وقف امام الجامعة لا يدري ماذا يفعل ...ليتقدم ببطأ نحوها وقلبه المنقبض تركه عند ام ابنه لا يعرف ماذا يفعل ....دق على الغرفة بخفوت بعد معاناة نع الحارس وهو يهتف بنفاذ صبر ان زوجته موجودة بهذا السكن ...تنهد بكبت ينتظر ان تفتح ...حتى رآها مرتدية فستان متهدل قديم الطراز ووجهها مصفر خالي من اي تورد او زينة ...علت ملامح الدهشة دعاء ...فلم تكن تتوقع أبدا ان يأتي ايوب إليها. ..مع انه على تواصل دائم معها وقد طمأنها ان بعد شهر سيحل موعد الطلاق ...ظلت تحدق فيه بعجز وفمها مفتوح قليلا ليتطوع هو قائلا:
(هل أستطيع الدخول... )
بقت صامتة لعدة لحظات لتتنحنح تاركة له مجال الدخول وقلبها يرتجف من الخوف ....
خطى أيوب للأمام لكن ما فاجأه ان رائحة ذكورية تملأ تلك الغرفةالبسيطة المكونة من اثاث متهالك وشرفة ضيقة ...رائحة ثمينة لا تستطيع شرائها و لا يستعملها سوى الرجال ... التفت قليلا يحدق بها ليقول بحذر:
(اليست لديك شريكة سكن ؟ )
رفعت عينيها بثقل لترد بخفوت :
(لا قد تزوجت صديقتي وصرت وحدي )
استغرب ايوب في نفسه ليقول بحدة :
(أي ان لا أحد يزورك مطلقا ؟ )
بدأت دعاء بالارتجاف خوفا من ان يكون اكتشف مجيء عبد الهادي كل اسبوع او انه رآه يدخل غرفتها وهي متزوجة منه تراخت سقاها وهي تحاول الصمود لتومئ دون جواب ...بقى يحدق فيها باستنكار ليقترب منها قائلا:
(يستحسن ان تكون تلك الحقيقة )
مات قلبها من الخوف لتهمس بتلعثم :
(وهل تشك بنزاهتي ؟لا تقلق الخيانة ليست طبعي )
فتح عيونه باتساع على كلماتها الهادئة ليرد عليها بحدة :
(أنا لم اتهمك ففط احذرك ....لم يبق كثيرا على الطلاق جئت باقيا الليلة كزوج )
بقت تبادله التحديق وقد خف رعبها الاول وجاء رعب يفوقه بأضعاف....ماذا يقصد كزوج انه ....لا لن يقترب منها احد إلا عبد الهادي وحده....لكن كيف هل ستمنع نفسها عن زوجها الشرعي. ...واين تهرب بين أربع جدران تلك ...ستموت فقط ستموت ..
(هل انت صماء ؟ )
شهقت برعب على كلامه وهي ترجع للوراء تنوي الهروب ثم همست قائلة:
(ماذا تقصد كزوج ؟ )
تنهد بغضب وقد زادته زوجته هما على هم وهو يقرأ افكارها وما تفكر فيه ليرد بانقباض :
(تعرفين ما أقصد )
عضت على شفتها بقوة وهي تفكر في الهرب منه في هذه اللحظة لكن كيف كيف ؟ لن تستطيع منحه نفسها ..فقد تركتها لعبد الهادي دون غيره اغمضت عيونها بتعب وارهاق لتفتحهما بعد فترة ثم همست دون وعي :
(انا في دورتي الشهرية لا أستطيع )
اندهش قليلا من كلماتها الهادئة وهو يفكر في نفسه انها لا تتصف بالبرائة البادية عليها ...انما خدعة لكي لا يشك بها فقط...اقترب منها قليلا ليهمس بفحيح مهدد:
(هل هذا ما فهمتيه من كلمة زوج ؟ )
تغلغلت عيناها بدموع حبيسة وهي تشعر انها حمقاء وقد مسح الارض البالية بكرامتها المكسورة ....ثم قالت بخفوت :
(لقد قلت الطلاق بعد شهر لما الآن ؟ لما اتيت بعد شهرين من زواجنا ...)
لما أتى؟ ضربه السؤال في الصميم...يتذكر ردة فعل عنبر وخيبة أملها منه وكيف سيراه الجميع ان كانت نظرة عنبر بتلك الصورة....وهو في احضان لؤلؤة لم يفكر ابدأ في أباه الميت أو أمه التي تمنت له اجمل النساء ...نام معها في فراشهما غرفتهما...ملاذه الآمن من الشر المحيط به في هذا العالم ...لم تتضح له الصورة سوى الآن ...صورة الإبن العار ...الذي كسر ثقته بأهله حتى لو كان نصفهم موتى ....
تنحنح قليلا ليقول بفتور :
(سأمكث معك حتى موعد الطلاق....هل لديك مانع ؟ )
شهقت بذعر ...ماذا؟ يمكث معها....أيام وهي تقنع عبد الهادي انها لا تهاتفه حتى امتثل بتردد والآن كيف ستقنعه ...سيأتي ويهدم الغرفة فوق رؤوسهم ...وتخلق عداوة معها ومع آل مؤمن ...سقطت دمعتان خوفا على حبيبها ....وهي تتخيله مكبل كما كان أخاها من قبل ...لا لن تستطيع العيش بدونه. ..لا لا ....رفعت عيناها الشبيهة بالغزلان لتقول :
(هذا غير قانوني الغرفة للإناث فقط ... تستطيع الرجوع لمنزلك كسابق عهدك هذا الزواج ما هو إلا صوري)
لا تعرف كيف تشجعت بتلك الكلمات لكنها خرجت بطلاقة مدافعة عن روحها لأول مرة ...وكأن آية حلت مكانها للحظات حتى رأته غاضب بشدة وقد امسكها بعنف يهزها صارخا فيها :
(لماذا تحاولين التهرب ما لكي هنا .... ولماذا تطرديني ...ومن قال لكي انني سأعيش في هذه الزريبة ...أنا ابن الغنى ان نسيتي ...والآن لا تجعليني اغضب أكثر...هذه الليلة الاخيرة لكي هنا وغدا جهزي اغراضك ...فقط لغدا امهلك ... )
ثم إتجه للباب ينوي الخروج أخطأ من قال الراحة في حضن الزوجة ...تنهد بكبت لكن قبل خروجه بخطوات سمع همستها الأخيرة :
( أعرف أنني لست من مستواك ما أنا سوى ضحية زواج لم أفكر فيه يوما )
انقبض قلبه بألم ليس من طبعه التكبر لكنها اغضبته والأفكار تتداخل في عقله وتفتك به ...لم يستطع الرد فقط واصل طريق الخروج ...لا يعرف أين يبيت ليلته
.......................................................................
ردت بهدوء بعد فترة من الصمت :
(نتكلم في مواضيع الماضي )
ظل يحدق فيهما باستغراب وكأنه لم يسمع إجابتها ثم اقترب منهما بحذر ليقول :
(دعي الماضي للماضي و اذهبي للمطبخ )
امتثلت صفاء برعب وهي تنظر لسعد بعجز بينما هو كانت عيناه تحارب عيون راسب القوية ..
راسب ! اسم مضحك فالواقع اسمه راشد لكن من كثر فشله في الدراسة وفي مرته الخامسة قرر جده ان ينادوه براسب كل الفصل حتى لا يرسب مرة اخرى ....وبالفعل صارو ينادونه راسب لمدة ستة أشهر وبعد نجاحه لم يستطيعوا الاستغناء عن اسمه الذي سبب نجاحه ...فصار إسمه للأبد ..ابتسم بفتور ليقول:
(راسب يا راسب )
بادله راسب الابتسام بسخرية يحدق فيه باحتقار .ليقول :
(كيف تبلي بمالنا ؟)
بقى يحدق فيه بازدراء بعد كلمته المعتادة ...فالغيرة كانت تعمي عيونه إذ ما دائما اعتبرته السيدة فيروز في مثابة ابن لها يعوضها عن غياب راسب ...استقام ببطئ ليقول:
(أي مال تتكلم عنه ...تقصد الذي أتقاضاه من عملي كسفير من الدرجة الأولى...)
ضحك راسب بمرارة وهو يستشعر طعم الخسارة ليهتف فجأة:
(لا بل صدقتنا على دراستك)
هذه المرة اراد سعد الإقتراب ودهس وجهه بباسط رجله لكن صوتها الحبيب أوقفها وهي تقول بغضب :
(هل جننت راسب؟ مالذي دهاك ؟لا صدقة ولا أي شيء سعد من العائلة تقبلها )
فتح ؤاسب عينيه بصدمة على هجومها الحاد تدافع عن الخادم لترخس من قيمة أخيها ....أخذ يقترب منها ليمسك بها بقسوة ثم قال بكراهية :
(لا تتدخلي فيما لا يعنيك أفهمتي )
وعندما نزلت أول دمعة لها رأت سعد يدفعه حتى اصطدم بالأواني وبدأ عراك عنيف لأجلها وللمرة الثانية هذا الصباح .....
.......
.....................................................................
فتح عينيه بصعوبة على صوت صراخ وتكسير ....كأن حربا شنت بهذا البيت وهو نائم ...نهض ببطأ يتأكد من سمعه ربما هي الهلاوس المعتادة فقط ...لكن خانه امله وصوت الصراخ يزداد شيءا فشيء استدار بهلع الى زوجته ربما هلمت قلبه لكنها كانت نائمة براحة شديدة مبتسمة ربما تحلم بحلم سعيد ...إبتسم فجأة عن أحداث الفجر ...هل عاد لايام الشباب حتى تشعره تلك اللحظات بهذه السعادة تنهد بملل ليخرج لهم يحبس أنفاسهم حتى لا يزعجوه مرة أخرى ....خرج من الغرفة وقد ارتدي عبائته واهتم بجماله عكس عادته ...ليبدو مثل عابد ...نسخة وأخوه التوأم ......
نزل الدرجات ببطأ لكن منظر سعد وراسب جعله يجفل ليصرخ بقوة:
(ماذا تفعلان؟)
توقفت صفاء وسطهما بهلع عند صرخته لتستدير خائفة تراه واقفا بهيمنته يحدق لهم بغضب .....رجعت للخلف تستنتد لظهر سعد معتبرة اياه حاميها بينما راسب يحدق بفراغ....هامسا في نفسه:
(حتى في خوفك تحتمين بالأغراب ..)
اقترب احمد منهم بسرعة ينوي ضربهم كالصغار ليكمل صراخه بصوت زعزع القصر :
(أين الرجل بينكم ...هل لازلتم صغار لأعيد تربيتكم ..ألن تتوقفو عن شجارتكم ...قلت عنكم عقلتم لكن اظنني سأعيد التكلم مع الجليسة لترعاكم )
تريث ووجهه يكاد ينفجر من انفعاله ليعيد الصراخ :
(أريد شرحا لما حصل توا)
بقى راسب ينظر بتهديد لسعد بينما سعد نسى شجاره وهو يستشعر ارتجافها ورائه ...هل لازال يهيبها و يضربها بعد كل تلك السنين البشعة ...حتى بعد إصابة رجلها ....لم ينسى نظراتها المنكسرة في المشفى ...كم شكت له دون خجل ..عن رغبتها فالموت ..او الهرب وكان قد وعدها في تلك اللية ممسكا بيدها في الظلام انه سيأخذها بعيدا وذلك اليوم ستكون زوجته لكن أين الشجاعة فقد قالها في نومها الهادئ .....
استيقظ من افكاره على صوت راسب الهاتف :
(هذا إبن الخادمة أصبح يتكبر بنفسه بعد صنع أمواله بأموالنا ...دعني أذكره في ماضيه حين كان يمسح الأرضية مع أمه )
عند تلك الكلمة رفعت صفاء يده وصفعته بقوة جلجلت توازنه ثم قالت بفحيح خطير :
(إياك ثم إياك ان تسخر من أم سعد ...إنها ليست خادمة إنها أمي تذكر يا خسيس )
تفاجئ الجميع لوهل وعم الصمت ...لا تعرف كيف واتتها الشجاعة وصفعت أخاها أمام أبيها ولكنا لا تشعر بأي ندم ...وستعيد فعلها لو عاد بها الزمن ....فأم سعد هي صديقتها الثانية بعد سعد ...ولا أحد يمسها .....لدرجة تعلقها بها منعتها من الانتقال لبيت آخر ....مكانها بينهم لأنها واحدة من العائلة ....
بقى واقفا والأحداث تتداور بعقله غير متقبل لضربتها ليلتفت إلى أباه بعينيه نظرة منكسرة ....حتى رآه يخرج من المطبخ لكن قبل خروجه سمع كلامه الهادئ:
(لن أحاسبك لأنك لم تعش معها ....لكن كل من هنا خط أحمر ...ان أعدتها راسب لن أغفر لك )
ثم اختفى عن المرأى ....تتبعه صفاء بخوف بعد ان همس لها سعد في أذنها :
(أنت ملاكي يا عيون البحر )
........إستدار أحمد فجأة على خطواتها لتشهق برعب تحاول تجاوزه لكنه مد يده يمنعها من المرور.....أغمضت صفاء عينيها بقوة تنتظر ضربتها كالعادة لكنه سمعته يقول بهدوء:
( تشبهين رشاء لدرجة كبيرة )
فتحت عينيها تدريجيا غير مصدقة لما قاله لترد دون وعي :
(هذا ما يقوله جدي كل ما ان يراني ....)
التوى فكه في شبه إبتسامة حزينة ليقول :
(حتى في يوم موتها ....أمك مرضت بشدة لنكتشف أنها كانت حامل بكي ....)
صمت قليلا يحدق لملامحها الطفولية الشبيهة باخته ليكمل كلامه بهدوء:
(كأن الله أخذ واحدة وأعطانا واحدة ...)
بقت مصدومة تحدق بفراغ وقلبها يخفق بعنف حتى سمعته يهمس :
( لكن ليس هذا الشيء الوحيد الذي تشبهينها فيه)
تنحنحت صفاء ببطأ لتتجرأ قائلة:
(في ماذا؟ )
أزاح أباها بعينيه ينظر للمطبخ الذي خرج منه للتو ثم أدلى هامسا:
(في شراستها في الدفاع عن من تحبين )
ابتسمت صفاء وعينيها تغلغلت بالدموع كان هذا من أحلى ماسمعت من عند أباها ثم شاهدته يتجه للمائدة هاتفا وقد عاد لشخصيته القديمة:
(الفطور يا امرأة)
.........................................................................
جلسوا ثلاثتهم على المائدة وصفاء تفرك أصابعها بتوتر ..حتى هذا الوقت وأمها لم تنزل ....هل تسأل أباها؟؟ لا ستموت قبل ان تفعل ذلك ....بقت مترددة حتى واجهتها عيون ؤاسب تنظر لها بكره ....وكأنها خانته وطعنته في منتصف القلب ....لا تريد خسارة من تحبهم في سبيل من أفسد حياتها ....لذا تجاهلته بشجاعة زائفة .....رأى حركتها الجريئة وكيف تبلي بعد عودة ابن الخادمة ....وكلامه في المطبخ لازال يدور في رأسه .....
(لما تفرغ غضبك من فشلك في عائلتك )
بقى صامت يرفض الجواب فحركته التالية ستكون القتل ...والمشكلة ان اباه سيقتله بعد ذلك لذا امتثل السكوت ثم سمعه يقول ثانية :
(بما أنك فاشل حتى وانا اعرف ان أباك عينك مديرا رغم ان شهادتك تصلح لبائع خضروات ....لكنني لا أبين شجاعتي بضعف غيري ....ولا أبدي نجاحي بخسارة غيري ....فكر في هذا.....غير من نفسك ...)
ثم خرج من المطبخ وفي نفس الوقت أم سعد دخلت بسرعة على هتاف احمد لتواجهها ملامح راسب الدامية ....فشهقت برعب على منظره واتجهت بسرعة للبراد مخرجة مكعبات الثلج تحط بها على وجنته الملتهبة خشية أن لا تتورم ....بقى راسب متسمر من حنانها ثم أغمض عينيه بتعب واستسلام هامسا بخفوت:
(انا فاشل )
.........................................................................
دق الجرس فجأة وسط الفطور لتتجه لم سعد تفتحه وإذ بها عابد وآية حضروا ...تقدمت آية بإشراق تنظر للجميع وابتسامة تعتلي وجهها البشوش يتبعها عابد بصمت لكن البهجة بادية على عينيه إستدار احمد يرمق ضيف الصباح ليجده إبنه ابتسم قليلا ثم قال:
(أهلا أهلا تفضل يا ولدي )
بادله عابد الإبتسام ببرود وهو في ريبة لماذا أباه موجود اليوم وعلى الإفطار ...
بقت آية تحدق بهما ...ألم يراها ؟....فقط راى ولده الحبيب وهي أيضا تحمل إبن ابنه...تنهدت آية ببطأ لتجلس معهم بجوار عابد وعيون تراقبها بغضب...رفعت آية عيونها بتشفي تراقب تلك المرأة المتعجرفة وفعلتها الأخيرة لا تنساها.الالفاظ الذي آلمتها وكلامها الجارح لامس كبريائها ....استندت ليدها لا تريد تعكير مزاجها تتأمل الجو العائلي الممل ثم تجولت عيناها بحثا عن فيروز لكن لا أثر
..أيمكن هربت مجددا؟؟ تنحنحت فجأة ببطأ لتقول:
(أين هي بقية العائلة)
استغربوا جميعا وهم ينظرون لها بحيرة ليقول عابد بخفوت:
(تقصدين أمي..)
بقت صامدة تومئ بشرود لتراه يستدير سائلا اياهم:
(نعم فعلا أين هي ؟ انا لا أراها بينكم)
لاحظ عابد توتر صفاء وتلون وجهها الفاضح اما عن اخوه فكان في عالم آخر وكأنه غير مدرك لما يفعل متعاطي شيء ما بعيد عنه كل البعد حتى أنه لم يسمع سؤاله...زفر عابد نفسا قويا ليلتفت لأباه وحالته الغريبة من الصباح عكس ما يعرفه...هادئ..قليل الكلام ..هل خطفو افراد عائلته...وبدلوهم..عجز عابد لوهلة فاستدار لآية باستسلام يهمس لها:
(نادِها ربما هي بالمطبخ ولم تسمع بقدومنا...)
إبتسمت آية تدريجيا لملامحه لتقف متجهة للمطبخ كما أمرها ....لكنها لم تجدها فسألت الخادمة واذ بها تخبرها أنها لم تنزل من الصباح ....بقت آية مترددة وهي تهمس في نفسها :
(هل يمكن أنها لازالت نائمة ؟ لكنهم يستيقظون باكرا ...وصفاء وذلك السمج مستيقظان كيف لها ان تكون نائمة )
تنهدت بعمق ثم أعادت الهمس :
(ربما صعدت للتنظيف او الترتيب من المستحيل ان تكون نائمة)
لتصعد الدرجات نحو غرفتها ثم دقت الباب مرة ..لاجواب ...ثم أعدت الدقة ...لم تفتح ففتحته ببطئ ربما اغمى عليا ...سقطت او مرضت بعيد الشر عنها ...ولكنها وجدتها بحال ذكرتها بلحظات محرجة مع زوجها الخبيث .....احمرت آية فجأة من الخجل ولعنت غبائها الذي جعلها تصعد فاستدارت بسرعة تنوي الخروج لكنها اصطدمت بكرسي لم تره عند دخولها ليصدر ضجة قوية وقبل ان تفر سمعتها تهتف برعب :
(ماذا من أنت؟ )
أرادت إكمال طريقها وتجاهلها لكنها همست في نفسها ان هذا لا يصح ...وماذا يصح ان تقتحم غرفتها لتجدها عارية بعد ليلة رومانسية مع حبيب القلب ....تنهدت آية ببطأ لتستدير تحاول التجنب النظر إليها.....ولكن صرخة فيروز القوية افزعتها :
(ماذا تفعلين ؟مالذي يحدث؟)
شهقت آية على صرختها لترفع يديها تغطي بهما عيونها ...استغربت فيروز قليلا لتتنحنح بخوف لكن شيءا ما جعلها تجفل لتخفض نظرها لجسدها ....وشهقت بعدها هي الأخرى ترفع الغطاء بخجل ....تحاول التذكر ماذا جرى ...من الاسيتيقاظ بغية الصلاة ووجود أحمد بالحمام ثم هجومه عليها بكل روح جائعة ....تلون وجهها باحتشام على أحداث الساعات التالية والليلة قبلها قضتها ساهرة كل اليوم .....هذا ماجعلها تسقط كجثة ...أظن انها افرطت في النوم ...ونومها ثقيل كالعادة..........
(أرسلني عابد لمناداتك وظننتك مستيقظة لكن لكن ...) ثم تحشرج صوتها .... بغصة خانقة .....إبتسمت فيروز على برائتها ثم تناولت ثوبها ببطأ لتقترب منها مبعدة يديها....فتحت آية عيونها ببطأ ففاجئها الجرح الموجود على وجهها ...وظلت تحدق به بغرابة او شفقة لا تعرف لكن لم يكن بذلك السوء جتى ان بعض مساحيق التجميل تستطيع اخفائه ويكفي ....ومع هذا لم ينقص الجرح من جمال ملامحها بل زاده مع اكتمال زرقة عينيها أصبحت تبدو كصفاء تماما ...رأتها وهي تتنفس بثقل ثم قالت بخفوت :
(انظري آية حبيبتي آسفة على صراخي كان ردة فعل..فأنا عندما استيقظ أنسى حتى اسمي..انظري انتظريني هنا سأستحم دقائق وآتي لنتصافا)
ثم ابتسمت لها فيروز بحب لتومئ آية تبادلها الابتسام بخجل ثم جلست على السرير .....
.....بعد دقائق معدودة خرجت فيروز تضم نفسها في رداء الحمام ...كانت حمراء الوجنتين تبدو كثمرة الفراولة ...إبتسمت لآية فجأة وهي تقول :
(هل البرد شديد هنا أم أنا الوحيدة التي تشعر بذلك )
ضحكت آية بخفوت وقد زال خجلها لترد بخفوت :
(اننا في الصيف )
بادلتها فيروز الضحك ثم اتجهت جالسة بجانبها وقالت بهدوء :
(والآن بعد ان ضحكتي....تستطيعين اخباري عن المصيبة التي خلفتها بنوم الدببة خاصتي حتى صعدتي إلي )
تبلدت ملامح آية فجأة لتتنحنح قائلة :
(لا أعرف الكثير كل ما في الأمر ان عابد أمرني بمناداتك ولم أجدك فظننت انك منشغلة بالتنظيف او ماشابه)
ابتسمت لها فيروز.وقد خف رعبها ....حمدا لله ان آية ايقظتها لولاها لكانو رأوها عارية في غرفتها بذلكالشكل الذي اهتم.به أحمد...
(شكرا على ايقاظي ..لا اعرف كيف نمت بهذا الشكل والمدة)
احمرت آية خجلا فجأة ثم احمرت بعدها فيروز تلعن غبائها الذي جعلها يقول هذا الشيء ثم سمعت آية تتكلم:
(كنت أظن ان وجهك مشوه )
رفعت فيروز عيونها بثقل ثم ردت بحسرة :
(نعم هو مشوه )
ضحكت آية فجأة ثم هتفت بلهفة:
(لا بل هذا الجرح البسيط أستطيع ازالته ببضع مساحيق تجميل )
ثم صمتت تحدق بها و أكملت قائلة:
(أنت جميلة وحرام أن تخفي هذا الجمال علينا .....)
لتبتسم لها بمودة....بقت فيروز متفاجئة لا تعرف الرد ...هل يمكن ان يرجع وجهها لسابق عهده ...ربما ثم همست بصوت شبه مسموع:
(ربما )
ولحسن حظها سمعت آية همستها لتزيد سعادتها ثم قالت بحماس :
(إذن أين هي مساحيق التجميل تلك نحتاجها ؟)
.........................................................................
(أين هما بالله عليكم )
هتف عابد بحنق يكاد ينفجر من الغضب ةصت الجو المشحون لترد عليه صفاء بخفوت:
(ربما يتكلمان قليلا)
زفر عابد بغضب ليقول بحدة :
(اذهب ونادهما ولا تطيلي البقاء )
فتحت صفاء عيونها تدريجيا ...هل ستصعد تنادي الحية ....تبلدت ملامحها لتقف رافضة لكن صوت أباها جعلها تجفل :
(اجلسي )
جلست صفاء تمتثل لأمره بخوف ثم سمتعه يقول وهو يحدق في عابد :
(ومالضرر في الكلام والحديث ....أليس لديك صبر...آخر المطاف ستراهما ....ألم تشبع منها يا اخي )
احمر وجه عابد بشدة بينا إنفجر اخوته في ضحك صاخب ...حتى راسب الغائب على الوعي ...رجع ذهنه في تلك الكلمات ...وبدأ في نوبات ضحك ..أغضبته ..صمت عابد ينتظر بنفاذ صبر وعندما يراهما سيخنقنهما على السخرية التي وقع فيها
................تجارت الأحاديث بينهما حتى راسب بدأ بالتفاعل معهم ......يتذكرون أوقات الصغر.....أما عن أبيهم فشعور بهجة تسرب له وهو بين أبنائه داخل بيته القديم الذي كان مصدر سعادته ذات يوم .....شيء ما جعل أحمد يستدير ورائه ....إحساس ملأ كيانه....سحر أمره بالإلتفات ....تنحنح أحمد يستجيب للنداء العجيب ....وإذ به يراها بكل جمالها الذي عرفه ذات ليلة .....بفستاتها الوردي المليء بالخطوط الملونة .
و وشاحها الأبيض الذي انعكس بياضه على احمرار وجنتيها.....وأكثر ما فاجأه وجها الصافي .... الخالي من كل تشوه افسده يوما ...عيونها الساحرة يملأهما الكحل و شفتيها طلتهما باللون الوردي فزاد منظرهما شهية ....وكأنه يريد حملها في تلك اللحظة و عيش اللحظات ثانية فتح أحمد فمه باتساع ....غير مصدق ان تلك فيروز .....زوجته ...وملكه
(وكأنك لم تكبرين بمرور السنين ....تنافسين الزمن ببراعة وتهزمين )
قالها بصوت مسموع وسط أبنائه المتفاجئون ...من منظر امهما وقد نزعت الستار بعد عشرون عاما من الحادثة و كلمات أبوهم المملوءة بالحب لأول مرة .....كل منهم مصدوم يهتف بخفوت :
(أمي تبدين رائعة)
اما عن عابد فمراقبته كانت مركزة بأكثر على تلك الطفلة بجانبها ...مبتسمة على أقصى اتساع .....تحارب دموع الفرحة وكأنها فعلت شيءا رائعا....لتصرخ دون سابق انذار :
(لا أستطيع الكتمان أكثر ....أنا حامل )

أنت تقرأ
صدفة قاسية 🔞
Randomوأغار من غريب يرى عينيك صدفة فيغرم بهما ...كيف لا وهو يهيم بعيون الرمل الذهبية ....شرقية اجتمعت فيك الثقافات..... ...... لتكون مثالية في عيوني فقط ......