الفصل التاسع والتسعون

40.3K 2.6K 928
                                    


مساءكم ورد ..

باعتذر عن عدم نشر الفصل بالأمس، لأن كنت مع ابني لوقت متأخر عند الدكتور، الحمدلله هو أحسن النهاردة..

بشكركم على سعة صدركم، ودعمكم


الطاووس الأبيض


الفصل التاسع والتسعون

لحظات من التشتت الذهني عاشها بمفرده، وهو يسترجع شريط الذكريات، وكأنه يُنشط ذاكرته بما أراد تناسيه بعد وفاتها. إحساسه بالندم، وتأنيب الضمير اضمحلا بدرجة كبيرة، حتى شعوره بالإشفاق عليها لقتلها بشكلٍ مأساوي أصبح غير موجودٍ، فمن كانت في يومٍ ما زوجته، لم تملك نية الإخلاص في البوح بالحقائق المصيرية التي تخص كلاهما، متجاهلة حقه الشرعي في معرفة ذلك، ربما كان في موتها رحمة للجميع!

جعلته صدمة المفاجأة حانقًا على ما هو متعلق بها، بدا "تميم" ناقمًا على كذبها وخداعها، بل والأسوأ من ذلك، قدرتها العجيبة على إلقاء التهم الباطلة على الأبرياء، غير عابئة بالظلم الواقع على غيرها. زاد الاشتعال في صدره، وجعل معدته تتقلص من الاحتراق، تنفس بعمقٍ ليهدئ من الانفعالات الثائرة المتجمعة بداخله، طوى الأوراق الموجودة بين يديه، وخاطب نفسه في سخطٍ:

-مالوش لازمة العتاب واللوم.

ضغط على شفتيه كاتمًا أنفاسه الغاضبة، ثم حررها دفعة واحدة، وتابع حديث نفسه:

-كل واحد خد جزائه في الآخر.

انتصب بكتفيه، وبحرصٍ ما زال يلازمه نهض عن الفراش برويةٍ، ليتحرك بعدها في اتجاه التسريحة واضعًا الأوراق بأحد الأدراج العلوية. عقد "تميم" النية على تجاوز تلك المرحلة المتخمة بكل تلك الأحداث الموجعة، وأكد لنفسه من جديد، كنوعٍ من التحفيز المعنوي:

-خلينا نركز في اللي جاي.

تلقائيًا تجسد طيف وجه طاووسه في مخيلته، جاعلاً البسمة تزحف على شفتيه، خاصة مع اعتصاره لعقله ليستعيد ذكرى رؤياها عن قربٍ، فكانت السلوى له في عزلته الإجبارية، وهونت عليه ما اعترى صدره من آلام وأحزان. تلاشت صورتها الناعمة حينما ورده اتصالاً هاتفيًا من والدته، فأخذ نفسًا عميقًا يشحذ به قواه استعدادًا لمكالمة طويلة يسرد لها عبرها عن تفاصيل يومه المشحون بأحداثٍ وهمية، على أمل أن تنطلي عليها حجة انخراطه في العمل.

.........................................................

إلحاحه العنيد، وتمسكه بتلك الرغبة الغريبة في الزواج بابنة عمه، بدلاً من رأب الصدع مع زوجته السابقة، جعل والده يستنكر محدودية تفكيره، وانسياقه وراء ما اعتبرها نزواته اللحظية. حدجه "اسماعيل" بنظرة دونية مليئة بالغل، وهدر به يوبخه بصوته المرتفع:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن