تهتم اغلب الامهات اكثرُ شيءٍ بجمال مولودهن، حتى أنّ النساء في فترة الحمل يبحثن دائماً عن اعمالٍ واذكار، او اطعمةٍ معينة تورث الجنين جمالاً اضافيا. فيحرصن على اكل التفاح الاحمر –مثلاً- لتتفتح خدوده – رُبما!-و يَدُمْنَ على قراءة سورة يوسف، فلربما يحصل ولدهن على جُزيءِ جَمالِ يوسف – و يا ريتهن طلبن عِفَّتَه وكرامته!-
ولا عجب في ذلك، وأيُّ امٍ لا تريد جمالَ وليدها؟!
لكن مع ان الجمال صفة حسنة، الا انها صفة كمالية، لا تنفع الانسان الا بمقدار ارتفاع سهمِ صاحبها في سوق الزواج – عند الرجال بدرجة اقل طبعا- وحتى ذلك ايضاً محل اشكالٍ وشكٍ في زماننا هذا. فكم من وسيمٍ عازب وكم من متزوجٍ قليل الجمال؟! وكما في الرجال كذلك يصدق ذلك في النساء ايضا - ولو بدرجة اقل-، اذ لا ينسى التاريخ قُبحَ مَطلوبةِ ابنِ الملوَّح!
عموما..
الجمال حسن الا ان الأهم من طلب الجمال، طلبُ "الكمال". اي طلب الصفات النفسية والخُلُقية الرفيعة التي يحوز بها صاحبها سعادةَ الدنيا والاخرة. وفي مقدمة ذلك أن يكون صالِحاً. أما غيرها من الصفات كأن يكون ذكياً او عظيماً او قائداً او ناجحاً فانها لا تنفع الا مع الصلاحِ نفسه.
فليس الولدُ – اللفظ يشمل الابنُ والبنت- تُحفةً فنيةً لكي نفتخر بجماله امام الأقران، بل الولُد (انسانٌ) لابد ان يُهيأ لتلك الغاية العظمى التي خلق من اجلها الانسان نفسه.
من هنا يقول اميرُ المؤمنين علي (عليه السلام) في كلمةٍ رائعة تبين لنا هدف الانجاب عند المؤمن، والتي لابد ان تُدرَّس لكل طالبِ ذُرِيَّةٍ وطالب زواج:
(ٍو اللَّهِ مَا سَأَلْتُ رَبِّي وَلَداً نَضِيرَ الْوَجْهِ – اي جميلاً- وَ لَا سَأَلْتُ وَلَداً حَسَنَ الْقَامَةِ، وَ لَكِنْ سَأَلْتُ رَبِّي وُلْداً، مُطِيعِينَ لِلَّهِ ،خَائِفِينَ وَجِلِينَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ وَ هُوَ مُطِيعٌ لِلَّهِ قَرَّتْ بِهِ عَيْنِي)
فقُرَّةُ العينِ الحقيقية في الولد، ليس في الجمال في الصغر، ولا المال والعيال في الكِبَر، بل في تربيتهم الصالحة وتنشئتهم على الايمان الصحيح.
وهذا هو افضلُ طلبٍ في نوعية الذُرية، وبيانٌ لوظيفة الابوين في تربية ابناءٍ صالحين ينتفعون هم و ينتفع المجتمع بهم في الدنيا والاخرة.
فلذلك ندعو ونقول ما قاله القرآن الكريم:
(ربنا هَب لنا من ازواجِنا و ذُريّاتِنا قُرَّةَ اعينٍ واجعلنا للمتقين اماما) ♥️_السيد محسن المدرسي