الفصل الخامس و العشرون "وِصال ! "

24.9K 1.4K 140
                                    

انتهت ليلة رائعة داخل ذاك القصر المنيف ، ليلة دبت الروح مرة أخرى داخله مع تلك الضحكات التي تراقصت بالأجواء و الأحاديث و المواقف الطريفة و الغريبة التي كان يقصها كلًا منهم وكأن قلبه الذي يروي تلك القصص لم يرَ حزنًا يومًا ما ، ساعات قليلة كانت كافية ليعم الدفئ المكان و يعمر القلوب محبة خالصة كان الجميع بحاجتها !

تجاوز الوقت مُنتصف الليل وغادر "فهد" جناحه الخاص فور أن اطمأن أن زوجته تغط بالسبات العميق ! وصل إلى المكان المنشود و أدار المقبض بهدوء يدلف إلى داخل تلك الغرفة المظلمة ، سرعان ما أضاء أنوارها ليتضح أمام مُقلتيه المشتاقة معالم غرفة شقيقته !!

وقعت عينيه على تلك الصورة التي جمعتهما معًا حيث تشبثت بأحضانه يومها و كأنه على وشك الفرار منها ، ابتسم لتلك الذكرى ثم أمسك الإطار و تأمله عن كثب متجهًا إلى فراشها يجلس فوقه بهدوء و عقله يجبره على إعادة ذكريات عدة معها و كأن يتعمد إصابته بصميم قلبه المكلوم ، هبطت دمعة دافئة من عينيه قبل أن يًغمض عينيه بقوة و يهمس :

- مكنش لازم تعاندي في آخر مرة ياندى ! المرة دي وجعها أكبر ! هقول إيه لأمنا عن الأمانة اللي سابتها ؟ هقولها معرفتش أكون أخ زي تيم ؟ و كنت فاكر إني بجيبلك الدنيا كلها و أنا بضرك !!! ولا هقولها مقدرتش أحافظ عليها في تاني فرصة ؟ أنا معرفش تستحقي اللي حصلك ولا لأ ! معرفش غير إني موجوع أوي عليكِ ! وعلينا !

فتح عينيه فجأة حين وجد تلك اليد تربت فوق كتفه بهدوء و صوت ابن عمه "تيم" يقول :

- هتقولها إنك كنت أخ بطريقتك يافهد !! و إنك حاولت عشانها وعشان نفسك كتير و مكنش في إيدك تمنع اللي حصل ده قضاء ربنا ! هتقولها إنك حافظت على أمانتها لحد ما ربنا أراد يجمعهم سوا !

نكس رأسه و أردف مستنكرًا :

- حافظت عليها لحد ما وصلتها للقبر مش كدا ؟ كنت أخ بطريقتي معرفتش أمنعها ولا أمنع نفسي من اللي حصل ليكم ! أنا ربنا عاقبني على اللي عملته ! ربنا جاب حقكم مني لما أخدها !

وضع يده فوق قلبه و أغمض عينيه يجهش بالبكاء إلى أن اهتز جسده و أكمل :

- عارف يعني إيه يموت قدامك أقرب حد ليك ؟ أنا شيلتها بين ايديا وهي صغيره ! و نفس الايدين دي دفنتها في القبر !! ندى مكنتش ملاك و مسابتش أثر حلو ليكم بس سابت ليا وجع محدش هيقدر يفهمه و إحساسي بالذنب ناحيتها في كل وقت !

عقد "تيم" حاجبيه و أردف بصوت يخالجه الاختناق :

- أنا عارف و صدقني مستحملتش أتخيل أني أكون مكانك دقايق حتى ! ومين قالك إن ندى سابت أثر وحش للكل ؟ أو حد مننا ارتاح بعد اللي حصلها ! بالعكس ثق فيا يافهد ندى ملهاش أثر وحش عندي و سامحتها من زمان و أسيف أنت مش محتاج أقولك عن قلبها حرف واحد أنت حفظتها ، ربنا أعلم بيكم و عارف أنه مكنش غلطكم ، سواء أنت أو ندى كنتوا ضحايا يافهد ، يمكن لو كان أختلف اسلوبهم زمان كانت العيلة بتاعة النهاردة دي تبقا موجوده كل يوم و كان نصيبنا من الوجع هيكون أقل ، بس صدقني حكمة ربنا أكبر من أننا ندركها دلوقت ، و هو أعلم إننا سامحنا من زمان ، متحاولش تضغط على نفسك أكتر من كدا أنت عملت كل اللي عليك و على قد وجعك ربنا هيعوضك ، مش يمكن البيبي اللي رافضين تعرفوا نوعه دا يطلع بنت و تنجح في تربيتها صح !!

أصفاد مخملية الجزء الثاني من "حصونه المُهلكة" و "لهيب الهوى"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن