(4) الشك

361 51 108
                                    

بقلب كل منا مجرم فإما أن تقتله أو تكون الضحية

«أغيثيني؛أنا الملتاع بفقدك، أغيثيني؛ أنا المحتاج لدفئك
فدثّريني»

فتح عيناه بهلع، اختنق بأنفاسه إثر حلم مزعج أخرجه من كنف النوم، نهض يلوم نفسه على استسلامها للراحة، ثم أخذ جهاز الإرسال ووضع سماعته الصغيرة في أذنه وقام بتشغيله بقلق شديد

تجمد عند سماعه صراخ رامي المتألم و تعنيف شادي الغاضب

-أيها الوغد ألم أحدد لك الوقت، أين تتسكع؟ لن ينجو رامي من عذابي إن قصّرت في مهمّتك، تحرّك بسرعة

أغلق السماعة باستياءٍ كبير، يشتمه ويتوعد له، بينما صرخات رامي ثقبت قلبه بألم لا يطاق، ارتدى ملابسه ثم همَّ خارجاً بطقم رسمي، قد زينت تلك الساعة الفضية الكبيرة معصمه وسرّح شعره بعناية زائدة، وقفت شقيقاته الثلاث يراقبنه وهو يسير قاصدًا باب الخروح، تغلب ملامحهم أمارات الذهول والريبة.

همست أكبرهن بقلق

-ما الذي ينوي فعله هذا الساري؟! ليس على سجيته البتة

وكزتها ليلى بقوة معنفة

-اخفضي صوتك كي لا يسمعك

عادت لونة للحديث بانبهار عجيب

-ما كل هذه الأناقة الزائدة؟! أخشى أن ينحرف وسط هذا المجتمع الفاسد؛ فأفعاله لا تبشر بالخير أبداً

تدخلت أسيل معترضة وعلى محياها غيظٌ من سوء ظنّهنّ

-من المستحيل ذلك فأنتن تعلمنّ كرهه لمثل هذه العلاقات ثم لا تنسي أنه لن يفكر في أمر حرّمه ديننا

علّقت ليلى باستغرابٍ كبير

-لكنه في الآونة الاخيرة تغير كثيراً ولا تنسي ما آلت إليه فتيات هذا الزمن، إنه لمحزنٌ جداً أن تتجرّد أي فتاة من حيائها فبسببهنّ تفسّدت عقول الشباب

وضعت يدها على قلبها المتألم حين توقفت في محطات عقلها عند ذكرى أليمة لم تفلح السنين من محوها ليشحب وجهها وتضطرب محدثة ذاتها

(لقد انقضت ثلاث سنوات على ذلك فلِمَ تعودي لذكراه لن يمنحك سوى العذاب )

ذبلت ملامحها وأطبق الصمت عليها لتنسحب ببطء

تحدّثت لونا معقّبة على قول أختها بأسف وهي تمسك ذقنها بإبهامها وسبابتها دليل تفكيرها

-أنت محقة أخشى أن تكون إحدى الفتيات تخدعه فتصرفاته أصبحت غريبة، لكن لاتلقي اللوم على المرأة وحدها فهم أيضاً سبب في الفساد، أسيل أنت تعلمين شيء عن هذا الأمر أليس كذلك

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن