الفصل مائة وأحد عشر

39.9K 2.5K 415
                                    



مساءكم زي الورد، باعتذر عن التأخير .. كان عندنا زيارة عائلية مفاجئة، وده أدى إن كان في احتمال تأجيل للفصل، لكن حاولت والله أكتب جزء منه .. والباقي بكرة بأمر الله

باعتذر عن تقصيري غير المقصود

وشكرًا لتفهم حضراتكم


الفصل مائة وأحد عشر

الوفاء، الاعتزاز، الحنين، الاشتياق، والإخلاص العميق كلها سماتٍ استشعرتها بصدقٍ خلال حديثه المسترسل عن حياته السابقة، لم تكن "فيروزة" مهتمة في البداية بما يخبرها به الجد "سلطان"؛ لكن لمحة التأثر الظاهرة في صوته، وأيضًا في عينيه، نفذت إلى قلبها، وجعلتها تشعر بما يكنه في صدره من مشاعر غير مزيفة. نصائحه المتوارية، وتلميحاته المبطنة، كانت كإشاراتٍ خفية لإرشادها نحو الطريق الذي انحرفت عنه بفعل الضغوطات النفسية المتعاقبة عليها، ناهيك عن التذكار الذي تلقته من حفيده على وجه الخصوص، بدا مفاجأة غريبة ودافعة للفضول في نفس الآن. حملقت فيه بين الفنية والأخرى لوقت طويل، تستعيد مع تلك النقشة مواقف عايشتها جمعت بين الحزن والفرح؛ لكنها رمزت إلى قوتها، إلى تمردها، إلى صمودها، إلى معافرتها حتى تقف على قدميها.

أطبقت "فيروزة" بأناملها على الميدالية، كأنما تحاول استمداد قوتها منها، سرعان ما ارتخت قبضتها عنها، وشعرت بالوهن ينخر في روحها، فأغمضت عينيها تاركة فيضًا من الدموع ينساب من طرفيها؛ كانت مستنزفة القوى، زاهدة في مقاومتها، أرادت استعادة ما كانت عليه؛ لكن أين السبيل لهذا الطريق وهي تشعر بالوحدة والوَحشة؟!

.....................................................

انقضى على تلك الزيارة يومان، ومع هذا ظلت آثارها حاضرة، دومًا تصدح كلمات الجد في رأسها خلال استغراقها في التفكير، لتذكرها أنها ليست الضعيفة المستكينة لتستسلم هكذا، وفي نومها فتشت بداخل أعماقها المظلمة عن ذرة صمودها؛ لكنها ضلت عن دربها، وكادت تيأس من بلوغها، لولا أن رأته حاضرًا لأجلها، خفقة لذيذة أنعشت فؤادها، وأيقظت ما كان في الوجدان كامنًا، استيقظت "فيروزة" من نومها في حالة غير الليالي السابقة، بدت هادئة، منتبهة لما يدور من حولها، أحست أن شعورها بالخذلان قد خبا قليلاً عن السابق؛ وإن ظل ملازمًا لها.

تحولت أنظارها نحو باب الغرفة حينما أطلت "علا" منه أولاً، وهتافها المرح يقول:

-"فيرو" حبيبتي، وحشتيني أوي...

تقدمت نحو فراشها، ولمحت بطرف عينها شقيقها يتبعها، مالت عليها الأولى لتحتضنها وهي تواصل سؤالها باهتمامٍ:

-عاملة إيه النهاردة؟

شملتها بنظرتها، وأضافت:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن