ركضت الطفلة فور هبوطها من الحافلة المدرسية نحو أبيها ثم توقفت فجأة و دارت حول نفسها و لوحت بيدها الصغيرة بقوة لذاك الطفل القابع بصمت داخل المقعد المجاور إلى النافذة و الذي سرعان ما انفرج ثغره بابتسامة مشرقة و رفع يده يبادلها التحية و عينيه ثابتة فوقها إلى أن انصرفت الحافلة و ابتسمت ابنته تواصل ركضها إليه بحماس لتستقبلها أحضانه بحنان أبوي فريد من نوعه عانقت أبيها فور صرختها باسمه التحببي "حليوة ! " ثم تركته يحمل حقيبتها الصغيرة و تمسكت بعنقه بإعلان صريح منها بعدم رغبتها بمغادرة تلك الأحضان الحانية ...
فطرة خلقنا الله عليها أدركت الصغيرة أن تلك اللحظات لن تُعوض لن ترَ ذاك الدفئ و الإحتواء سوى داخل أحضان بطلها الأوحد !
ليت كل أب على قيد الحياة يُدرك مدى احتياج صغيرته إلى ذاك الدفئ .. ليت كل أب عانقه التراب يعود لحظات لنعانقه بأرواحنا قبل أجسادنا ! ليت الحبيب الأول يُدرك أنه بداية كل شيئ إن أحسن إلى صديقته الصغيرة لن تتمنى عناق الحبيب الثاني !! ليت الأب يُتقن دوره و يُدرك عظمة مكانته ليت و ليت .. وتظل حقيقة واحدة تُدركها كل فتاة سواء تمتعت بحنان الأب أو عانت حرمانه أن الأب هو بطل الرواية به يبدأ كل شيئ و عنده ينتهي كل شيئ !
أسندت وجنتها الصغيرة إلى كتفه فور أن طبعت قبلتها الترحيبية فوق ذقنه تُنصت إلى حديثه حيث تشدق قائلاً بلطف و هو يربت فوق ظهرها :
- مين ياچوچي الولد الجميل اللي شاورتي ليه بعد ما نزلتي ؟!
ابتسمت الفتاة و رفعت وجهها تراقب ملامح أبيها و كأنها تحاول استكشاف مدى الرضا داخل مُقلتيه عن فعلتها لينفرج ثغرها ببسمة صغيرة حين وجدته يطالع هاتفه بهدوء و يعبث به إلى أن وصلا إلى باب المنزل الخاص بهم ، قالت بحماس و هى تطالعه بنظرات بريئة :
- ده عمر معايا في الكلااس !!
ابتسم و دلف إلى المنزل فور أن فُتح الباب و أكمل حديثه معها و هو يُغلق هاتفه و يطالعها باهتمام قائلاً :
- اممم و اشمعنا عمر بقا شاورتي ليه مخصوص !
كادت تُجيبه بحماس و هى تهبط أرضاً تركض نحو والدتها التي استقبلتها داخل أحضانها و قبلت وجنتيها ثم اتجهت إليه تقبل وجنته بخفة قائلة تقطع حديث الصغيرة دون قصد :
- حمدلله على السلامة ياحليوة ..
وضع قُبلة دافئة بمنتصف جبتها ثم فوق وجنتها و هو ينظر إلى ابنته حيث قالت مُجيبة تساؤله :
- عشان عمر النهاردة ضرب مازن لما شد شعري !
اقترب "يوسف" يُمسك يدها برفق و يجلس فوق الأريكة جاذباً إياها لتجاوره وهو يقول بهدوء :
- قوليلي ياچوچي عارفه أنا بحبك قد إيه ؟!
هزت الطفلة رأسها بالإيجاب و هي تفتح ذراعيها و تُحيط عنقه قائلة :
أنت تقرأ
أصفاد مخملية الجزء الثاني من "حصونه المُهلكة" و "لهيب الهوى"
Randomأدركت أن حصونك أشد الحصون هلاكاً و لهيبك يُشعل قلبي و يسلب نبضاتي و كأن خفقان ذلك القلب يصرخ بك في كل لحظة أن لك الحصون و لك اللهيب و ليِ الأصفاد المُقيدة لروحك و قلبك ؛ لتعلم أن داخل تلك الحصون نيران روحي المشتعلة و نهايتها قيود .. بل أصفاد أفرضها...