك.

أمسكت به "فيروزة" تلك المرة وهو ينظر لها بنظراته الساهمة، تلبكت، ورمقته بنظرة غامضة احتوت بداخلها على حزنٍ عميق، قبل أن تدير وجهها لتواصل تحديقها في الطريق. للوهلة الأولى استطاع قراءة ما غلف نظراتها دون كلام، بدا له أن لعينيه قدرة خاصة نفذت إلى روحها، فكشفت الغطاء عما يخيفه قلبها من ألم ومعاناة تقاتل لإخفائهم في أعماقها المهزومة. شتته عن تأملها الفضولي الطويل صوت السائق المتسائل:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن