(29)أمل زائف

220 22 72
                                    

الانهيار النفسي يحتاج للاحتواء أكثر من حاجته للنصح والارشاد

الساعة الثامنة صباحاً:

نهض من فراشه ببطئ مثخنًا بالتعب، عيناه نصف نائمة وهو يتوق لاحتضان فراشه أكثر، لم تكن ليلة مريحة وقد تكسر نومه في ساعاتها كثيرًا، سار بخطوات وئيدة ضائق الصدر مشتت الفكر، كل شيء يزداد تعقيدًا وثقل، ومما زاد من ضيقه انقطاع أخبار صديقه ليومين وامتناع خطيبته عن مقابلته أو الرد على اتصالاته، فأصبح ينتفس الغضب

فتح الباب وخرج قاصدًا الحمام عله يزيح القليل من الوهن الذي يكتسحه، لم يبدِ أمام عائلته أي تأثر قد انطبع عليه بعد الذي حدث وانقطع عن الحديث مع شقيقه سلام، وقل مكوثه في المنزل ليتجنب الصدام معه.

ما إن فرغ حتى رتب حاجياته ثم خرج بصمت وكم كانت حالته هذه مقلقة عند الجميع، ويشعر بنظراتهم الغير راضية على صمته وبقائه خارج المنزل معظم الوقت، وهو يشعر أن عليه تقليص الهوة التي أحدثها في علاقتهما

وقف عند البوابة الرئيسية لمنزل عائلة أكرم يتأمل ذاك البناء الكبير الشاهق والذي أخذ مساحة كبيرة من الحي، شوارعه الهادئة تحكي عن رقي ساكنيه أنهم ذوو أعمال كبيرة، لا تكتنف أزقتها أي متسول أو أطفال يملؤون سكون الحي حيوية وضجيج.

استقبله سامي بحبور ثم اصطحبه إلى مجلس آل أكرم الخاص بالضيوف المقربين.

لم يكن الضيف الوحيد إذ سبقه كل من زيد وهاني وعمر حتى مراد الذي اعتذر بالأمس عن المجيء كان موجوداً، ولرؤيتهم هدأ اضطرابه وبالحديث الذي دار بينهم أشغله عن محبوبته التي هجرته آخذة معها أي وسيلة تريحه.

جميعهم يتحاورون حول الأحداث الجديدة وأعمالهم التي جعلتهم يقتربون من بعضهم أكثر فأكثر

ما إن اطمأن على أن جميع الأمور تسير وفقًا لمخططاتهم حتى تنفس الصعداء ليقطع لحظات شروده فيما يحدث سؤال عمر المتوجس

-ألا توجد أية أخبار عن ساري؟

-ليس بعد

ثم حدق في الفراغ وقد اغتم قلبه وانكمش قلبه وهو يفكر في أسوأ الاحتمالات التي قد تنصب عليهم بعد قرار صديقه في مواجهة زين وحده

-لننتظر يومًا آخر

عقب مراد والذي ظهر عليه الضيق منذ رحيل ساري عنهم، فهو قليل الصبر لا يقوى على حبس ما يخالجه أكثر من ذلك

-لا أدري لم يقلقني أمر علي، لكأنه شخص آخر غير الذي أعرفه خلال الثلاث سنوات الفائتة

تصريحه كان بمثابة مفتاح لبوابة شك هائلة تعتري الجميع بلا استثناء وقد فهم رامي هذا من أوجههم التي تقلبت بين شكٍ وهم؛ فظل منصتًا دون مقاطعة لأحدهم باهتمام

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن