الفصل الثاني عشر " لطف ! "

30K 1.6K 181
                                    





جلست "رنيم" فوق الأريكة تهز ساقها بتوتر عصبي .. فور أن عادت إلى منزلها الجديد .. و حصلت على أطفالها أيضاً منه .. بل و حصلت اليوم على جملة صغيرة مؤلفة من كلمتين لا ثالث لهما طالما تمنت أن تسمعها من شفتيه في خلال تلك الفترة العصيبة .. "أنتِ طالق" .. !!!

ارتعش فكها حين تراقصت نظراته الهادئة لها وهو كأنه يخبرها بحالة الطقس اليوم كانت تتمني رؤية نظرات نادمة ربما أعين دامعة .. ربما كلمات اعتذار و توسلات تشفي غليل كبريائها المُهدر بين براثن قلبه المُلحد بقواعد العشق .. لقد تلقت أبشع الإهانات اليوم .. لقد انتزع بصيص الأمل داخل أعماق قلبها المفطور !!

أغمضت عينيها و عادت بجسدها إلى الخلف ترتمي بعشوائية فوق الأريكة و تلك الذكريات القاتلة تُلوح لها من الأفق البعيد .. وكأنها ترى أمها الحانية تود الاقتراب و سرقة جسدها المرتعش داخل أحضانها الدافئة .. زفرت الهواء بهدوء وحلت عقدة حاجبيها تدريجياً تتلذذ بذاك الشعور الوهمي ، تستشعر ذاك الحضن الدافئ و ترى ذاك الرجل المهيب يقترب منها بأعين باكية إلتهم الخجل والخذلان ملامحه و وقف على بُعد خطوات معدودة منها يراقب ارتمائها داخل أحضان الأم و إجهاشها بالبكاء المرير ليرفع يده يضعها فوق صدره الذي يرتفع ويهبط بقوة و كأنه يخبرها أن كل قطرة من عينيها الجميلة ما هي إلا لهيب يحرق قلبه و يتبارز بترك آثار قاسية محله .. وقفت حين وجدته يقترب منها وهدرت بأعين متسعة حين وجدت العجز يكسو ملامحه :

- باباا !!!

تراكمت الأحاديث فجأة .. عجزت عن تفسير حزنها الشديد لأجله ولأجل حالتها التي يُرثى لها و لأجل قسوة قلوب وثقت بها يوماً ما .. ولأجل فقدها إياهم .. لأجل انتزاع حقوقها من الأقرب إليها والتغافل عمداً عن صلة الدم و القرابة .. ولأجل .. ولأجل .. تُرى  من أي الآلام تجهش بأحضانه !!

حين فقد لساني شهية الحديث و قص ما يشعر به من خذلان إلى بني البشر أدركت مفهوم العجز القاتل للأرواح ! صمتت وصمت الجميع حولي كأنه يراقب تلك الدمعات الباكية بهدوء منتظراً نهاية عرض مسرحي أحداثه من أرض الواقع و شخصياته كلها تجتمع في جسدي أنا .. !!

#أصفاد_مُخملية
#شيماء_الجندي

انتفضت فوق الأريكة و اتسعت عينيها حين وجدت صديقتها المقربة بفترتها الأخيرة .. قد أقبلت عليها و تحاول إيقاظها بلطف حيث مدت راحة يدها نحو كتف "رنيم" و استقرت فوقه بالرغم من انتفاضتها لتربت "أسيف" بلطف على كتفها و تهمس لها :

- رنيم ! الولاد أكلوا وناموا و أنا لازم امشي فهد مستني برا !!

رمقتها بدهشة قبل أن تدور عينيها بأرجاء المكان تبحث عن شخصيات وهمية .. أين أبيها و أمها !! أين الدفئ الذي كان يحاوطها منذ لحظات !!! ما تلك البرودة التي سيطرت على الأجواء واحتلت جسدها !! نظرت أخيراً نحو "أسيف" التي رفعت خصلاتها جانباً تراقب دهشتها بقلق حيث بدت صديقتها بحالة شاردة مبهمة هزت كتفها بلين و أردفت بنبرة هادئة :

أصفاد مخملية الجزء الثاني من "حصونه المُهلكة" و "لهيب الهوى"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن