يفوز باللذات كل مُغامر و يموت بالحسرات كل جبان !
اتجه "أيهم" إلى أخيه الجالس فوق إحدى المقاعد بين جدران تلك المصحّة نفسيّة .. جلس بجانبه صامت بعض الوقت محدقاً بتلك البقعة المُضيئة بفعل تعامد الشمس فوقها و غياب ظل أوراق الأشجار المثمرة عنها وبرغم تلك الإضاءة المُبهرة و التى جعلت ألوانها زاهية لها رونقها الخاص إلا أنها حارقة حيث إرتفاع درجة الحرارة هنا و أصبحت بقعة مهجورة خوفاً من الاحتراق داخلها ... !
هكذا حياة الجبناء .. الابتعاد عن الحق و الإنصاف خوفاً من الاحتراق هي وسيلة كل جبان .. بالرغم من أنه إن غامر و اقترب من تلك المنطقة المضيئة لن يحترق وماهى سوى أوهام من وحي خياله .. لكنه آثر أن تُصبح لحظاته مليئة بالحسرات إلى أن تقتله كمداً ..
دارت تلك الأفكار بعقل "أيهم" نحو أفعال أخيه بتلك الفترة الأخيرة .. حيث لم يحدثه و يواجهه عما يجوب عقله تجاه "رنيم" لم يخبره بأياً من تلك الأشياء التي حدثت إلا حين اكتشف الأمر صديق أخيه الحميم "يوسف " ...
قاطع شروده أخيه "سيف" يهدر مبتسماً بشحوب :
- يفوز باللذات كل مُغامر و يموت بالحسرات كل جبان ! مش ده اللي بتفكر فيه دلوقت !! إيدك بقيت تقيلة أوي خد بالك هحاسبك على التشوهات دي كلها لما اخرج من هنا !!
أنهى حديثه وهو يشير إلى كدمات وجهه وعنقه الواضحة ليبتسم "أيهم" قائلاً وعينيه تجوب ملامح أخيه الشاحبة :
- معلش بقا !! وبعدين تستاهل لو مكنش يوسف عرفني مكناش وصلنا لكل ده ، كان زمانك ماشي ورا صافي فعلاً !!
عقد "سيف" حاجبيه و أردف بحزن شديد :
- وأنت تصدق إني كنت همشي وراها فعلاً !! منكرش إني كنت ففترة صعبة وعاوز أنفس عن غضبي وأرمي اللوم على أي حد لكن أنا مؤمن بقضاء ربنا ياأيهم ومش ممكن افكر بالشكل دا ؟!!
صمت لحظات ثم أردف بتردد طفيف :
- طمني على رنيم !
اختفت بسمته و عاد يحدق نحو تلك البقعة من أسفل نظارته الشمسية قائلاً بنبرة حادة فور أن أطلق الهواء الساخن من فتحتي أنفه :
- متفكرنيش .. مش ممكن تثق فيا تاني بعد كل داا بس مكنش عندي حلول تاني ياسيف !!
نظر "سيف" حوله ثم أردف بحزن :
- أنا زعلان عليها أكتر من أي حد وتتقطع أيدي قبل ما كانت تمسها بس أنت عارف غصب عني .. وأديني متكتف هنا مش قادر أكون جنبك حقك عليا !!!
عقد "أيهم" حاجبيه و هدر بهدوء وهو يستقيم واقفاً ويضع يده داخل جيب بنطاله ويده الأخرى يُعيد هندام خصلاته :
- متكتف ايه منغيرك مفيش أي حاجه من كل دا كانت هتحصل .. و حكايتي مع رنيم تقريباً خلصت .. عمرها ما هتقبل بوجودي حتى لو عرفت إني كنت بحميها زي المرة اللي فاتت ساعة محاولة خطف عمر .. كفاية إنها تكون تحت عيني هي وولادنا على الأقل كدا متطمن عليهم شوية !
أنت تقرأ
أصفاد مخملية الجزء الثاني من "حصونه المُهلكة" و "لهيب الهوى"
Losoweأدركت أن حصونك أشد الحصون هلاكاً و لهيبك يُشعل قلبي و يسلب نبضاتي و كأن خفقان ذلك القلب يصرخ بك في كل لحظة أن لك الحصون و لك اللهيب و ليِ الأصفاد المُقيدة لروحك و قلبك ؛ لتعلم أن داخل تلك الحصون نيران روحي المشتعلة و نهايتها قيود .. بل أصفاد أفرضها...