(14) هوة حالكة

293 34 136
                                    

أتراني أزيل الحداد عن قلبي؟! كيف أفعل والحزن غدا قلمًا يشوه كل لحظاتهم السعيدة، ومقص الفقد مزق صفحاتهم دون رجعة

الساعة الثانية عشر ليلًا

طرقات خافته على الباب جعلت التوجس يعلو وجه بعض ساكني المنزل، فتح أصغرهم -البالغ من العمر احدى عشرة عامًا- الباب لقربه منه وإذ يفاجأ بهيئة الماثل أمامه

ألجم الخوف لسانه وبقي يحدق بصمت، فمن هذا المتوشح بالسواد بالكاد يبصر ملامح وجهه في هذه الظلمة وماذا يريده؟!

انتشله من جموده مبادرة الزائر بالحديث

-السلام عليكم، أنا ضابط من الشرطة جئت لزيارة السيد رامي

انفرجت شفتي الصغير قليلاً بصدمة وعقله يترجم ما سمعه ليغلق الباب وهو يقول

-من فضلك، انتظر في الخارج قليلاً

حث خطاه نحو صالة المعيشة حيث الجميع ما زال مستيقظاً منهم من يتابع الأخبار لضيق وقته في النهار ومنهم من يتسلى بما يفضله، وقوفه في المنتصف جذب انتباه الجميع عدا رامي المنشغل بهزيمة أليسار للمرة الرابعة في لعبة الشطرنج -إذ قلما تسنح للعائلة فرصة اجتماعهم حتى وقت متأخر من الليل- وما تزال مصرة على منافسته لترد على هزائمه السابقة

لاحظ الأب وجومه وتردده في الحديث ليسأل

-سالم ما الذي حدث، من الطارق؟

تنحنح قليلاً وربط على خوفه مجيباً

-رجل يدعي أنه ضابط شرطة ويريد لقاء رامي

توجس الجميع من قوله وسلطت الأنظار نحو رامي الذي علا جداله مع شقيقته وهي تصرخ بحماس

-هزمتك، لقد فزت عليك

-مجرد صدفة لا تفرحي كثيراً

قالها بضجر واستياء بينما هي صرخت منفعلة فرحة

-اعترف بهزيمتك حالًا

وقبل أن يجيبها أسكتهم صوت والده هاتفًا بحزم

-رامي يكفي جدال واستمع الي

اعتدل واقفاً ودنى من أبيه سائلاً بهدوء

-ما الأمر يا أبتاه؟

-كم مرة قلت لك لا أرغب بزوارك ليلاً

علت آمارات الدهشة ملامحه ليقول باستهجان

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن