الفصل مائة وأربعة

39.7K 2.7K 792
                                    


مساءكم زي الورد ...

ده فصل قصير تكميلي تلبية لرغبة القراء


الفصل المائة وأربعة

منديل الرأس، أول ما وقعت عليه نظراتها المندهشة، أيعقل أن يكون ذلك خاصتها؟ التقطته بيدها المرتعشة من فرط انفعالها، وقربته من عينيها لتتأكد منه، ارتفع نهجان صدرها مع رؤيتها للبقية بقاع الدرج، اتسعت عيناها على آخرهما وهي تكاد لا تصدق ما تراه. قبضت "فيروزة" على متعلقاتها براحتها، وتساءلت في صدمةٍ حائرة:

-إيه اللي جاب دول هنا؟

تشتت تفكيرها للحظاتٍ وهي محدقة في أشيائها، باعدت عينيها عنهم لتدور بهما حول الغرفة في نظرة شاملة تمسح بها تفاصيلها، وكانت صدمتها الأخرى، إنها بغرفة "تميم"، الآن تذكرت أنها رأتها من قبل، عندما وقفت أمام بابها، خلال الاحتفال بميلاد الرضيع "سلطان". انتفضت واقفة عن الفراش، وكأن عقربًا لدغها، وحالة من الذهول والإنكار مسيطرة عليها، أطبقت بأناملها المتشنجة على متعلقاتها، واعتصرت عقلها عصرًا لتتذكر أين فقدتهم؛ لكن في خضم ما تمر به الآن، لم تسعفها ذاكرتها، وبات الأمر عسيرًا عليها، فقط شيئًا واحدًا طغى على السطح، اتهامات "خلود" لها بمحاولة سلب زوجها منها بطرقٍ ملتوية، جال ببالها أن تكون قد رأت منديل الرأس والمشابك. قفز قلبها في رهبةٍ، وزادت مخاوفها، نطق لسانها بما يستحوذ على كامل تفكيرها:

-لأحسن تكون شافت الحاجات دي، وفكراني آ...

لم تستطع إتمام جملتها خوفًا من تصديق ذلك الاعتقاد الخطير، وإن لم يكن صحيحًا! تراجعت مبتعدة عن كل ما له صلة بـ "تميم"، لتهرع نحو الباب قاصدة فتحه، وهاربة مما قد يسيء إليها، خرجت من الغرفة سريعًا، واتجهت عائدة للصالة، تحدق بعينين مفزوعتين لظهر الجد "سلطان"، وحفيدته "هاجر"، ومن خلفهما "ونيسة"، الوضع أصبح متأزمًا للغاية، كارثة أكيدة على وشك الحدوث. ظلت متجمدة في مكانها، لم تبرحه، وصوت لائم يتردد بداخلها:

-هو أنا عملت إيه؟ ورطت الناس دول معايا ليه؟ هما ذنبهم إيه؟

.................................................

من كل حدبٍ وصوب، جاءوا معه سائرين، وركابًا، لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، بعد تلقيه لمكالمات جمة من غالبية الجيران، لإخباره بالوضع المتدهور بالبناية. صوت احتكاك مكابح السيارات كان كفيلاً بإثارة الرعب في النفوس، ترجل "تميم" من سيارته دون أن يأبه بغلقها، وهرول ركضًا آمرًا عماله بصوت جهوري رن صداه المخيف في أركان المنطقة، وهو يُلقي بسلسلة حديدية لأحدهم:

-باب العمارة يتقفل من برا بالجنزير، محدش لا يدخل ولا يخرج، سامعين!

رد عليه العامل مبديًا طاعته الكاملة بنبرته الخشنة:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن