(30)خلف الستارة

172 20 76
                                    

يحاسب المرء على نواياه

فتحت عيناي بفزع مباغت داهم مضغتي، لم أعلم كيف سحبني النوم إلى كنفه، كنت متكورة على سجادتي، لعل قلة نومي في الأيام المنصرمة هو السبب، الصداع ما يزال يفتك برأسي، والحجرة حجبت بظلامٍ دامس، الظلام؟! بت أراه عدوًا يفتك بمضغتي ويشل أطرافي، لم يعد بيننا أية أُلفة، الشيء الوحيد الذي أرجوه الآن هو انجلاؤه.

اعتدلت جالسة وقد ألفت عيناي الرؤية الخافتة، تلفت حولي ثم علقت عيناي على السرير وفي نفسي أتمنى رؤيته فارغ، إلا أنني رأيته  على وضعيته الجانبية نائم، فلم يتحرك إنشًا واحدًا، هذا الآخر يزيد من رقعة الخوف في كياني.

نهضت بحذر أحافظ على مشيتي خشية استيقاظه، قابضة على خوفي بغية الهرب من الظلمة، ما إن خرجت من الحجرة حتى تهالكت عند الباب وأنا أرى الضوء الخافت ينير الردهة بأكملها. أبعدت كم يدي لأنظر في ساعة معصمي، كانت قد تعدت الخامسة فجرًا.

الصلاة هذا ما انتويه الآن، كان الهدوء المتربع في جنبات المكان يشعرني بالسكينة ويطبطب على جَزَعي، توضأت وقررت الصلاة في الحجرة الأخرى، فهذا أرحم لي من التفكير فيه وفيما سيحدث لو استيقظ.

انهيت فرضي وجلست أدعو الله أن يهون عليَّ مصيبتي ثم أطرقت مليًا حول حياتي الجديدة، إلا أن الخوف منعني من التفكير بشكل جيد، وهو يعتذر عن الرحيل عني.

والشيء الذي زاد من انقباضي هو التردد في شأنه.

أعلي إيقاظه للصلاة أم لا، فأنا لا أعلم عنه شيء ومن يدري ربما يصلي، وربما لا، لا يمكنني قياس ذلك على أفعاله رغم أني أعلم أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، لكننا نجد من يصلي هاجرًا قلبه عن الخشوع ليؤتى ثماره.

أعليَّ إحسان الظن به؟ قد هجرني ولم يحاول الضغط علي، لكن ما أخشاه ادعاءه فلا أمان لخائن.

لعله رحيمًا كأسامة بشهادة الخدم هنا، لولا أني شهدت وجهه الأسود وما فعله بشقيقي، كلما أتذكر كلماته؛ تسري بجسدي قشعريرة، الوقت يمضي، تكات الساعة تضغط علي وتلح بواجبي لإيقاظه خشية أن أحمل ذنبه، لكن ماذا عن خوفي؟! رباه لا أستطيع.

نهضت وخرجت من الحجرة أتمشى فاحصة المكان، أضأت الحجر بضوء ساطع، فالأضواء الخافتة تبعث في نفسي الريبة والحذر.

كان الجناح واسعًا يضم حجرة معيشة كبيرة وردهة متوسطة تفضي إلى الحجرة التي صليت بها واثنتان بجانبها وعلى يمينها المطبخ، كل شيء  نظيفٌ لامع، الخدم قاموا بواجبهم ولم يتركوا ذرة غبار.

ما إن أحسست بتلاشي الخوف قليلًا حتى أطرقت مليًا حول إقامتي هنا

علقت عند ذلك الموقف أحلل أبعاده، لم يسبق لي أن واجهت رامي أو جرى بيننا أي حوار، قبل أن أخرج من بيت عمتي أدخلني شقيقي للحجرة المجاورة حيث صديقه ينتظر

الأشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن