(تتذكر آخر مرة حملتني فيها ماذا حدث )
أجفل عابد قائلا بقلق متستر:
(إذ فكرت في عضي مرة ثانية ....أقسم أنني لن أرحمك )
صرخت آية ثم زفرت نفسا حادا لتقول بهمجية وهي تضرب ظهره بعنف:
(إذن أنزلني ايها التافه)
إبتسم عابد لخوفها الظاهر ليرد عليها بثبات:
(لا لن أفعل إن لم تلتزمي آداب الحديث معي ومع غيري لن أرحمك انا ايضا)
ثم ضرب مؤخرتها بعنف ...دوت صرختها أرجاء المطبخ لتنتابها قوة مفاجئة..... صدرت عن غضبها الشديد ...و بدأت في حركات عشوائية غير إرادية فوق كتفه....حتى أنه لم يستطع...السيطرة عليها ليسقط ويسقطها معهابقوة .....
تأوهت آية تحته بعجز تكاد تختنق من شدة ثقله ...جسده الضخم يحجب عليها الرؤية كليا .....تنحنح عنها بعنف ليحاول الوقوف لكن شيء لزج أعاقه على الأرض ليعيد السقوط فوق آية المستلقية أمامه ....حتى أنها أعادت الصراخ ثانية بألم.....رق قلبه لحالها ليهمس فجأة :
(تدهشينني مرة بعد مرة بقوتك الغريبة هته )
لازالت آية في حرب تأوهاتها مع آلامها الحادة لتستدير إليه بضعف قائلة بخفوت:
(لا زلت سترى الكثير ان حاولت الإقتراب مني مجددا بهذه الطريقة والآن إبتعد عني بحق الجحيم )
أجفل عابد ....ليعيد محاولة الوقوف وحمدا لله نجح هذه المرة ... وأعانها برفق في وقوفها أيضا كونه سبب سقوطها من البداية....لمحت آية نفسها و أوساخ الأرض تعمها ...بالطبع فقد كانت مسحتها بملابسها التي تعد في الواقع ملابس نجلاء أخذتها دون إذن لأنها لم تستطع العمل في المطبخ ...بقميص عابد او بملابسها الضيقة.
...تحسرت قليلا لمنامة نجلاء اللطيفة التي ملأتها قذارة الأرض وشعرها الجميل أصبح كماسحة الأوساخ جراء زوجها المعجرف شتمت آية بصمت خوفا من الوحش لتستدير غاضبة تتابع تحضير الغذاء....
مشط عابد لحيته برفق يفكر بشرود بعيدا عن مرآها لتنظر اليه آية باستغراب سائلة إياه :
(لماذا أنتم ملتحيون ....لا أذكر أن الدين أوصى باللحية الطويلة أو أيا من كلام تطويل الشعر وملتحقاته ...لماذا تفعلون هذا)
بادلها النظر باستغراب ليرد عليها بازدراء :
(من نحن؟! انا أفعل ما يحلو لي فقط ...ولحيتي ليس من شأنك أن أطولها او أقصرها ....رغبتي تقول هكذا...وانا أفعل ماتريده رغبتي....حتى لو طلبت مني قتل شخص أحبه من دون سبب)
إبتلعت آية ريقها بصعوبة دليل على خوفها لتحدق به بترجي لا تعرف ما تترجاه ربما بعض حنان البارحة أو بعض الرحمة او الطلاق من هذا الزواج اللعين فقط تنظر له بملامح لا يعرفان معناها ....إبتسم لها بخبث فجأة شفقة على حالها ....ماذا؟!آية وشفقة في جملة واحدة أكيد أصابه مكروه في دماغه المتضرر أصلا ...قطع نظراتهما صوت الجرس يرن ....ليجفل فجأة من تفكيره لتعتلي وجهه ملامح الإستغراب.... تنهد ببطأ ليتجه فاتحا الباب تتبعه زوجته ......
بعد لحظات سمعت آية ضجة صغيرة .. هتاف أو شيء كذلك لتلمح خيال أسود يخض رجل طويل ...ظهرت ملامحه في النور قليلت فأجفلت على صورته متذكرة هويته.....إنه نفس الشخص الذي كان معنا في عقد القران ... ثم همست :
(انه زوج دعاء)
...إستدار لها عابد يطلب منها الصعود لتحضير القهوة ....امتثلت آية لأوامره على مضض ...كانت تريد رؤية من معه ....لتصعد درجات السلم وتفكر :
(يا ترى هل أتت دعاء معه ؟...لا لا أظن إنها في المدينة بالجامعة....يمكن عرفت مكاني وأرادت رؤيتي لا أدري)
تحضر القهوة باتقان مع لمساتها الفنية ....لتسمع ضوضاء من ورائها فالتفتت تقابلها سيدة جميلة الملامح ...بملابس أنيقة تحدق بها بازدراء بالغ وكأنها ولدت بين الذهب والالماس ....
(هل حضرتي القهوة إذهبي هيا إنهم ينتظرون)
أجفلت آية على صوت صراخها الفذ لتقول بثبات:
(عفوا حبيبة أمك ..من أنت لتأمريني؟؟)
زفرت لؤلؤة نفسا حادا لترد عليها بهمجية :
(كيف تتحدثين بهذا الشكل مع غيرك .. ....انت بديلة نجلاء صحيح ...واضح من شكلك الأشعت ...وبالنسبة لمن أنا ....انا زوجة ايوب أي صاحب المكان ابن عم زوجي لي الحق في أمرك كما لك الحق في الامتثال لأوامري في صمت )
ظهرت ملامح الغضب مختلجة بالإستغراب على وجه آية لترد بهدوء زائف:
(لا أتذكر أن أيوب متزوج إثنتين ...ولا أتذكر ان زوجته الأولى هي أنتي لم أشهد وجهك مر علي من قبل ....بالمناسبة أنا آية زوجة عابد أي زوجة صاحب المكان وأيضا شرفتي بيتي أيا كنت )
بهتت الملامح بوجه لؤلؤة ...واختفت ثقتها بنفسها ..يا الهي لقد كشفت نفسها امام زوجة عابد ستفش الامر لعائلته وسيتركها أيوب جراء كذبها....سينبذها لتبقى وحدها...حاولت تهدئة نفسها قليلا لترد عليها بود زائف و خوف يعتلي كيانها كله:
(انت آية يا إلهي انت الزوجة الجديدة في عائلة مؤمن ما أجملك سعدت بمعرفتك أنا لؤلؤة صديقة عابد منذ الصغر و أخت نجلاء )
ابتسمت آية لها ابتسامة مختلة بعثت الرعب في قلب لؤلؤة إذه هذه أخت الغبية لتقول بامتعاض:
(ما أجملني ؟؟قبل قليل وصفتتي بصاحبة المظهر الأشعت ....على العموم رأيك في سلة المهملات عزيزتي تبا لكي )
وإستدارت آية حاملة القهوة متجهة لقاعة الضيوف تتبعها لؤلؤة بوجه شاحب هامسة في نفسها ....
(أظنها ليست بداية جيدة على الإطلاق)
....وضعت القهوة على الطاولة المرصعة لتجلس بجانب زوجها مبتسمة لأيوب .....حانت لؤلؤة لتجلس بتوتر على الكرسي أمامها إذ تعثرت ببساط القاعة لكنها لم تقع إستعادت توازنها لتعيد الجلوس بوجه شاحب ....سمعت عابد يقول:
(غيبة أطلتها يا لؤلؤة لم أراك منذ زمن)
بقت لؤلؤة ساكنة تنظر الى الأرض بحيرة لترفع عينيها بثقل ترد عليه بصوت خافت:
(نعم مشاغل وأعمال وغيرها ...لا يكفيني الوقت أبدا )
همهمت آية بصوت عالي لتقول مخاطبة أيوب :
(لماذا لم تحضر معك دعاء.....حسبتك تريد الإطمئنان على عابد مصطحبا معك زوجتك ....لكنني فوجئت بسيدة ...لذا استغربت قليلا)
أجفل أيوب قلقا من كلامها ....لم يفكر أبدا في ردة فعل آية .....فلؤلؤة كادت تفتك بروحه لو لم يؤخذها فورا عند إتصال نجلاء بها .....
(هل مازالت في الجامعة؟!)
إستدار أيوب على مسمعها ليرد بتعلثم :
(ن ن نعم تركتها هناك حسب طلبها ....اما عن السيدة فهي صديقة الصغر أحضرتها معي لحادث نجلاء )
تدعو في قلبها ...تتمنى لو تنسى ما قالته .....تعد في تلك اللحظات البطيئة قبل موتها ...لا تستطيع المجازفة انها تموت رعبا ......لتسمع آية تقول بثبات تحدق بها بتفتي:
(تعرفنا على بعضنا فوق انها لطيفة فعلا)
ثم إبتسمت لها بخبث لتنهض ببطأ متجهة إلى غرفتها .....زفرت لؤلؤة نفسا حادا لتقول بصوت مسموع:
(الحمد لله)
سمعها عابد ليسألها مجفلا:
(هل أنت قلقة على نجلاء تستطيعين رؤيتها إنها فوق )
أومأت له بصمت لتصعد بسكون خائفة من أحداث اليوم.....دخلت الغرفة بصمت مهيب هناك كانت نجلاء تنظر للنافذة بشرود وكأنها تحمل هموم الأرض فوق أكتافها تنحنحت على صوت الباب إذ بها ترى أختها الكبيرة شاحبة اللون لتجلس أمامها .....استقامت نجلاء نومها جالسة لتفتح ذراعيها مستقبلة اياها في عناق شملهم لدقائق ...كانت لؤلؤة لازالت في حزنها تحتويها نجلاء كأنها تحميها من الخطر الذي يدور حولها ....أجفلت لؤلؤة على صوت نجلاء يسألها بريبة:
(ليس بي شيء ...فقط جرح في رجلي جراء وقوع قارورات العطر ....فأنا في بكائي لا أرى غير قطرات تغزو عينيْ كالبحر)
استدارت لؤلؤة لتتمعن في رجلها ثم قالت لها بخفوت:
(سلامة رأسك حبيبتي..اتمنى لو لم يحدث كل هذا ....انها فعلا كالوباء القذر )
(من تقصدين؟!)
لمحت نجلاء نار الشر في عيون لؤلؤة لترد عليها بخفوت:
(صحيح أنها فاسقة وأكرهها وجرحي كان جرائها لكنها تبقى هي من أنقذت حياتي ...لقد قامت بخياطة جرحي ..لو ذهبوا بي للمستشفى لخسرت كثير من الدم وفصيلتي قليلة جدا لذا تبقى شبه بطلة في نظري )
أمسكت لؤلؤة بيدين نجلاء بقسوة جعلتها تتأوه ثم قالت لها بشراسة:
(لقد فضحت نفسي أمامها إنها تعرف بشأني أنا وأيوب ستكشفني أمام عائلته ...سيفرضون عليه الإبتعاد عني لأنني متشردة قبيحة نكرة بدون نسب سيتزوج غاليات أبائهم ويتركني للهلاك كما كنت في سابق عهدي ....ستخبرهم ....انا السبب انا المتبجلة المتكبرة......سأخسر أيوب جراء نفسي ....سأخسره )
ثم انفجرت في بكاء عنيف ...صدمت نجلاء للحظات من كلامها ثم سرعان ما استقبلتها بضعف نحو صدرها لتعانقها بشدة باكية معها هي الأخرى هامسة بخفوت :
(ماذا فعلتي يا لؤلؤة يا إلهي ....رميت بنفسك للهلاك فعلا ...لكن كيف عرفت بشأنكم؟)
كانت لؤلؤة غي حالة انهيار لتتحدث باختناق من بين بكائها:
(أنا أخبرتها حسبتها الخادمة اللعينة ....قلت لها انا زوجته وامتثلي لأوامري وغيرها من الكلمات الغبية التي أشعلت غضبها ...حسبتها ستخبره من اللحظة الأولى لكنها إكتفت بالسؤال ثم صمتت بشرارة عند معرفة الإجابة المخالفة لإجابتي ...لا أعرف ان كان شيء جيد أو سيء ....انا فقط خائفة من خسارة عشيقي ...ماذا أفعل يا نجلاء أخبريني )
دهشت نجلاء لترد بشرود:
(كل مرة تبهريني بذكائك العظيم لم أعهدك بهذا الغباء من قبل يا لؤلؤة ومع من ....مع مركز العائلة القادرة على إذلالك بكلمة إلى كبير عائلتهم ....لا أعرف عزيزتي فقط سنكتفي بالصبر....والله عزيز رحيم )
.........................................................................
مستلقية تحدق في السقف بصمت تفكر في تلك السيدة التي كانت تتدعي أنها زوجة أيوب يعني أنها تحبه ...أو تتباهى به ظنا أن آية خادمة لا تعرف العائلة...لا تعرف
.....وهو يدعي أنها صديقته ...لاحظت آية تلعثمه في الإجابة...
مرة شاهدت على مقطع مسجل في الإنترنت ان تردد المرء في إجابته دليل على كذبه ... اغمضت عيونها قليلا ثم همست بخفوت
(إذا هو يكذب!)
....حاولت تجميع جميع الخيوط لتفتح عينها فجأة ...إذا هما على علاقة منذ زمن ....هذا سيساعدها في ايجاد سبب لطلاق سريع لابنة خالها ....هاذا فقط ان شهدتهما على خيانة مباشرة بعينيها ....سيتغير كل شيء ...نحو الأحسن ربما فإن تطلقت دعاء ....تتطلق آية فورا خوفا من عداوة جديدة....لا تستطيع المجازفة الآن على شيء يمكن أن يكون وحي من خيالها
...ستكتشف الأمر ....بطريقتها الخاصة ....قد يكون الحل أو الأمل الذي ستتمسك به في الوقت الحالي...أجفلت على صوت الباب وسط تفكيرها يليها وجه عابد الذي كان ينظر إليها بتدقيق....وهي ...مستلقية على الفراش ترتدي منامة أخرى لكن الفرق ان لها تنورة ليس بنطال ....يا إلهي انها ترتدي تنورة وردية بلون الكرز القاني ...يبرز عند تحركاتها الكثير من مفاتنها المتبججة...إتجه نحوها ليستلقي بجانبها ينظران معا الى السقف بصمت ...ليسمع مراهقته تقول بثبات :
(من لؤلؤة ومن نجلاء وكيف تعرفهم وما علاقتك بهم ومادخل إبن عمك في الموضوع)
إرتاب عابد لأسألتها المتتالية ثم رد عليها بفتور:
(كلنا أصدقاء منذ الصغر )
زفرت آية نفسا قويا لتقول له بغضب:
(غير هذا )
إبتسم عابد بخبث ليقول :
(هل هذه غيرة أم ماذا لماذا تسألين عنهم ...صديقاتي حبيباتي ...زوجاتي ...مابكي أنتي )
سمع ردها المفاجئ:
(من تغار يا روح زوجتك لما لا تجيب على حسب السؤال أم انك خائف ؟)
ضحك ضحكة خشنة أفزعتها قليلا ليقول بخفوت:
(من يخاف أنا مِن مَن أنتي ؟)
ليمسك بها بوحشية يحط بها فوقه ...لم تحاول الإفلات لأنها تعرف أن محاولتها تأبى بالفشل دائما إستسلمت له بضعف فتركها تستلقي على صدره ثم سمعته يقول:
(كان يعيشان بالميتم ....مرة أنا وأيوب كنا نسير بالسيارة إذ حصل حادث جراء قيادته الفاشلة .... تعرفنا عليهم صدفة على ما أظن.....كانت حالتهم يرثى لها ...لذا نقلهم أيوب الى بيته ينظفنه ويعملن به ....تحسنت ظروفهم بفضله ....درسن وإجتهدن ...لتصبح لؤلؤة محامية بسبب مساعدات أيوب المتكررة ...أما نجلاء فلم تساعدها دراستها لذا فضلت ممارسة هوايتها في الخياطة والبقاء في البيت ...بقينا على تواصل كلنا الأربعة بالطبع ....عشنا المغامرات سويا لحظات الفرح والحزن وغيرها ....بعد خروجي من منزل أهلي إنتقلت إلى منزلي...كنت أحتاج لعناية به و من يكفلني في طعامي ....لم أرد ان اقول لأمي لأنها اما ستزوجني وام أكن احب الزواج و إما ستأتي هي لتنظف وهذا ما كنت لن أرض به ...فاقترحت لؤلؤة علي انتقال نجلاء كونها محل ثقة و صديقة العمر لذا وافقت برضى.....صارت تعيش معي وتتكفل بكل شيء ....تمارس هوايتها وأسعادها براتبها الشهري ..)
ثم صمت يتنفس ببطئ أنفاسه الثقيلة تحرك صدره القوي لتتحرك معه بروية ....أغمضت عينيها لتقول بهدوء :
(تستطيع العودة لبيتها الآن ...أنا هنا أتكفل بأمور المنزل وأمورك )
عم الصمت المريب أرجاء الغرفة لترفع عينيها نحو عينيه معيدة كلامها:
(هل سمعتَ ما قلته؟! )
تنحنح قليلا ليقول بتردد:
(لما نفصلها .....البيت كبير ...وليست مصدر إزعاج أرى أن بقائها لا ضرر فيه ..)
أجفلت آية لتبتعد عنه بغضب قائلة :
(هكذا إذن ...لما أنت متمسك بها ...ولا ضرر فيه تفاهاتك الغبية ....انها تروقك إذن من نهارها الأول لم أحبها تعانقك ولا أعرف غيبتها وغيبة أمها الغبية تبا لها )
شعرت بيد تحط على وجنتها بقوة تدفعها حتى كادت على وشك السقوط على الأرض لكنها تشبثت بالسرير بقوة لتسمعه يقول بحدة:
(حذرتك من سلاطة لسانك ...ولما أدخلتي أمها الميتة في الموضوع....الغبية الوحيدة هي أنت ليكن في علمك ...لا زالت في أعماقك فتاة بعمر الخامسة )
ونهض متجها للخروج مغلقا الباب خلفه بقوة....وهي لا زالت في حالة صدمة مما جرى الآن لقد ضربها بسبب خادمة سليطة ..أنقذت حياتها الليلة الماضية..لا تعرف ماذا تفعل الآن ......
.........................................................................
في وقت العشاء ....جالسة على طاولة المطبخ المكونة من ستة كراس ...تقابلها نجلاء التي ساعدتها في النهوض والجلوس...وعابد بالكرسي الرئيسي لم يكلمها منذ لحظة عودته ولم ينظر إلى وجهها حتى .....هلموا إلى الأكل ...لقد حضرت العشاء بعناية بكل ثقافتها المطبخية..... بدأوا أكلهم في صمت لم يشكروها حتى على تعبها أو أي شيء من هذا القبيل ....قطع أكلاتهم صوت عابد يقول :
(هل أنتي بخير الآن؟)
نظرت إليه آية بغضب لتواصل أكلها بعنف شاتمة في أعماق قلبها ....إلتفتت له نجلاء ببطئ تبتسم له بخيلاء حتى ظهرت غمازاتها الجذابة ثم وضعت يدها على كتفه بحنان لتجيبه بخفوت:
(أفضل بكثير ...)
بادلها الإبتسامة وعيون ميتة المشاعر تراقبهما بصمت ....قاطعتهما آية مفسدة الجو المشحون قائلة بثبات:
(هل أحضرت ملابسي وأغراضي؟)
لم ينظر ولم يستدير لرؤيتها حتى إكتفى بالرد عليها بتجهم قائلا :
(ملابسك ...أغراضك بغرفتك في الطابق السفلي )
إرتابت آية لكلامه لترد عليه بحيرة:
(غرفتي بالطابق السفلي ؟)
أومأ لها دون الرد ليعيد نظره الى نجلاء يغمز لها بعفوية ....تبادله الإبتسام بحنان هي الأخرى...ونار الغضب تحرق آية تتمنى لهما الموت سويا في الجحيم الهالك....انغلقت شهيتها على منظرهما لتهنض تغسل الأطباق الباقيين ....بعد دقائق حاولت نجلاء النهوض لكنها كانت على وشك السقوط فساندها عابد واضع يده بخصرها ويده الأخرى بيدها متجها بها الى غرفتها .....لمحتهما آية بصمت مهيب يخفي الكثير من الغضب المتستر .....أوصلها إلى غرفتها وبقى معها بعض الوقت ليس بالقصير ......أكملت آية تنظيفها لتتجه إلى الأسفل بشرود صادفها خروج عابد من غرفة نجلاء ضاحكا بعفوية ليلمحها إذ إختفت ابتسامته وحل مكانها التجهم لم ينظر اليها طويلا ليتجه إلى غرفته صافقا الباب خلفه .....
أوجعها تجاهله لها ....لم تعهده على هذه القسوة ....بالرغم من الفترة القصيرة التي قضتها معه لكنها لا تريده بهذه الشخصية ....واصلت نزول السلالم ....لتفتح باب غرفتها هل تظنها غرفة الأحلام كسابق من نامت فيها.... لكن خانها املها والحسرة إعتلت قلبها عند رؤيتها ....كانت عبارة عن فوضى مأساوية.....لم يتكفل حتى بتركيب السرير تركه مبعثر لحاله ....وملابسها متناثرة في كل مكان ....الشيء الإيجابي بهذه الغرفة هو شرفتها الكبيرة المطلة على الحديقة البهية بالرغم من انها في الطابق الأرضي الا ان إطلالتها روعة .....لم تقوى على تنظيم غرفتها الآن لذا تركت كل شيء للغد واتجهت الى الفراش دون السرير لتنام براحة من أعمالها اليوم وتعبها الذي لم يشكرها عليه أحد حتى ...........
يفتقد لمكانها الشاغر ....ثلاثة أيام غيرت من حياته .....استطاع تجاهلها بصعوبة .....سحرها الخاص كان يجذبه ليفلت منه بمهارة .....لمح نظراتها الغاضبة دون الحاجة لرؤيتها حتى .....يقسم أنها تغار من نجلاء ....كادت ان تفتك بها على طاولة العشاء....العشاء ....يا إلهي من ذلك العشاء ....أكلها الطيب لم يتذوق مثله من قبل ....حتى لم يعهده عن أمه سيدة الطبخ .....لمساتها الفنية زادت من سحر الأكل لذة وجمالا ...حاول إخفاء ردة فعله بإعجاز ....إنها فعلا ماهرة في كل مشاغل الحياة ...مراهقته الصغيرة أحبها من أول صدفة جمعتهما سويا ......
تبتسم بحماس على سريرها تتذكر عيونه المخملية الساحرة ....كلماته العفوية و لمساته اللطيفة عند مساندته لها ......يده السمراء المتشبثة بها جعلتها ترمي ثقلها كله على جسده الضخم ....ربما حادث رجلها كان شيء جيد في النهاية إذ ساعدها في التقرب منه بسهولة ....تقسم أنها قادرة على القتل لأجله ....انها تعشقه وتموت فيه وستصبح زوجته أبى أم عصى ........
........................................................................
استيقظت على ضوء ساطع تخلل جفون عينيها لتفتحهما ببطىء وما حالها لرؤية خضر الحديقة مختلج بألوان الورود بعث في قلبها الأمل والحماس على صباح مشمس كهذا ....استقامت جالسة تفرك رأسها ببطئ ....تفكر فيما ستفعل اليوم .....تنظف غرفتها ....تعد الفطور.....تحاول مصالحة عابد ...ظيا الهي لما هي تحاول ....هو ضربها ....هو يحاول ....لكن هي المخطئة .....لا تعرف ستترك هذا الأمر الة يوم آخر ....ستعد فطور نجلاء وتأخذه لغرفتها حتى تبقى مع عابد لحالها .....نعم ستفعل كل هذا .....اتجهت لتغير ملابسها فاختارت ثوبها البيتي الأصفر المليء بالورود مختلفة الأشكال ...قصير الى حد ما ....تحب هذا الثوب انه يليق بجو اليوم وبغرفتها البهية ....ثم قامت بمشط شعرها وامساكه من الأمام على شكل لوالب بمساك على شكل وردة كبيرة مرصعة بجاوهر مختلفة يليق بالثوب .......خرجت صاعدة الدرج بحماس ....تظن أنها أول من استيقظ ....ابتسمت في أعماقها لتتجه إلى المطبخ بحماس ....بدأت في تحضير الفطور وهي تغني وتتمايل أيضا ......حركاتها الخفيفة تتلائم مع رقصها وكذا تحضير الفطور .....تهز وركها يمين ويسار ...تدور وتدور ....ثم تضحك بعفوية على نفسها تفتح شرفة المطبخ فيدخل نسيم الهواء يتخلله أشعة الشمس الدافئة ....أعادت الإبتسام براحة....تعشق هذا الجو ...تعشقه بكل تفاصيله .....
(صباح الخير...)
أجفلت آية على الصوت من ورائها ....تحفظه عن ظهر قلب ....لتبتسم له حتى توردت وجنتيها ترد عليه باتزان:
(صباح النور..)
كان متجهم الملامح ليلته كانت صعبة لم يستطع النوم بالسبب التفكير المتتالي ...يتقلب على فراشها مرارا وتكرارا ....لكن محاولاته أبت بالفشل ....جاء على ملمحه قميصه المرمي الى البعيد نهض يتأكد من صلبه ....كان قميصه الذي إرتدته بالنهار الأول ....لا يعرف كيف امتدت يداه حتى قام باشتمامه ....بالرغم من غسيله ..لكن رائحتها موجودة فيه أخذه معه نحو سريره وضعه فوق جانبها من السرير ثم استلقى مبتسما يغمض عينيه براحة ربما القميص خفف من اشتياقه لها قليلا ......
استيقظ في الصباح على صوت دندنات و غناء طفيف فتح عينيه بصعوبة يتأكد من مسمعه نعم كان غناء ارتدى ملابسه ثم اتجه الى الحمام خرج منه و غيّر وجهته الى مصدر الصوت الموجود بالمطبخ ....كانت شقيته تغني وتتمايل بود .....إبتسامة خائنة هربت الى شفتيه ....لم يستطع إمساكها ...يتمنى لو يحملها ويذهب بها الى آخر الكون يتمايلان براحة ثم يريها أصول التمايل الحقيقي ...أخفى ابتسامته العفوية ليحل في مكانها التهجم المطلوب ثم قال لها صباح الخير بالرنة المطلوبة لترد عليه بود وإشراق أذاب الباقي فيه لكن حافظ على ملامحه بالرغم من أن نفسه تقول شيء آخر لاحظ إبتسامتها الجميلة ثم قالت له بعفوية:
(أريد أن أقول شيئا بالرغم من أنك أنت المخطئ لأنها المرة الألف تضربني فيها لعدة أسباب باطلة لا دخل لي بها لأنك ظالم و ت...)
لم تكمل كلامها حتى لمحته يهجم عليها ممسكا بها من خصرها بقوة ....يكبل إياها على طاولة المطبخ ينظر إليها بغضب ليهمس لها بشرارة:
(أنا الظالم إذا ..)
وضعت يدها على عنقه السمراء لا تريد إغضابه ...تريد إستعادته فقط ........ووضعت اليد الأخرى على يده الممسكة بخصرها ثم قالت له بصوت مرغوب:
( نحن الإثنين مخطئان ...حسنا لساني طويل وأستحق المعاقبة ....لكنك أنت أيضا تغضبني كما أن يدك طويلة كل مرة تتفنن في وجهي المسكين )
إقترب منها أكثر ثم همس لها ببطئ ووجهه قريب من وجهها:
(ماذا تنتظرين مني أن أفعل بعد سماعي لشتميتك على والدة ميتة لا دخل لها بالموضوع صحيح لسانك الأعوج يلزمه قص على يدي )
إبتسمت له بخجل ثم قالت :
(حسنا ربما أنت على حق .....من سيبدأ الإعتذار أولا ؟!)
أجفل عابد مستغربا لكن سرعان ما حل مكانه نظرات الخبث ليقول:
(إبدئي أنتي ...؟!)
زفرت آية نفسا حادا ثم حاولت الابتسام بصعوبة لتقول :
(أنا آسفة على سلاطة لساني ....هيا دورك أنت )
إبتسم لها إبتسامة اعتلت وجهه حتى ظهرت غمازاته المخفية تحت اللحية الكثيفة ليقول لها :
(إعتذارك مقبول....بالنسبة لي لن أعتذر وشكرا لك مسبقا)
إندهشت آية لتفتح عينيها باتساع ولم تكد تشرع في حديثها ...حتى رأته يقترب من وجهها ليقبلها بنهم إستقبلته بترحيب معانقة إياه بقوة تمسكه من عنقه فتقربه أكثر إليها ترتوي من رحيق حبها له .... لذا فضلت الصمت والإمتثال ربما ستناقشه في موضوع الإعتذار فيما بعد ....
أنت تقرأ
صدفة قاسية 🔞
Ngẫu nhiênوأغار من غريب يرى عينيك صدفة فيغرم بهما ...كيف لا وهو يهيم بعيون الرمل الذهبية ....شرقية اجتمعت فيك الثقافات..... ...... لتكون مثالية في عيوني فقط ......