(5) هروب

339 47 121
                                    

راقب خطواتك جيدًا كي لا تتهشم، ونظف نياتك كي تظفر

الساعة الرابعة والنصف عصراً

ظل ساري يراقب الداخل والخارج من نافذة مكتب جواد بتوترٍ شديد، مرتقبًا خروج رامي بعد اتفاقهم على ذلك، مستغلان اجتماع شادي بمدراء الشركة، كانت الدقائق تسير ببطئ شديد أتلفت أعصابه، إذ لم يكن ذا صبر كبير في ظل هذه الظروف.

استطاع رامي الخروج من الحجرة القابع بها أخيرًا بعدما أسقط الطبيب فاقداً وعيه، متلبّساً بزيّه يوهمهم بأنه سيحضر بعض الأدوية التي نفذت

انسل من المبنى بسلاسة ليلمحه ساري وتتسارع نبضات قلبه حال رؤية أحد المكلفون بحراسة المبنى يلحظ ريبته، فقط خمسة أمتار أخرى ويصبح صديقه في أمان

هنا كان عليه التحرك حذراً كي يغطي ثغرة هروب صديقه، فتح الباب على عجل ثم خرج من المكتب يلتفت يمنةً ويسرة، تدفقت الدماء في عروقه لتغلي كحال قلبه الذي يتراشق بعنف، هرول وهو يحدّق بالباب الذي سيفصل بينه وبين هذا البناء المشؤوم، مظهراً توتره ورغبته بالهرب للجميع وبتلك العجلة والشرود اصطدم عمداً بمن كان يتفحص رامي المتخفي بزي الطبيب، وقف متزلزلًا تترجم ملامحه التوجس وهو ينصت لسؤال الذي اصطدم به

_إلى أين؟ لم يحن موعد استراحتك

- تعلم وقت الراحة شبه معدوم في قاموسنا، سأستغل انشغال شادي لبضع دقائق وأخرج قليلًا

-عد إلى عملك ولا تتقاعس كي لا أجعلك تندم على لحظة ورود فكرة الراحة لدماغك أيها الوغد، هيا تحرك

-لكن جواد لم يمانع

أمسكه من تلابيبه وقربه إليه قائلًا بغلظة وحاجباه قد خنقهما بعقدة لئيمة

-أتسخر مني أيها الغر الصغير، أوتحسبني أحمقًا لأصدقك؟! لعلك نسيت بأن ممسحة شادي محظور عليها الخروج مالم يفعل هو ذلك بنفسه، لذا عد من حيث أتيت

بقي على صمته يتلوى بقهر وهو يلوك إهانته بسره وقد برزت ملامحه المتبلدة، حرره الرجل ليظل أمامه تترجم نظراته عدم رغبته بالانصياع، حك رأسه زارعاً ابتسامة غامضمة أوجلت معترضه قبل أن يختم حديثه بإذعان

-سأعود لكن دعني أريك شيئًا هامًا قبل ذلك

دس يده بجيبه ثم أخرجها وقربها نحو وجه عدوه بحذر ليريه ما بداخلها مستطردًا بخفوت

-أمعن النظر جيدًا فما بيدي لا يمكنك التكهن به، يخص شادي

بقي يحدق في يده المكورة والفضول يكبر ليعلم ما الذي تحتويه، وعلى حين غرة تلقى لكمة أسقطته أرضاً ثم بضربة سريعة على نقاط جعلته يفقد الوعي قبل أن يدعه يقاومه، تصرفه الجريء أحدث جلبة كبيرة في الوسط، نظر حوله وأطلق العنان لساقيه معلنًا الهرب منهم وهم يتهافتون نحوه كالجراد.

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن