يحدث أن تحب أحدًا بجنون وتدمره فداء الأنانية
«الحب المسموم»فتحت عيناي إثر صوت عذب يرتل القرآن في الحجرة المجاورة، ورغم بُعْدِ الصوت كان يصب سكينة على روحي بعد خوض حرب أخرى في اللاوعي.
في حين كان النوم راحة للإنسان كان إيوائي إليه العذاب برمته، جسد ذاك الفتى انطبع في ذاكرتي، يطابق مشهدًا قاتمًا أكره العروج إليه، الخوف يقتل جرأتي على التفكير أو البحث حوله، كلما انبثقت من الظلام تنتابني رعدة قوية، وصداع لا يرحم، لم تفلح المهدئات في تسكين آلامي، لكن صوته الآن فعل ذلك، الآيات تنزل على صدري فتشفيه، أرى عِللي تبرأ كلما خرجت من عالمي وغصت في آيات الله، يا سبحان الله ما أعظم هذا القرآن كلما ابتعدت عنه أدركت أني ألقي بنفسي في صحراء قاحلة لا واحة تبدد الظمأ الذي يفتك بي.
اعتدلت بجلستي وأسندت رأسي على الوسادة أغوص في معاني ما يرتله بقلب تاق لها، ويكأنها تطبطب على روحي المكلومة فتستكين.
بقي الصوت العذب يحتضن مضغتي حتى تلاشى تسارعها وتحررت من نوبة كادت تثير جنون فزعي الذي أكبحه، ولم أسطع منع عبراتي من الانسكاب تأثرًا ولساني يلهج راجيًا من الله أن يريحني مما أعاني منه.
حين اختفى صوته عادت نفسي لتفكر في الحلم الذي وقعت أسيرته خلال الليل، لا لم يكن جسد ساري المشوه بآثار التعذيب هو الحاضر، كان لرجل آخر لم أستطع رؤية وجهه ولا معرفته، بينما كنت أحتضنه بحسرة وأرجوه أن يصمد ويقاوم، لكن يقاوم ماذا، ويصمد على ماذا؟ لم أجد إجابة لذلك، والشعور القاضي على تفكيري الآن أن هذا الذي زارني بالحلم، بل أنا ما زاره هو قريب مني أكثر مما أتصوره.
أخذت نفسًا مثقلًا بالألم وحررته أدعو الله أن ينسيني ما رأيت، لم تكن مشوشة، بل هي أشبه بشيءٍ حقيقي ملموس عشته، فترك الجفاف في حلقي والفزع بمضغتي وبللًا في أجفاني.
انتشلني من بؤرة التنقيب حول خبايا الحلم صوتها المتذمر، ودون أن ألملم نفسي اغتصبت رناتها من شفتي ابتسامة إثر ما أسمعه، تالله ما تفتأ تبلسمني في كل وقت، فغدوت أبصرها نعمة عظيمة منَّها الله علي، فبقيت منصتة باهتمام لما تقوله، بيد أنها تخاطب شقيقها الصارم في إجراء اختبار لها، وأي اختبار أجمل من تقويم عثرات قارئ القرآن حتى يتقنه.
-رامي متى ستتوقف عن حزمك الصارم هذا وتتجاوز عن هفواتي الصغيرة فقد تلافيتها سريعًا قبل أن تنبهني
-ما ذنبي، حتى وإن تلافيتها فقد أخطأت في النهاية، لن تأخذي إجازة بهذا الجزء إن صدر منك خطأ واحد وإن أردت أخذها من غيري فلتفعلي قد أخبرتك سابقًا بشرطي هذا
أنت تقرأ
الأشين
Mystery / Thrillerأردت أن أصلح الأمور فكانت تصرفاتي بنظرهم ملتوية لا تقبل التبرير، أيكره المرء عائلته؟! أيحقد على أمه وإخوته؟! في كل مرة أمنحهم فرصة يرفسوها بقسوة لترتد علي بالذنب الكبير، لماذا يعتصر فؤادي الألم وأنا أكرهها، لماذا رحيلها يؤلمني وأنا الذي كان يتوق لسا...