ثق تماماً بتحقيق مبتغاك إن سلكت درب الكتمان في أوله مستعيناً بالله.
لربما ذاك النور الذي أضاء عتمتك ذات يوم كان وهماً نسجته خلايا دماغك التواقة إليه، خيبة متهالكة على ركن قلبك تهاوت حين أدركت كنهه، ليعديك إلى ظلمتك.
ابتعد عن الحديقة يسير بهوادة، معيدًا شريط حوارهما ويحاول تحليل طلبه، هو يعلم بأن باقي مجموعته لن تفلح بإحضار سيرة ورد الذاتية الصحيحة، ويعلم حقيقته المظلمة، طلب رامي أعاد له الذكريات السابقة المؤلمة، فأخذ يتمتم بخفوت
«كم أبغض هذه الحال أن تعرف كل شيء وتدعي النقيض ترى الخطأ وتلجم فاهك بصمت قبيح، تدرك وعورة الطريق لكنك مجبر على السير على حوافه المتهالكة مهمشًا لا تنفع بشيء، ما الذي جنيته غير الخراب، معرفتي من عدمها لم تكن ذا نفع بشيء، فلمَ أستمر على هذا المنوال، لما لا أستطيع التخلي عما نشأت عليه رغم مقتي واستنكاري له؟!»
زفر بثقل وحاول إيقاف عقله عن بث محطات الماضي القاتمة لتلوح صورتها في مخيلته فيهرع إلى الغابة بغية لقائها، ونسيان مآسيه، ما إن وصل حتى فوجئ بخلو الكوخ، نظر عبر النافذة المعتمة، ثم حاول فتح الباب الموصد بطريقة احترافية تعلمها في السابق، ووقف في منتصفه يعاين خلو المكان بصدمة شابها غضب قد أضرمت نيرانه بقسوة، بقي لبرهة يفكر في ما حدث، خرج من الكوخ وأغلق الباب ثم ابتعد عنه ببطئ وهو يفكر في فعلة أمجد، ولأول مرة يشعر بالعجز عن الهداية لأي حل أو توقع مكان إقامتها الجديدة، ضرب جذع الشجرة بحنق متمتاً
-سحقًا، إلى أين أخذها؟
رجفة شديدة غاضبة اعترته وهو يلوك خيبته بعد عثوره عليها لتختفي من جديد، لولا انشغاله بجود وجوري ما كان ليفقدها من جديد، خسارة لم يكن مرحب بها داهمت أسوار قلعته مغتصبة أراضي قلبه بعنف، أين ومتى حدث ذلك؟
هل لانشغاله ذلك اليوم ما أعطى فرصة ذهبية لأمجد بابعادها، تهاوى عند جذع الشجرة وعيناه على الكوخ المظلم الفارغ
لقد انتظرها طويلاً ولم ترتوي عيناه من رؤيتها بعد، حتى طيفها فر هارباً منه، عبث بهاتفه قليلاً قبل أن يرميه جانباً ثم تصاعدت نظراته معانقة السماء المتوشحة بالمزن الممتلئة إذ أن قطراتها ما تزال متشبثة بها بقوة خوفاً من الهطول، قلقه السابق تجدد وأصيب عقله بالخمول والعجز عن إيجاد مخبأ أمجد الجديد
ركضت حلكة الليل بفضل المزن السوداء مبددة ضياء القمر الذي حاول جاهدًا إنارة القليل من الغابة لتتربع على عرشها متخايلة كأنها تجاري ظلمة قلبه، صوت تكسر الحشائش كسر صمت الغابة ونور المصباح يغزوا وحشتها ليجد ضالته
أنت تقرأ
الأشين
Misterio / Suspensoأردت أن أصلح الأمور فكانت تصرفاتي بنظرهم ملتوية لا تقبل التبرير، أيكره المرء عائلته؟! أيحقد على أمه وإخوته؟! في كل مرة أمنحهم فرصة يرفسوها بقسوة لترتد علي بالذنب الكبير، لماذا يعتصر فؤادي الألم وأنا أكرهها، لماذا رحيلها يؤلمني وأنا الذي كان يتوق لسا...