الفصل مائة وتسعة

47.3K 2.9K 1K
                                    


باعتذر عن التأخير يا غاليين


الفصل مائة وتسعة

استمر التردد يمسك بخطواته وهو يتجول في الردهة الطويلة، كمتنفسٍ متاح لإفراغ انفعالاته المتوترة المكتوبة بداخله، ريثما يخرج أحد الأطباء لطمأنته عليها. أحس "تميم" بمطرقة تهوي على رأسه كلما تذكر رؤية وجهها المخضب بالدماء بعد فُقدانها للوعي، أين اختفت الضحكات النضرة؟ أين ذهبت الأحلام والتطلعات؟ تحول البهاء إلى شحوبٍ وقهر. اعتصر الألم صدره، وضغط على قلبه فبات على وشك البكاء حسرةً عليها. تتبع والده حركاته العصبية بعينين متفرستين، ثم ناداه عاليًا:

-تعالى يا "تميم" جمبي، ارتاح شوية، بلاش الخايلة الكدابة دي.

اعترض عليه وهو يستدير ناحيته ليخاطبه:

-مش قادر يابا.

رد "بدير" بهدوءٍ محاولاً تخفيف حدة التوتر المعكوس عليه:

-إن شاءالله الدكتور يطلع ويطمنا.

أخبره ابنه بما يدور في رأسه من هواجس جعلت معدته تتقلص وهو يفرك كفيه معًا:

-خايف يجرالها حاجة، ولا تـ.. تروح مني ..

بنفس النبرة المطمئنة قال له عن يقين عظيم:

-إن شاءالله هتعدي منها، حط أملك في ربنا.

رفع "تميم" أنظاره إلى السماء، والدموع تنفر من عينيه، ثم تنهد هامسًا بخشوع:

-يا رب احفظها ليا.

اضطربت كامل حواسه، واضطرم في فؤاده الخوف عندما رأى الطبيب مقبلاً عليهما، تحرك في اتجاهه، كما نهض والده أيضًا من على المقعد المعدني، وقبل أن يبادر "تميم" بسؤاله عنها؛ كان الطبيب الأسبق في الاستفسار:

-إنتو قرايب المريضة؟

أكد عليه دون تفكير:

-أيوه...

ثم غلف التلهف صوته وهو يسأله:

-هي مالها يا دكتور؟

دار الطبيب بنظراته بين وجهيي الاثنين، وخاطبهما بتمهلٍ، محاولاً شرح طبيعة حالتها:

-من الناحية العضوية مافيش حاجة مقلقة، يعني الجرح اللي في رأسها بسيط، ومع الوقت هيخف...

استشعر "تميم" بقلبه أن القادم في حديثه يحمل سوءًا، وصدق حدسه عندما تابع مسترسلاً في إيضاحه:

-للأسف هي في حالة انهيار عصبي شديد، ولازم تفضل تحت الملاحظة لكام يوم.

سأله "بدير" مستفهمًا:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن