الفصل الحادي والثمانون

40.2K 2.4K 568
                                    


في البداية شكرًا على دعوات حضراتكم الطيبة بالشفاء، وباعتذر عن تأجيلي بالأمس لتعبي الشديد..

الحمدلله أنا النهاردة أحسن شوية، وحاولت استغل وقتي كده بكتابة جزء من الفصل، اعذروني لو كان قصير، بس ده شيء تعويضي بسيط ..

قراءة ممتعة


الفصل الحادي والثمانون

إنجابها لا يعني بالضرورة عشقها لصغارها، ورغبتها في الفوز بلقب الأم الحنون؛ لكنه كان لإثبات أن بأحشائها أرض تصلُح للإنبات، ولهذا ألقت بعبء تربية أولادها على شقيقة زوجها، فكانت الأخيرة لهم أمًا بلا رحم، وكانت الأولى لقبًا بلا حق. وقفت "حمدية" في مكانها، وتركيزها بالكامل على "اسماعيل"، تشكو له هوانها المستضعف، ووحدتها القاتلة، علَّه يشفق عليها بعاطفةٍ تمنت أن تكون لها يومًا، لهذا لم تنتبه لـ "هيثم" الذي هرول ركضًا لمقابلة المحقق دون ميعادٍ مسبق، مُصرًا بحزم على البوح بشكوكه إليه.

في الطرف الآخر من الردهة الطويلة، استندت "همسة" بظهرها على الحائط الرمادي البارد، تحملق في بابٍ أُغلق خلف زوجها، تدعو الله بإخلاصٍ شديد، أن يجعله أحد أسبابِ نجاة والدتها، تأهبت في وقفتها وقد رأت شخصًا يرتدي حلة رسمية، يُعرف بنفسه كمحامٍ مكلف بمتابعة تحقيق أمها، ذاك الذي أرسله "بدير" للوقوف إلى جوارهما، تهللت تعابيرها المتجهمة قليلاً؛ لكنها لم تتمكن من الحديث معه، بسبب دخوله للحجرة لمعرفة التفاصيل. ظلت باقية في مكانها تترقب خروج أحدهما من الداخل لطمأنتها؛ لكن اكفهرت ملامحها مع إزعاج "فضل" السمج لها، عندما سألها بسخافته غير المحتملة:

-واقفة لوحدك ليه؟ وفين النطع جوزك؟

رمقته بنظرة حادة، قبل أن ترفع إصبعها أمام وجهه تحذره، بجراءة تفاجأت من وجودها بها:

-"فضل" أنا مش ناقصة كلام يحرق الدم، ابعد عن وشي السعادي.

تحدث من زاوية فمه بمزيدٍ من الهراء المستفز:

-الحق عليا اللي سايب حالي ومالي وجاي أشوف اللي حصل لأمك.

ردت بحدةٍ أكبر:

-متشكرين، مكونتش تتعب نفسك.

ابتسم قليلاً، قبل أن يكمل ظرافته السمجة:

-وأديني جيت.. بس يكونش جوزك راح يجيب عيش وحلاوة، ما هو أمك باين هتطول في التخشبية كتير.

خرجت عن شعورها مع تهكمه الصارخ، وهاجمته بعصبيةٍ لفتت بها الأنظار:

-إنت إيه؟ معندكش دم؟ جاي تتريق على أمي وهي في الظروف دي؟

في تلك الأثناء، فُتح باب الغرفة، وخرج "هيثم" من الداخل، ليتفاجأ بانفعالِ زوجته، لم يضبط نفسه، أو يتريث لمعرفة التفاصيل، بل اندفع بغضبٍ شحذه ضده مسبقًا، نحو "فضل" ليلكزه بكوعه في أنفه، فآلمه بشدةٍ، وجعله ينزف الدماء من فتحتيه، ثم مد قدمه ليعرقله في لمح البصر من ساقه، وطرحه أرضًا، وسط ذهول المتواجدين. كان "هيثم" على وشك أن يجثو فوقه ليكيل له ما يستحق من لكماتٍ، لولا أن تجمع أفراد الأمن حوله، وفصلوا بينهم.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن