أوصلها ابن عمها والسعادة لا تفارقها كان يوما حافلا بالمرح ...لم يتوقفا عن الدردشه والضحك ..نسو جميع همومهما في تلك الجلسة لم تتوقع هذه الاستجابة ..كأنه أصبح متقبل و لطيف اكثر من ذي قبل ....فتحت الباب ولازالت شاردة في تلك اللحظات وهي تودعه مبتسمة بنعومة وتورد وجنتيها لا يفارقها بينهما هو كان يحدق بها بإعجاب .. بنظرات كانت تراها في احلامها فقط ....
(أين كنت؟؟)
قاطع تفكيرها الصوت البحوح الذي افسد ذكرياتها الحلوة لتستدير تحدق في أخاها الصغير بازدراء ثم ردت عليه ببرود:
(وما دخلك في حياتي صدقا ؟)
رأته وهو يقترب منها وملامح الغضب غزت وجهه ليصرخ فيها :
(أنا اخوك يا حمقاء يا غبية يا صاحبة النصف عقل )
جرحتها كلماته وضربتها في الصميم لتفسد يومها الجميل ...لكن لا ليس هذه المرة ...تنحنحت صفاء لتصرخ فيه هي الأخرى مدافعة على نفسها:
(إسمع يا أيا كنت ...أنا لي أخوان عابد و اياد انت سوى أخي من ابي ...أخ سطحي يعني...وما الذي أحضرك الى بيتنا ألم تقل قبل شهر أن ليس لك اي صلة بأمي إذن هذا بيتها إن لم يكن لك علم ....هذا بيت فيروز مؤمن كتبه جدي بإسمها ...لذا فاخرج دون مطرود ..)
إستشاط غضب راسب ولم ينتظر ليمسكها من شعرها يهزها بقوة وهي تصرخ بقوة ....فنزلت فيروز بذعر جراء الصراخ ترى طفلتها في يد إبنها الصغير .. هرولت إليهما تفك شعرها من أنامل أصابعه بصعوبة ليتركها قائلا:
(انها تطردني ...من بيت جدي ...تطردني ..قصرتي في تربيتها يا فيروز ...فبهذه التصرفات ستصبح عاهرة آل مؤمن ...)
تركت فيروز ابنتها بعد ان ربتت على رأسها بحنان لتستدير نحو راسب قائلة بحدة :
(اذا كنت تأتي لرؤية اخوتك بالسراء والمحبة فمرحبا بك إن لك ملاحظة على تربيتي او اي شيء آخر اكتبه في ورقة وناوله لأباك فانا لم أقصر في تربية أيا من ابنائي والآن أستسمحك عذرا شرفتنا لأمك هيااا ....ابنتي ليست كيس مصارعة وانا لست مقر شكوى ...)
ثم اشارت للباب ودموع تعتلي عينها اللؤلئية .....
صدمه كلامها كأول مرة تقف في صف صفاء متجاهلة إياه وتطرده أيضا...إستدار راسب منكسر الخاطر هل كل عائلته تنبذه الآن...أخاه ...اخته...حتى امه ...لم يتوقعها من امه ابدا ...عندما دخل هذا الباب وبعد كلامه القاسي عانقته بحنان بالغ وهي تقول مدى اشتياقها له ...دائما ما تعانقه عكس اخوته ....كان يتذمر عابد قائلا في كل مرة انه لا يصح ان تحبه اكثر منهم وتدل.له اكثر منهم لم يكونوا يغاروا ابدا كان مدللا بدرجة كبيرة من كل الأطراف غير اباه فعابد دائما في المركز الأول .....وصفاء مدللة اخاها اياد وراسب مدلل أمه ...مشى طويلا بعد خروجه من القصر يفكر في طريقه ....لم تتصل به مريم ولا أباه حتى فيروز تناسته واخاه اين هو ...
(يااا الهيي)
صرخ صرخة مدوية في الشارع المطل على البحر ليجلس ارضا يبكي بحرقة ....ماذا فعل في حياته ليحصل كل هذا .....
........................................................................
دخل المنزل بملامح الحماس وكانه في الحلم ليعود للواقع بنفس الشعور ...قابلته فور دخوله بملامح مخيفة وعيون محمرة عليها دموع لم تتوقف عن الهبوط ..اعتل وجهه ملامح الاستغراب فيزول الحماس آتيا محله الخوف والريبة ....اقترب نحوها ببطء ليمسكها من ذراعيها قائلا لها بوهلة :
(هل انتي بخير ؟ )
رفعت عيونها السوداء بثقل لعيونه الخضراء بالوان الطبيعة لتهمس بصوت ميت مرتجف يرفض الخروج:
(الست زوجتك هل انا جارية تلبي حاجياتك لترميها دون السؤال عنها ...هاتفك مغلق منذ الصباح بحثت عنك في جميع الاماكن سئلت عنك ااغريب والقريب لا خبر....اين كنت .... )
ثم صمتت لتشهق بألم مكملة كلامها صارخة فيه بوجع:
(اين كنت وهل لي ااحق في معرفة شيء عنك )
ثم سقطت على الأرض دافنة وجهها بين يديها ...كادت ان تموت رعبا عليه ...لولا محادثة ابتهال ومواصلة طمأنتها كانت قد خرجت ليلا تسأل كل صغير وكبير...كيف طاوعه قلبه لتركها وهو يعرفها حساسة ...بريئة ...وردة تفرحها..وكلمة تحزنها ...لكنها ليست حقودة ابدا...لو كالمها ...حتى لو كان غاضبا كانت لتعذره وتتمنى له التوفيق فيما يفعله لكنه جرحها ....
(اكتمل شحن هاتفي ولم اكن بالعيادة لأشحنه ...كنت مع صفاء لا غير زارتني ودعوتها بدوري للفطور .. )
في الواقع لم يكتمل شحنه بل اغلقه من مكالمتها المستمرة ورسائلها الكثيرة باتت تزعجه أطفأه ليكمل نهاره الجميل مع ابنة عمه ...حنت له نظرة لزوجته الحساسة ...فاتجه نحوها جالسا الى جانبها ...شهيته مفتوحة اليوم يريد النهار مكتمل الجمال حتى ليله اقترب منها يقبل عنقها بشراهة وهو يفك ازرار قميصها اللعين ..اما عنها فكانت في حالة صدمة ...صفاء ثانية هي وحدها من تعلم شر وحقد صفاء ونقمتها لزواجهما...هل زارت زوجها وخرجا للفطور سويا ..ماذا تنوي هذه الافعى ...وفي افكارها كان خالد قد حملها لغرفتهما وهي مستسلمة ...ليست حتى سعيدة بهذا الإنجاز وبينما خالد منهمك في تقبيلها استطاعت عنبر إخراج هاتفه ثم قامت بإشعاله ...والمفاجأة ان شحنه كان لا بأس به ..هل أغلقه ؟؟....تنحنحت عنبر بغضب لتدفعه بعنف صارخة فيه:
(أي شحن وأي كذب تفتريه ....ها هو الهاتف جميل لا يحتاجه سوى أن يفتح ..يا تافه .. )
ثم رمته على الارض ليسقط محطما لشظايا وشرارة الغضب تفتك بروحها البريئة ....
...صدم خالد من تصرفها كيف قاومته وكيف أصبحت منفعلة لهذه الدرجة هل غيرتها بضع ساعات من غيابه... اقترب منها ثانية ليصرخ فيها وهو ممسك اياها من شعرها يكاد يقتلعه من شدة قوته :
(اياك ومحاسبتي مجددا ...انا الرجل لا انتي...وأنا الذي تحملتك اربع سنين شفقة عليك واحتراما لعائلتك لا تجعليني انفر منك اكثر مما انا نافر على الأقل... )
ذبحتها كلماته الجارحة لتبكي بعنف صارخة فيه ..كيف كانت عمياء ...خالد لم ولن يحبها ابدا...ولن تستطيع جذبه ابدا..ربما قلبه لم يكن لها من البداية ...وهي كانت توهم نفسها بالعكس ...أفيقي عنبر افيقي ..إنه لن يكون لكي ابدا ..بالرغم من حبك المجنون به ..
..تركها بعد عناء ليتجه الى الحمام شاتما بكل ما يعرف ....ظلت عنبر تبكي على حالها لتتجه نحو هاتفها تطلب رقم صديقتها الجديدة فقد جاء دورها في السرد ....
...........................................................
مستلقية بضعف على سريرها تحدق في السقف تتذكر كلماته الوحشية كيف نعتها بالعاهرة وكيف جعل من ماضيها البائس مذلة يذكرها به في كل شجار ....استدارت بثقل للجانب الآخر ترى الظلام المحيط بها ...فلم يتجرأ على دخول الغرفة بعد صراخهما مساءا....
سقطت تلك الدموع الحجرية ..كيف سمحتي لنفسك يا ابتهال ...كيف جعلتي من نفسك بخسة الثمن ...لما ليس لي عائلة اما واب ألجأ لهما وقت الحاجة ...فقط أن أقول امي احميني واحتويني بحنانك ...أمي؟؟تذكرت فور قولها لتلك الكلمة الشريفة ....ماذا حصل صباحا بالشركة ...وتجسسها على السيد راسب ...كان يتحدث عن أمه وعلى أنه غير قادر عن البوح لحبه لها ...تتفست الصعداء بروية لتغمض عيونها متذكرة إياه كأخاه جميل الشكل مهذب الطباع طويل القامة جاذبيته لا تقاوم ...مديرها الحالم...هل يعقل ان له مشاكل مع امه ...حتى الثراء لا يحل اكبر المصاعب .....وفي تفكيرها المتصاعد رن الهاتف قاطعا هدوءها لتتذمر ترى من المتصل كان عنبر في هذا الوقت من الليل ...لم تفكر ابدا لترفع السماعة سائلة بوهل:
(اهلا عنبر ..هل من خطب جرى؟؟..)
لاحظت توترها حتى وهي بعيدة عنها لترد عليها بصوت مرتجف تقطعه الشهقات:
(لقد ضربني خالد ...لا أصدق لقد هاجمني وقال لي انه يشفق علي لذا تركني زوجة له ...انا لا احتمل صدقا ..لا أحتمل...)
لتذهب في نوبة بكاء عنيفة سمعتها ابتهال وقلبها يعصف ...فهذا احساسها عندما تتشاجر مع فادي ...لم تنتظر كثيرا لترد عليها:
(اسمعيني عنبر...لا تخسري مستقبلك ...احملي اغراضك واذهبي عند اخاك سأقلك عنده ارسلي لي عنوانك و حاولي الهاء خالد للهرب ...ليس انت من تبقى تحت الذل ...ليس انتي ابدا ..)
حاولت ابتهال تهدئتها وافهامها الخطة لكن عنبر كانت مترددة و النوبات لا تفارقها حتى صرخت فيها ابتهال بهمجية :
(هل تريدين البقاء مذلولة كل شجار يذكرك بانكي سوى بضاعة تركها ...يذكرك بان ليس لكما صلة سوى كلام على ورق ...هل تريدين الارتباط بشخص لا تهميه بأي شكل ...ابدئي الخطوة ...لربما عرف اهميتك بحياته ....)
أومأت عنبر وكأنها امامها نعم معها حق ..لربما كانت خطوة صحيحة انها لا تستطيغ مواجهته حاليا بعد كلامه الجارح وقفت عنبر ولازال الدوار يؤثر عليها ...لتتجه نحو خزانتها ...ولحسن الحظ كان خالد لازال بالحمام ....جهزت الحقيبة بسرعة ثم قالت بتردد:
(سأرسل لكي العنوان ..معك حق لست انا من تعيش تحت الذل..)
.......بعد ربع ساعة كانت عنبر تستقل سيارة ابتهال او بالاحرى سيارة فادي التي سرقتها ابتهال بنجاخ بعد تسللها لغرفته وسرقة المفاتيح اذ فادي نومه كالدببة ....خرجت بها مستعدة لدهس اي احد يريد تدمير مستقبل فتاة أخرى ....
تطلعت الى ملامح صديقتها ببطأ كانت خائفة مرتعبة وكأنها هاربة للأبد مع حبيبها ربتت على ذراعها برفق تهون عليها لتقول بخفوت:
(اتخذتي الخطوة الصحيحة ... )
رفعت عيونها تنظر لها باستغراب ثم ردت بخفوت مماثل :
(نعم كان يجب ان افعل هذا قبل مدة .. )
ثم ابتسمت بارتجاف لتنطلق ابتهال بالطريق المظلم متبعة المسار الذي اطلعتها عليه عنبر .....
كانت قد دخلت القصر الفخم بعد فترة من السير وهي شبه مصدومة من جماله وفخامته أحلى من قصر فادي بكثير كالقصور الملكية حقا...أوقفت السيارة أمام البوابة ثم نزلا متشبثين ببعضهما كأن كل واحدة درعا لأخرى ....تدق الجرس بتردد ثم تتنحنح تنظر للطفلة الباكية من خلفها...كانت تبدو هشة مثلها ...كم تشبهها في ضعفها ...تذكرها بلحظات انهيارها عندما تتشاجر مع زوجها .....استقامت بسرعة لحظة فتح الباب ...لكنها سرعان ما استغربت عندما قابلتها امرأة اخرى عيونها الزرقاء دامعة وحمراء .... شعرها الحريري فوضوي بشكل مخيف وكانت متشبثة في الباب لتفاجئها عنبر وابتهال فتحل ملامح الاستغراب وجهها قائلة بريبة:
(من انتي ؟؟ )
تجهمت ملامح ابتهال من هذه السيدة الحمقاء ...ألم تلمح اختها ورائها؟ لترد بغضب:
(انا صديقة عنبر أحضرتها لمنزلها ريثما تهدأ الأوضاع وها هي ورائي ...هي متعبة قليلا لو سمحت ...لا تستطيع مناقشة احد ... اتركي الأسئلة للغد )
ظلت صفاء تحدق فيهما وكأنها لم تفهم شيئا لتتقدم عنبر ببطأ تواجهها قائلة بوجع :
(ماذا تريدين من زوجي...لماذا تواصلين اللحاق به و تتبعينه من مكان لآخر ...ألم تفهمي بعد انه زوجي إسمه إسمي...انه زوج ابنة عمك ...هل انتي غبية. .. )
ثم صفعتها بقوة لتنهمر صفاء في بكاء عنيف وتسقط على الباب دافنة نفسها بين يديها....كل هذا و ابتهال مصدومة ...اذا هته ليست اخت عنبر واضح من فرق الملامح وهل تقترب هته الحرباء من زوج عنبر ...ما الذي يحدث هنا ...ثم هل خالد يخون عنبر ؟؟....لا لا يا الهي هل يمكن ...
كانت عنبر تتقد شرا ويدها لا زالت مرفوعة تأبى النزول جزاء من تقترب من حاجة لا تخصها ...حنت لها التفاتة لصفاء ...هل كانت ضربتها قوية لدرجة هذا البكاء الهيستيري ...
(امي لا اعرف اين هي ....امي مفقودة ..)
صرخت عنبر لكلمات صفاء فلطمت وجهها قائلة:
(يا مصيبتك يا زوجة عمي واين هي مالذي حصل تكلمي بالله عليك.. )
رفعت صفاء وجهها ببطأ لتكمل كلامها بتلعثم :
(اخي ...اخي الصغير خرج غاضبا بسببي ...ولم يرجع لبيت ابي لانني كلمت ابي سائلة عنه تلبية لطلب امي لكن لم يذهب ...كلمنا الشركة وكل مكان يذهب اليه لم يكن هناك ...لم تستطع البقاء والقلق يقتلها لذا خرجت بعد ان قامت بإلهائي باحثة عنه في شوارع المدينة ....أنجديني عنبر ارجوكي...امي امي لا اعرف اين هي ...هاتفها مغلق )
واصلت عنبر لطم وجهها بقلق لتتدخل ابتهال فاصلة الوضع المشحون صارخة فيهن:
(لا رائع ....سيدة تبكي وعويلها بين الجيران وسيدة تلطم وجهها مجهزة لها الإيقاع ...مشكورين ...هيا أنت وهي ...ما من وقت للبكاء فلنبحث عنهم بين الحارات..)
رفعن رؤوسهن فجأة لينهضوا مجهزين نفسهم حيث احضرت صفاء حجابها و ملابسها و اغلقت الباب بحذر تتبعهما بسرعة ....
........يتجولان بالسيارة ما يقرب الساعتين على الرابعة صباحا كان ليلا والجميع نائم إلا هما يتجولان كالسراق ....وعيونهن على كل زاوية ...لكن لا أمل ...حتى القطط غير موجودة بهذا الوقت ...
(يا مصيبتي كله بسببي أين انتي يا أمي أين انتي ؟؟)
استدارت كل من ابتهال و عنبر على كلامها المأساوي لتربت على يديها ابتهال ثم ترد بحنان :
(لو تطلب الأمر البحث عنهما الليل كله وحتى آخر العالم سنفعل وسنجدهما ...)
ابتسمت صفاء براحة ...كانت بحاجة لها فعلا ...لولاهما لكانت انتحرت وهي تتهم نفسها بكل ما جرى ....
تقدمت عنبر نحوها لتمسكها قائلة:
(هل اتصلتي بأخاك الآخر ...)
التفت صفاء فجأة لتحدق بها بصدمة هامسة دون وعي :
(يا إلهي نسيت ان لي أخا آخر ....لكن منزله بعيد مستحيل أن يذهب وزوجته لا يطيقها ...بعيد البعد ان يذهب..)
ضربتها عنبر على قمة رأسها لتصرخ فيها:
(اتصلي يا غبية إسأليه وحسب )
إمتثلت صفاء لكلامها بذعر وهي تحمل الهاتف بأصابع مرتجفة ووضعته على أذنها تنتظر رفع السماعة....
........مستلقي الى جانب زوجته الغاضبة وهي تعدل الملابس بتوتر .....اقترب منها يقبل ظهرها بنهم فتبعده بغضب ...ليطلب الصبر راجعا لجانبه البارد محدقا فيها بنقم ....يواصل حرب التحديق وهو يتأفأف بملل حتى يرن هاتفه مخرجا إياه من عالمه الممل ....
اتجه اليه يخرجه من الجيب ليفاجأه الإسم المضيء ....
(صفاء في مثل هذا الوقت؟؟)
استغرب قليلا ليرد عليها لكن لم يجد الوقت لإلقاء التحية اذ باشرت الكلام قبله ...
(يا أخي أنجدني ....ارجوك امي خرجت باحثة عن اخي في الشوارع ولا اعلم اين هما ....)
صرخ عابد بقلق لدرجة ان أية فزعت لصوته وشتمت في أعماق قلبها ثم سمعته يرد عليها:
(كيف حصل هذا ومتى خرجت هل راسب صغير لتقلق عليه ...)
واصلت صفاء البكاء بهستيرية لا تعرف كيف ترد لتخطف الهاتف ابتهال قائلة له بثبات:
(إسمعني يا سيد اختك وابنة عمك معي نبحث عنها....نود منك المجيء لمساعدتنا ان احببت ؟؟)
سكن عابد لحظات وهو يسأل نفسه ...من هته الصديقة ؟مالذي يحصل أين أمي ...ثم قال بتلعثم :
(أرسلي لي عنوانك وتوقفي حيث ما أنت أنا آت ...)
واستدار نحو الدولاب يبدل ملابسه بينا اتجهت آية عنده تسأله مالذي يحدث ليرد عليها بتجهم :
(لا أعرف امي مفقودة وينتظروني للبحث عنها ....)
ضحكت آية بشدة...هل يمزح فعلا ؟؟....أمه مفقودة ...ثم قالت والضحك يفتر بها:
(هل أنت جاد ؟؟)
وواصلت الضحك بسخرية...ليلتفت عابد بملامح مخيفة حتى انها نست فمها مفتوح من الخوف وقالت ببطأ:
(أنا آسفة حقا ...هل أذهب معك ارجوك؟)
تنهد عابد بغضب وهو مغمض عينيه ليومئ بملل......
أقفلت الهاتف بحسرة لتقول بصوت باهت :
(طلب منا التوقف ..)
تأفأفت عنبر بنفس حاد لتقول بغضب:
(حسنا إذهبي من ذاك الطريق أركنيها هناك بينما ننتظر سيادته)
إمتثلت ابتهال لأوامرها ببطئ وهي تدير السيارة نحو الزقاق الضيق بين العمارات العتيقة .... وعلى التفاتة واحدة نحو الشارع المطل على البحر كانا هناك حتى ان صفاء صرخت من السعادة :
(ها هماا!!..انهما هناك )
ثم أشارت لمحل رؤيتها ...
...على ذلك المقعد الحديدي المتسخ ...معانقا اياها بلطف وضوء الشروق بدأ بالتسرب نحوهما ...كانا كلوحة مرسومة لأعظم ذكرى أم وابنها حتى ابتهال لم تتحمل جمال المشهد لتصوره وحمدا لله أوقفوا السيارة بعيدا عنهما قليلا حتى لا يفسدوا راحتهما
تنفست صفاء الصعداء مبتسمة وهي مغمضة عيونها ....راحة تسربت لها هي الأخرى ....عانقتها ابتهال قائلة لها بسرور :
(قلت لكي سنجدهما..)
فتحت صفاء عيونها بثقل مبتسمة لها ثم أومأت بنعومة وقد عاد توردها من جديد ....ثم استدارا يتطلعان لعنبر التي كانت تحدق في البحر بملامح حزينة تتخللها بعض السعادة فقد كانت تسترجع ذكريات كهته اللحظة ....لحظة شروق الشمس في البحر على نسيم الهواء المنعش والمياه الباردة تلطمها برفق ...جالسة على الصخور اللامعة مع أخاها الحبيب ....كانت لحظات جميلة جدا ......
.........................................................................
....قبل عدة ساعات ....
رفع رأسه ببطأ ...لينظر لساعد يده يتطلع للساعة انها الواحدة ليلا ولم يتكرم أيا منهم بالسؤال عنه ...استلقى على العشب البارد كان الشارع خالي من اي بشر فقط هو ...اغمض عينيه بتعب ينوي النوم هنا كالمتشردين لكن ما جذبه سماع اسمه من بعيد ....فتح عينيه فجأة ليستقيم ببطأ يتأكد مما سمعه ....
(راسب ...راسب ...راسب)
نعم ...احد ما يناديه ...وقف راسب بسرعة متبعا مصدر الصوت ...ليتضح انه صوت مرأة ثم تقدم اكثر وهو يجري كالمجنون ....حتى لمحها من بعيد وتوقف ....كانت أمه..كانت فيروز ..تصرخ باسمه باحثة عنه في الشوارع ...وهو الذي حسبها قد نسيته وحذفته من قائمة أبنائها .....اتجه نحوها ببطأ كما أنها قد رأته وأوساخ تعم ملابسه الأنيقة حتى مظهره كان أشعث وكأنه ليس راسب جميل أبنائها....
لتهرول إليه دون وعي ....حتى وصلت إليه تتمعن في ملامحه الجذابة ....غير عيونه المحمرة .... عانقته بقوة .. عانقته وكأنها تستمد منه الطاقة لتقول بحدة:
(اين كنت يا حبيبي ....لي ساعات وانا ابحث عنك لما تفعل بعائلتك هذا ...لا تفضب مني ...انا آسفة ...فقط لا تنبذني .....انا امك التي ولدتك على الأقل ...أتحسبه هينا عندما يختطفون إبنك دون ارادتك لتراه بين ذراعي من كرهك يوما )
ثم رفعت عينها له تعيد سؤاله طالبة منه الجواب :
(أتحسبه هينا ؟؟)
كان يحدق بفراغ...لا ليس هينا ابدا...كما انه ليس هين العيش دون امك التي ترعاك وتحبك ....اكتفى بالصمت ....اكتفى بقولها لنفسه فقط ....ليعانق امه لأول مرة ....يعترف لنفسه ....تبقى وطنه الوحيد من أحبته دون قيود ودون مسافات ...ثم قال ببطأ:
(أنا آسف ..)
فتحت عينها بصدمة أيعتذر لها ...لترد عليه بحنان :
(عما تعتذر حبيبي انت لم تخطأ أبدا)
أغمض عينيه بشدة ....حتى بعد أخطائه التي لا تغتفر لا تريد تذكرها ومن يدري تكون قد نستها بعد لحظة نطقها لهم ...همس بعجز بعد تفكيره العميق :
(أنا شخص حقود متقد أرفض البوح بالحقيقة لأختبأ وراء المستعار....كل هذا لأنني ناقص ....أعاني نقصا من روحي وعقلي وقلبي ...لأنني لست شجاعا بالقدر الكافي لأواجه مصاعبي..لست كأخوتي ..)
تنحنحت فيروز ببطأ تتطلع الى ابنها بعجب هل ما سمعته صحيح هل اعترف لها لأول مرة عما يعيشه وعما يعانيه سقطت دموع قاسية كاللؤلؤ من عينيها الزرقاوين لتهمس بخفوت مماثل :
(انت افضل ابنائي..وأجملهم في نظري ...صحيح اني لم أستطع تربيتك ...لكنني استغلت كل فرصة سمحت لي بخطفك ....أتعلم ذلك حرق وجهي ...لأنني حاولت الهرب ...حاولت أخذ ابنائي والعيش معهم وحيدة حياة طبيعية كأي بشر ....لكن تم القبض علي وأنا في الطائرة .....الى جانبكم ....وعوقبت بأشد انواع التعذيب ...بناءا لطلب زوجة أبيك على انني خطفت إبنها ....حمل أباك قارورة البنزين وصبه علي على وجهي وجلب الكبريت وكنت سريعة بحيث مسحته عن وجهي بشدة لكن على ما يبدو ان نصفه لم ينجو .....كل هذا لأنني اردت حياة افضل لأبنائي ..)
ثم أمسكت يداه لترفعهما نحو فمها تقبلهما بحنان ....لم يستطع السيطرة على نفسه ...لم يستطع الصمود ...تلك المرأة التي لا طالما حاول نبذها وإخراجها من حياته ...عُذبت و حُرقت لأجل سعادة ابنائها ولم تنساه .. خطفته هو الآخر لتؤمن له حياة أفضل .....سقطت دموعه بالفعل ....بل دموع الرجال عندما تنزل فاعلم ان الجبول تهتز لواقعتها ....رأت دموعه بالفعل لتعانقه ...ربما هذا اليوم المنتظر...يوم استعادة ابنها قد حان........
أنت تقرأ
صدفة قاسية 🔞
Randomوأغار من غريب يرى عينيك صدفة فيغرم بهما ...كيف لا وهو يهيم بعيون الرمل الذهبية ....شرقية اجتمعت فيك الثقافات..... ...... لتكون مثالية في عيوني فقط ......