باعتذر عن تأخيري الاضطراري ..
الفصل الثمانون
برودها المشهودة به، تبخر مع رؤيتها لوجهٍ، بات مصحوبًا بلعنة فقدان أولادها، انفلتت أعصابها، وفقدت كامل قدرتها على التحكم في تصرفاتها، اندفاعها الأهوج نحو الثلاثة كان كفيلاً بإثارة الفضول. اِربد وجه "حمدية" بعلامات الغضب المخيفة، كما برزت عيناها بغلها الحقود، صرخت "رقية" مع اقترابها منها؛ معتقدة بشدة أنها تريد افتراسها، بأنيابها الحادة التي تظهر من بين شفتيها، توارت خلف "همسة"، وتلك الرجفة تصيب جسدها، خاصة مع صراخ "حمدية" بها، بأنفاسٍ كانت كفحيحٍ من النار:
-جايبين دي هنا ليـــــه؟!
تقدمت "همسة" بجسدها دافعة الصغيرة خلفها، ونظرت إلى زوجة خالها بتوترٍ قلق، ما ضاعف من تلبكها اتجاه أنظار الحاضرين إليها، وشعرت بالتخبط وبتلعثمٍ عظيم يجتاح لسانها، عندما ردت عليها؛ وكأنها تدافع عنها:
-هي مالهاش دعوة بحاجة.
على عكسها اعترت الدهشة الممزوجة بالحيرة ملامح زوجها، فعلى الأغلب، ومن البديهي للجميع، أن "حمدية" لم تلتقِ بالطفلة من قبل؛ وربما إن تقابلت معها مصادفة في الطريق، لم تكن لتتعرف إليها، إذًا لماذا كل هذا الغضب تجاهها؟ لم يدع حيرته تشغله كثيرًا، وسألها مباشرة:
-هو إنتي عارفة دي مين يا حاجة؟
انتبهت له "حمدية"، ونظرت له بعينيها الحمراوتين، فأكمل "هيثم" جملته المتشككة:
-أصل عصبيتك عليها مالهاش تفسير عندنا.
بلعت ريقها، وكظمت غيظها مضطرة، بعد أن تداركت خطئها الأرعن، والذي من المحتمل أن يثير التساؤلات أيضًا، التفتت بظهرها نحو الحشد المتجمع، وبدأت فاصلاً جديدًا من اللطم والعويل:
-عيالي ماتوا، ومحدش حاسس بالنار اللي أنا فيها، ده مش واحد ولا اتنين، دول التلاتة في غمضة عين.
وبالنفس الأسلوب المتسول لمشاعر الغير، نجحت في اكتساب تعاطف المتواجدين، فالتفوا حولها يرثونها بكلمات المواساة المستهلكة، علَّ حزن قلبها المحترق يهدئ قليلاً.
على الجانب الآخر، تجمدت أنظار الطفلة عليها، بقيت محدقة بها بخوفٍ مرتاع، متذكرة ملامحها المألوفة عليها، ربما رأتها لمرة واحدة؛ لكن تجهم وجهها الحاقد، المليء بالغلٍ، لا يمكن نسيانه، انكمشت على نفسها مجددًا، واختبأت خلف "همسة" التي محاولة عدم النظر في اتجاهها، وإن خانتها النظرات.
تابع "هيثم" انسحــاب "حمدية" مع بعض المعزيين، وعودتها لمكانها بالسرادق بنظراته المليئة بالشك، استدار ناظرًا إلى زوجته معلقًا بفضول:
أنت تقرأ
الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️
Romanceشابة طموحة تحاول شق طريقها بسواعدها؛ لكن تواجهها بعض العقبات أثناء تحقيق حلمها، بداية من ذاك الشاب القوي، ذي الماضي المظلم، والذي خرج لتوه من محبسه، بعد سنوات عجاف قضاها في السجن. ساهم في تحطيم مشروعها، دون أن يتورط شخصيًا في ذلك، كان المتهم الأول ف...