الفصل الثالث والتسعون

45.6K 2.7K 1.5K
                                    


مساء الورد على الحلوين ..

الفصل الجديد في الطريق إليكم

دعمكم الحلو بيفرق كتير، شكرًا على كل حاجة حلوة ..


الفصل الثالث والتسعون

في الاستقبال الواسع، جلس كلاهما بالقرب من باب المنزل الخشبي، ليتركا مساحة من الخصوصية لأصحابه، ليتمكنوا من التحرك بأريحية، دون الشعور بتطفل غيرهم عليهم. وما إن انصــرف الطبيب بعد تلقي الجميع البشارة حتى نهض الجد "سلطان" واقفًا، وأخبر حفيده الجالس معه بلهجته الجادة:

-خليك معاهم يا "تميم"، جايز يحتاجوا حاجة كده ولا كده.

هب واقفًا على قدميه، ومستندًا بيدٍ على عكازه الطبي، ثم أومأ برأسه مرددًا في طاعةٍ واضحة:

-ماشي يا جدي، اللي تشوفه...

بدأ الجد في السير المتهادي نحو الباب، فتبعه حفيده مضيفًا:

-أنا مستني الواد من الدكان يجيب الدوا اللي الدكتور طلبه.

علق في استحسانٍ:

-كويس...

وأضاف مشددًا عليه بابتسامةٍ وقورة:

-وخلي الواد "هيثم" يعدي عليا، قوله جدك عاينلك حلاوة البشارة.

لاحت ابتسامة لطيفة على محياه وهو يقول:

-ربنا يباركلنا في عمرك يا جدي.

ربت "سلطان" على كتف حفيده، وخاطبه بلهجةٍ ذات مغزى:

-وعقبال ما تبشرني إنت كمان.

لم يبدُ "تميم" خجلاً تلك المرة، بل خرج صوته مُنيبًا راجيًا:

-يا رب.

هز الجد رأسه بإيماءاتٍ صغيرة، وهو يختتم حديثه:

-كله على الله، سلامو عليكم.

بادله تحية الوداع قبل أن يغلق الباب في إثره:

-وعليكم السلام.

عاد ليجلس في مقعده، وانتقى تلك المرة ذاك القريب من الباب، موليًا ظهره لمن بالداخل، حتى لا يبدو وجوده مزعجًا، التهى بإجراء بعض المكالمات الخاصة بالعمل، والتأكد من إتمام نقل حمولات البضائع لأصحابها. شتت تركيزه هذا الرنين المتكرر لهاتف محمول بدا قريبًا منه؛ لكن صوته كان مكتومًا إلى حد ما، وكأن شيئًا موضوعًا عليه يمنع صدوره بوضوح. أرهف السمع ليحدد مكانه، نهض باحثًا عنه، فوجده بالفعل موصولاً بالشاحن على قطعة (الدريسوار) الملاصقة للحائط، ومن فوقه أحد المفارش، أزاحه عنه، وحملق بعينين متسعتين في الاسم الذي أضاء الشاشة، وأنعش قلبه بنبضٍ زائد؛ "فيروزة". أحس بنوبة من الحماس والنشاط تجتاحه، بتدفق الدماء الغارقة في العشق في كافة شرايينه، تستحثه على الرد عليها، ظهر التردد عليه، وتساءل مع نفسه بصوتٍ خفيض، يعبره عن حيرة مصحوبة بربكةٍ بائنة على تصرفاته:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن