(8) شيء من الماضي

249 31 124
                                    

غارق في دياجي الماضي مشوه على طرقاته أهيم


قال تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمً»الحجرات /12

وضع كوب القهوة على الطاولة الخشبية يعاين نظرات شريكه الملحة على سماع الحقيقة ليزفر بضيق قبل أن يقرب وجهه هامسًا

-كف عن تحليل أفعالي وإلا أقصيتك من مهمتك لمرافقتي أينما ذهبت

-لمَ الهرب من الإجابة؟! أريد أن أعرف سبب اهتمامك بعائلة سيرين على الخصوص، لا ضير من تبادل بعض المعلومات فهذا مهم لكلانا

-ليس عندي ما أخبرك به

-علي، تعلم جيدًا المشقة التي واجهتك في سبيل تحررك وإعطائك الحق في التجوال والذهاب حثما تريد لكن لا يعني هذا أنه لا يراقبك

- لا أهتم إن فعل ذلك، لكن لأطمئنك هو لن يفعل لأنني عززت ثقتي عنده لأضمن عماه

ارتشف القليل من كوبه ثم أجابه

-بالتأكيد لن يكون أعمى، وسيدعي ذلك شرط أن تلبي طلباته الدنيئة التي لا تنتهي

-سيف الأمر المفروض علينا لا ينبغي التقلب فيه كثيرًا ووضع الأحكام عليه، ثق تمامًا أنني لا أقوم بعمل لا أضمن فيه مصلحتي على رأس القائمة وليحترق من يحترق

- كل ما في الأمر أنني قلق عليك، يحق لي المطالبة بتفسير شامل، لما لا تخبرني بأسباب تتبع أخبار تلك الفتاة ل

وضع علي يده على فم شريكه بحدة  وهو يحثه على الصمت هامسًا

-إياك والنطق باسمها

ثم التفت حوله بتوجس قبل أن يردف

-لا تتدخل بهذا الأمر مجددًا وإلا لقيت مني ما لا يحمد عقباه

ثم نهض وترك المكان لتشيعه نظرات سيف الفضولية وهو يتمرس بمجهول يفترسه بلا رحمة.

مشى متواريًا عن الأنظار يعاين السلسلة الفضية القابض عليها وذكريات مؤلمة تنهش روحه

«ستبقى مهمشًا على الدوام، ليس لأنك بلا قيمة، بل لأنك أثمن ورقة حصلت عليها، ستكون عيني الخفية التي لا يمكن لأحد رؤيتها، أعلم أن التخلي عن حياتك الطبيعية ليس هينًا، لكنك تدرك أي نوع من الحياة تنتظرك إن لم نعمل معًا يدًا واحدة، هي فقط ستكون عونًا لك، لا يمكنها الوقوف أمامهم فكن ظلها وحاميها الأمين»

خفقة مؤلمة ضربت صدره ثم تشوشت الذكرى لتحل محلها تلك التي غيرت مجرى حياته برمته، كان واقفًا أمام المشفى وقد طبع القدر عليه وصمة انكسار لا يبرأ، لم يكن يميز شدة وقع الصدمات التي تلقاها في هذا اليوم بالتحديد، وخضراويتيه مبللتان بدموع أسى ويأس، يزيدها عليه صراخ من سد ثغرة الأب المجوفة في حياته والذي لم يفهمه البتة ولم يستطع تبرير موقفه أو تحليل انقلابه المفاجئ

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن