(20) بريء في ثوب مجرم

200 33 86
                                    

ما وراء الإهتمام حقيقة مؤلمة حين تدركها بعد فوات الأوان

أتراه كابوسًا يأبى التلاشي؟! أم أن شدة وقعه على النفس جعلت العقل يأبى التصديق، الآن وفي هذه اللحظات كان الزمن متواطئًا مع الوحوش ليمر ببطئٍ شديد لكأنه يخبرني بعدم جدواه في تبديل أحوالي، لا أدري ما حقيقة شعوري، ولا أنصت لآهات جسدي الصارخة، ما يشوش عقلي الآن صدمة الوصول إلى هذه الحال البائسة، ومجهول المستقبل يشل خلايا عقلي. ترى ما نوع القلوب النابضة بصدورهم؟ بلا شك ميتة فلا أرى قلبًا حيًا يفعل هذا ببشري من جلدته، نعم عندما يرين القلب بغشاء الخبائث؛ تموت الإنسانية لتحولهم إلى شياطين أشد تنكيلًا من مردة الجن.

شيء ما في ذاكرتي يتضاءل ظهوره، لكن الصورة تشعرني أن ما رأيته أقسى وأمر، وهل يوجد ما هو أمرّ من هتك الأستار؟! والانسلاخ عن الفطرة التي فطرنا الله عليها؟!

ما أعيشه الآن أشد فتكًا بروحي، كيف السبيل لأواري نفسي، كيف أختبئ من عيونهم، بل كيف ستكون نجاتي مما أنا فيه، وأتحرر من قيودي التي تجمعني مع شابٍ أجنبي لا أعرفه، أنهكتني محاولاته في تمزيق هذه الحبال الثخينة، عذبتني صرخاته ونداءاته التي لا يسمعها غير الجداران الصماء معي، صوت المطر يضرب النافذة الزجاجية الصغيرة بقوة، المكان موحش، والبرد يمارس سطوته على المكان، أكاد أتجمد، البرودة تزداد كل نصف ساعة، ثمة جهاز مثبت في سقف الحجرة الفارغة مسؤول عن حرارتها، بلا شك تعمدوا فعل ذلك، أشعر بأن قلبي يكاد يتجمد، بيد أن الخلاص من هنا شبه معدوم.

رنت ساعتي لأعي مضي الوقت، منبه الثلث الأخير من الليل، أجبر دموعي على التساقط، كم أتوق للعودة إلى الكوخ والبقاء فيه دون خروج، لم أعد أرغب في مواصلة طلب العلم، كرهت المدينة وطرقها، الآن أريد الابتعاد دون رجعة، لعلي أستطيع ترميم ما تكسر بداخلي، عسى الله أن يجعل لي مخرجًا مما أنا فيه.

وأنا غارقة في محيط انكساراتي التي تزداد، تذكرت أمر المدية المخفية بربطة شعري، لوهلة خفق قلبي لكن سرعان ما هدأ بخيبة، فكيف السبيل للوصول إليها وأنا لا أستطيع الحراك؟!

البرودة تزداد بدأت أشعر بجسده يرتجف كحال جسدي، ثم أسناني تصطق ببعضها، أكاد أموت، لم أعد أقوى على الاحتمال فصرخت بألم، هذه المرة كان أنا من يحاول أن يتخلص من الحبال الغليظة، الروح تطالب بالنجاة، ترغب بالهرب مما هي فيه بأية وسيلة، لكن عبثًا أحاول، ثم راودني حل يتيم، اجتث معه كل أمل بحلول أخرى، بكيت وبكيت دون أن أسمع له صوت، أو أن يبدي أي حركة، ثم نطقت وأنا أدعو الله أن يغفر لي ما سأفعله، فما من أمل بالنجاة غير هذا.

طلبت منه أن يحاول إخراج المدية من ربطة شعري، لكنه اعترض أعلم هذا الأمر صعب عليه كما علي، لكن الضرورات تبيح المحظورات، أريد النجاة من هنا، لا أريد البقاء أخشى على نفسي من هول ما سألاقيه لاحقًا، أصوات استهزائهم، كلماتهم السامة تمزقني شر ممزق، ابتلعت ألمي وكررت طلبي بصوت يرتجف

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن