الجزء 28

2K 35 11
                                    

وبعد عناق طويل تتمنى لو لم ينتهي  إبتعدت عليه أخيرا وعيناها مغرقتان بالدموع
....تراقب وراءه ...زوجاته وأولاده بشوق وحب كبير ... جثت على ركبتيها تحدق في ذلك الطفل الذي تراه للمرة الأولى ..أبيض البشرة بشعر أشقر وعيون زرقاء ....لطيف المظهر لدرجة يجعلها تأكله
..ثم فردت يدها إليه وهمست بخفوت مع ابتسامة اعتلت وجهها :
(أهلا حبيبي؟)
كان الطفل ممسكا بيد أمه مرجانة خائف بعض الشيء من هذا المكان الجديد ....لكن سرعان ما قربته مرجانة منه قائلة له بخفوت :
(هيا اذهب اذهب حبيبي الى جدتك )
كان صغيرا جدا على فهم الكلام لكن وكأنه أدرك ما قالته ...فصار يتقدم نحو الحضن الذي فُتِح له ....حتى بدأ يجري وعانقها مستقبلة إياه بقوة
... تشم رائحته الطفولية ....تستشعر نعومته ....حفيدها الذكر..وصل نسلها ....
.قد جاء أخيرا....فردت يدها الثانية لحفيدتها الكبرى فتبعتها بخطوات مسرعة وقفزت فوقهما هاتفة بحماس :
(جدتي)
.. كان منظر خيالي...بل كان حلم يتحقق....أن يجتمعا بعد مرور سنين...
...قبلت كل منالزوجة الأولى نسيبة و الثانية مرجانة يد فيروز بكامل الإحترام وعانقتهم أيضا ....
وعندما وصلت إلى ميادة....تأملتها ببطأ...جميلة الملامح مرتدية حجاب شرعي أخفى عنها كل شيء .....
غير ملامحها الجذابة....مع ابتسامتها النهائية التي زادتها جمالا .....
بادلتها فيروز الإبتسام و قالت لها بترحيب:
(إذا أنت ميادة )
تقدمت ميادة بارتجاف تقبل يدها ثم استقامت تنظر للأرض وقالت بخجل :
(نعم أنا )
أومأت فيروز بتفهم مفكرة في نفسها ...إذا هذه هي الزوجة  الثالثة التي تزوجها وهو بعيدا عنهم
...أفسحت لهم المجال بكل ترحيب ....ترتجف فرحا....ثم استدارت لصفاء هامسة بخفوت :
(كانت فكرتك )
ابتسمت صفاء بخبث و اقتربت ببطأ تضع رأسها  على كتف أمها مجيبة إياها :
(وهي من أفضل المفاجآت )
ربتت فيروز على شعر صفاء ثم قبلت جبينها وهمست :
(والأحلى ...هيا اذهبي للمطبخ ...أخبري أم سعد ان تجهز كل شيء )
ضحكت صفاء حتى احمر وجهها ثم سمعت أمها تقول :
(اذا وأم سعد تعرف ....يا لكم من ممثلين بارعين )
ثم تركتها تسبقها نحو القاعة...تجلس بجانب إبنها الذي استقبلها بكل حب وحنان .....
بينما إتجهت صفاء للمطبخ وقبل ان تدخله شعرت بيد تجذبها نحو باب مجاور ...ويد أخرى تكبل فمها حتى لا تصرخ ....وعندما استرجعت ثباتها...نزع يده قائلا :
(ماذا خفت ؟وكأنه فعلا سيتجرأ احد على خطفك داخل بيتك )
بقت تحدق في عينيه بتعبير غير مفهوم ...وجسدها قريب من جسده على بعد شعرة ....تستشعر نبضاته على صدرها ثم همست بخفوت :
(مالذي تفعله سعد هل جننت؟)
أخذ سعد نفسا ثقيلا بعث القشعريرة في أطرافها و رد عليها :
(هل أنت مستعدة للذهاب معي )
شهقت بصمت تحاول استيعاب كلماته وقبل ان ترد عليه سمعته يقول ثانية :
(قبل أن تقولي أي شيء فكري ....مهلة شهر ونصف ....وبعدها سأذهب ولن أرجع أبدا .... حتى سآخذ أمي...ولن يبقى لي سبب أعود له...تعالي معي ..لماذا أنت باقية هنا .....كأنك زهرة ...ولا يفعلون شيء سوى جعلك تذبلين ...بأسى ...بينما أنت من أحلى الورود...تعالب معي ..نتخلص من كل شيء ... )
شعرت بأن عيناها على وشك الإنفجار من البكاء بدأت ترتجف فعليا ...ترفض فكرة البقاء وحيدة دونه بعد ما كان معها في كل تلك الأيام الشاقة لكنها لا تريد ترك عائلتها وبالأخص خالد ! ....ثم ردت بعد عنان وباختصار :
(سأفكر وسأخبرك )
ابتسم ببطأ على الأقل سوف تفكر ولم ترفض من البداية ....
هل يوجد احتمال ان تكون صفاء له ..
ثم إستدارت تخرج بوجه مصفر شاحب ...تفكر في نفسها :
(مالذي سيحدث ؟)
..............بعد ما ارتاحوا من السفر و تغذوا....اجتمعوا جالسين ...ينظر كل منهم إلى الآخر حتى قال إياد بخفوت  يقتل الصمت الكئيب:
(أين أخواي ؟)
نقلت فيروز عينيها من إياد الى صفاء التي احمر وجهها كالعادة تلعن غبائها الذي جعلها تنسى مناداتهم ...وهل ترك لها سعد أي ذرة عقل تفكر بها...
ابتلعت صفاء ريقها ببطأ ثم قالت :
(على الطريق أخي)
وقبل أن تنهض أرسلت رسالة نصية لعابد وراسب كاتبة فيها بإختصار:
(إياد هنا ...تعالا بسرعة )
أومأ إياد على مضض وهو يراقب ميادة المتوترة ....لا تتكلم لا ترفع رأسها حتى.....تفرك إصبعيها تنتظر  متى تدخل لغرفتها وتنام طويلا ...
ثم التفت لأمه واضعة على حجرها إبنه والذي هو حفيدها ....يلعب بإصبعها وهي مبتسمة تقبله بمودة.....
.....بينما كانت نسيبة جالسة وشبه إبتسامة تعتلي وجهها وهي تراقب فيروز وحفيدها ...لوحة فنية تشرح مدى قوة حب الجدة  لفلدة كبدهاالصغيرة....متحسرة في نفسها هي فعلا تشتاق لعائلتها ....
وبجانبها مرجانة تتآكل نيران الغيرة في قلبها.....من ميادة ....ترمق زوجها وتحديقاته فيها ....
تشعر بنفسها تحترق فعليا....تنهدت بثقل..مربتة على شعر ابنتها ..تطلب الصبر ....الصبر فقط حتى لا تقتلها .....
.........................................................................
يجلس على كرسيه وبين أصابعه قلمها الذي نسته ...وهي تشرح له بتوتر وقلق حتى الأعمى يلاحظه ....
كانت وكأنها خائفة ....أو لم تتوقع أن تصبح عاملة لدى السيد راشد...
رمى القلم بعيدا و إلتف حول نفسه يراقب النافذة بمرارة...ثم همس ببطأ:
(أي راشد تتكلم عنه ...أنت راسب ...راسب .....فاشل....إسمك هو راسب )
وضرب الكرسي بغضب يتنفس باقتضاب ....ثم أعاد الالتفاف نحو مكتبه ....
أجفل على منظرها بدهشة غارقة داخل الأوراق ...تحاول الوصول للورقة المطلوبة لكن لم تستطع العثور عليها
....تكاد تقع على رأسها وهي تتعثر بسبب الكعب العالي ...و بعد مدة صمت ....قال لها راسب بيأس :
(كم من مرة يجب أن أعيدها حتى تفهميها ...قبل دخول مكتبي ...دق على الباب ...أطلبي الإذن سيدة ساعد)
رفعت ابتهال رأسها بصدمة فاتحة عينيها على أقصى اتساع ثم همست :
(انت هنا سيد راشد يا إلهي....آسفة )
واستدارت تهرول للباب و أوراقها تهرب من بين يديها وبينما كانت تحاول إمساكها ....
.....أعادت التعثر فسقطت بشكل جعل راسب ينفجر ضحكا ....
تأوهت بشدة ...تشعر بألم فظيع في رجلها اليسرى ....قد جلست عليها على ما يبدو ....
..فقط لما اختارت ارتداء الكعب ...وكل هذه الزينة والطقم الثمين .....
.لم تكن يوما من محبي التأنق....تعرف أن لها جمالها الخاص...وكأنها تحاول لفت انتباهه ...
نهض راسب يحاول ايقاف نفسه عن الضحك وقد احمر وجهه تماما ثم اقترب منها ومد يده نحوها
....رفعت رأسها ترى تلك اليد الممدودة وابتسامته الخلابة ....
رفعت يدها ببطأ ووضعتها داخل يده تستشعر خشونتها قوتها ...وهو يوقفها دفعة واحدة ....
لكن رجلها آلمتها لحظتها فاستندت على تلك اليد بكل ثقلها مما جعل راسب يتنحنح ...ممسكا إياها  من خصرها باليد الأخرى....
توقفا عن الحركة وكل من الآخر ينظر بغموض ...يتخلله دفأ وأمان رمشت بعينيها عدة مرات تراقب عيونه الخضراء الجميلة...
..وبعد فترة صمت تركها .... وكم أحست ببرد اعتلى جسدها ...وكأنه كان النسيم الذي يدفئها من برودة الدنيا جميعا ....
سعل راسب بحرج يفصل الوضع المشحون ثم همس بفتور :
(إذا ماذا كنا نقول ؟)
أرجعت ابتهال خصلة سوداء هربت لحالها واستقرت على أنفها لتضعها وراء أذنها ثم ردت عليه بخفوت:
(عن مدى غبائي في عدم دق الباب للمرة الخامسة على التوالي )
أومأ راسب بسخرية يراقب اعترافها الودود حتى أنها وصفت نفسها بالغبية ثم قال بهدوء :
(عموما لا تعيدها حتى وإن كان هذا التحذير رقم أربعة)
والتفت يرجع الى مكتبه جالسا على كرسيه بسلطوية فسمعها تقول بخجل :
(أنا غير متعودة على دق الأبواب....أقتحم دون تفكير....ربما صفة فطرية )
تنهد راسب بثقل يراقبها من الأسفل إلى الأعلى ثم أجابها بخفوت :
(تعودي إذا لأن هذا عمل ...والحياة العملية تختلف عن الحياة الفعلية....والآن لدينا عمل مهم يجب ان ترافقيني نحو اجتماع  )
بهتت ملامحها تفكر في نفسها :
(ماذا اجتماع؟ما هذا ....هل ستدخل الى اجتماع مع رجال أعمال ؟برفقة من ؟راشد)
إقتربت قليلا من المكتب وقالت بهدوء:
(أي اجتماع؟ )
ارتفع حاجبا راسب ببطأ ألم تقرأ سجل أعمال اليوم ....
حقا ماذا اختار ....لما اختراها من بين أمهر العاملات ...اختار هذه الغبية ...أخذ نفسا عميقا يمنع نفسه من الغضب ثم وقف متجها نحو الباب هاتفا فيها :
(اتبعيني)
لم تفهم شيءا بداية لكن مع صرخته رمت كل شيء بيدها وحملت حقيبتها تتبعه بارتجاف .....
دخلت سيارته تجلس على المقعد بهدوء ....تخاف أن تخفق في الاجتماع  كما اخفقت في كل شيء ....
...اقتحم راسب السيارة وصفق بابها بعنف ثم هتف بانفعال:
(الإجتماع هو تجمع لمجموعة من رجال الأعمال يتحاورون حول موضوع محدد للحصول على حل يرضيهم جميعا  )
أغمصت عينيها تعيد صياغ إجابته في عقلها ثم فتحت فمها ترد عليه :
(وما المفترض مني أن أفعله )
ضحك راسب بمرارة على غبائها وظل يضحك حتى بدأت تشاركه الضحك بكل بلاهة ....وعندما زادت قهقهاتها ... التفت يحدق فيها بحدة ....هناك عرفت أنه لا يمزح أبدا...لذا امتثلت الصمت مستديرة نحو النافذة .. ثم سمعته يقول :
(يعتبر اليوم من أهم الاجتماعات.....استمعي بصمت هذه المرة فقط)
أومأت بيطأ دون النظر اليه بينما هو ظل يحدق فيها ....شاردة بتحسر ....هل ندمت لعملها معه ؟؟ستندم أكيدا....
وبعدما تحركا بالسيارة وصلته رسالة لهاتفه ....فامتدت يده يرى مصدرها وبعدما قرأ حروفها توقف وسط الشارع مصدرا صريرا عاليا
....جعل ابتهال تصرخ بفزع.....وأصوات أبواق السيارات تصم أذنها ....
أما عنه وكأنه فقد السمع ....هامسا في قلبه :
(هل جاء بهذه السرعة)
.....وقبل أن يلتفت لها ....أعاد تحريك السيارة مغيرا الوجهة نحو بيتهم ....
تنحنحت بخوف تراقب حركاته المخيفة و سألته بفزع:
(هل حدث شيء ؟)
التفت في لحظة ينظر لعينيها في صمت مهيب أربكها فعلا ثم أعاد النظر للطريق وقال :
(ربما سنتأخر قليلا على الإجتماع )
.........................................................................
دخلوا البوابة الكبيرة ....وقد بدأ تنفسها يتحشرج فقد تذكرتها لحظة رؤيتها ....نفس  قصر عائلة عنبر ....
.الذي صفعت فتاة عند بابه ....وتلك الفتاة كانت أخته .. 
استدارت تراقبه بتوتر ....سائلة نفسها :
(هل يأخذني لبيته ؟)
أرادت ان تهتف فيه وتسمعه ما لم يسمعه يوما ....لكنها على يقين أن ليس لراشد أي علاقة بالقرف الذي تفكر فيه الآن ....
اكتفت بالصمت حتى يُفهمها هو أو تفهم وحدها ....وعندما توقفا أمام الباب ...التفت لها  وقال بخفوت :
(انزلي سترافقيني )
ارتفعا حاجبا ابتهال بغضب فصرخت فيه بجنون :
(ماذا تظن نفسك فاعل وأنت تأخذذني الى بيتك؟)
استغرب من صرختها وانفعالها ليرد عليها بكل هدوء :
(إنزلي بالله عليك ستعرفين ...غبائك تلثوم ابهرني صدقا ...تأكدت أن هناك من أغبى من أختي )
تنهدت بعمق تمنع نفسها من شتمه وضربه بأعجوبة ثم همست بفحيح مهدد:
(سيد راشد أن تستفزني )
إبتسم ببطأ على فورة غضبها المضحكة ثم أجابها :
(كل ما في الأمر ان أمي لا تحب عدم دخول الضيوف إنها تقتلنا حرفيا ...تعدها جريمة في حق الإنسانية )
تلاشى غضبها ببطأ وتحولت تلك الملامح المخيفة الى ملامح لينة خجلة ...فلم تستطع فعل شيء سوى فتح الباب والنزول باستسلام .....
بقى يحدق في مذهبها مفكرا في نفسه للمرة الألف .....
(أي مصيبة جعلتها تقع في طريقه)
ثم اتبعها يدق على الجرس ...وهو يحدق فيها تنظر للأرض بحرج بالغ ...جعله يبتسم ببطأ .....
.........................................................................
*يتبع*من فضلكم أريد ان تصل مجموعة الفايسبوك إلى مئة متابع*فضلا وليس أمرا* شكرا*

صدفة قاسية 🔞 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن