(1) التواءٌ حاد

737 73 196
                                    

قد يحمل الجفاء في طياته عباءة أمان

الساعة الواحدة ليلاً، ارتدت السماء كعادتها ثوبها الأسود المرصّع بالجواهر المتلألئة كعروسٍ حسناء فقدت روح قلبها وحياتها في ليلة زفافها ليغطّي الحزن وجدانها ويمسح الابتسامة عن ثغرها، فيتحوّل بياض ثوبها لأسود حالك

قرب الصناعة الشرقية، شابين في نهاية عقدهم الثاني، يدخلان المبنى بحيطة وحذرٍ شديد، كلاهما يراقب كل زاوية بدقة، يقودهم المسؤول لمقابلة رئيسه، والصمت سيدهم، همس أحدهما في أذن الآخر

-أمجد، لستُ مطمئناً، أخشى أن يغدر بنا

-نظرًا لخلوِّ المكان فهذا غير مطمئن

عظم إحساسه بالخطر وهو يقترب أكثر ليردف بقلق

_فلنكن حذرين ولنتم الصفقة على خير

كلاهما يتعاركان مع هواجسهما المريبة، لكأنها إنذار لهما بالتراجع، إلا أنهما صمما على المتابعة، دخلا المكتب الرئيسي حيث مكان اللقاء كما هو متفق عليه، ولم تكتمل خطوتهما الأولى حتى تسمرا بذهول، وقد سرقت أنظارهما ما تبقى من أمان يعتريهما وهما يتيقنان حقيقة القنبلة الموقوتة التي كانت تنتظرهما، عوضًا عن التاجر، نظر رفيقه للخلف ليتأكد من هروب المرشد لحظة صدمتهما

صاح أمجد متداركاً الموقف منفعلاً

_جود إنه كمين، فلنخرج بسرعة

ركض الإثنان مبتعدان عن المكان، ما إن حطت أقدامهما على عتبة الباب الخارجي حتى دوى انفجارٌ صوته القوي أجبرهما على الانحناء، والتيبس في مكانهما، ليتبين أن ما رأوه ليس سوى قنبلة دخانية، شعور بالإحباط والغضب ساورهما ليعودا للداخل من جديد وفي نيتهما محاسبته على عبثه، فوجدا المكان محاط برجالٍ مسلّحين، صرخ من يترأسهم بصوته الحاد

-ألقيا أسلحتكما واستسلما؛ فأنتما محاصران

نظر جود بطرف عينه نحو صديقه هامسًا

-يبدو أنه رغب بالتخلص منا، وهذا دليلٌ دامغ أن صفقتنا باءت بالفشل، أمستعدٌّ للمقاومة

-حتى آخرَ نفسٍ لديّ، سنريه مع من يعبث

أدار الاثنان ظهريهما متآزران، وباشرا في إطلاق النار عشوائياً عليهم، دون خوف أو توقف، مباغتتهما أرغمتهم على الإنخفاض لتفادي الرصاص، فكان اضطراب الرجال غنيمة للهرب بنجاح والرجوع إلى سيدهما خاليا الوفاض

كعادته حينما يفشلُ في شيء يستقبل أتباعه بصراخه الأجش الحاد الذي صدح في أرجاء منظّمته ليرعب الجميع بفورته، إلا أن الاثنان لم يتحّركا بل ارتديا قناع البرود يستمعان لكلامه الغاضب دون خوف

-ماذا تعني أنه فخ؟! ذلك الوغد كان يعلم بأني أخطط لإنهاء شركته

صمت قليلاً يفكر في خطوة أخرى حك شعره الأجعد ثم نفث الدخاج وهرس عقبها داخل منفضته بحنق شديد مردفًا بعد أن هدأت أعصابه قليلاً مشيرًا لهما

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن