مستلقية بضعف على جانبها الجديد من السرير....تحدق في النافذة بملل ....بعدما أخذت قريصين مسكنين للألم بصدرها الذي بدأ يزداد تدريجيا من السيء إلى الأسوء.....
ذهبت لتعيين موعد عقد قران أيوب وأخيرا لكنهم أطلعوها عن ضرورة إحضار الولي.....
... للتوثيق لأن الوالد متوفي....وهنا المعضلة الكبرى....الولي خارج البلاد....
تفكر في نفسها....كيف تقنع فرحات مؤمن أن يعود للبلاد هذا أولا.....
وأن تجعله يتقبل فكرة زواج أيوب بفتاة خارج العائلة هذا ثانيا....طبعا مستحيل....
و ستكشف زوجته أنها كانت حامل بإبن غير شرعي ....هذا ثالثا....
إبتسمت ببطأ ساخرة من نفسها.....إنها لا تستطيع فعل كل هذا....
.....ثم أغمضت عيونها تعطيهما بعض الراحة....وغفت دون أن تشعر
....حتى بدأت تزعجها يدين قويتين تعكر نومها الهادئ....بدأت تفتح عينيها تدريجيا....
...حتى فتحتهما كليا....ثم نظرت لتلك اليدين الرجولتين اللتان تحيطان بخصرها تكاد تقسمه لنصفين من شدة قوة عناقه لها...
تنحنحت عنبر تلتفت برأسها....مستغربة والدهشة تعتلي وجهها...
....حتى وجدته هو ومن غيره...زوجها يضع جبهته فوق شعرها مغمضا عينيه....يستنشق نفسها بهدوء....
ويديه تتجولان بحنان على جسدها...الحر.....إبتسمت عنبر ببطأ ثم همست بخفوت :
(لقد أفزعتني خالد يا إلهي )
رفع خالد رأسه من شعرها يحدق فيها بحيرة ثم أجابها بهدوء :
(ومن غيري يتجرأ على حركة مثل هذه ؟)
ثم ارتفعا حاحباه بمكر وكأنه يتحدى أي مخلوق يستطيع المساس بظفرها حتى
تنهدت عنبر بعمق ....ثم قالت بحنان:
(من فتح لك الباب؟)
سعل خالد قليلا ثم سألها ببطأ:
(فتاة جديدة لا أعرفها ولكنني أشعر أنني رأيتها من قبل في مكان ما)
امتقع وجه عنبر من الخجل لكن أتخجل من خالد؟! ثم ردت أخيرا مستسلمة:
(إنها نجلاء الخادمة ببيت عابد )
بدأت تتسع عيون خالد تدريجيا من الملامح العادية الى المصدومة ثم هتف فيها بعدم تصديق :
(هل كلهم مشاركين....يا إلهي هل كنا أغبياء لهذه الدرجة ...عابد كان له علم بكل ما يحدث....ولم يتطوع بإخبارك.....الفاسق....)
كان نفسها يضيق في كل كلمة يقولها....نعم هي الآن تشعر وكأن عابد شخص تافه و بوجهين ....كان يعرف كل شيء حول أخيها وتلك البنتين....ففضل الصمت....لتضيع حياته...
كم تشعر بغضب كبير يعم قلبها لتهمش أنفه ...كما هُمش قلبها...
إقترب خالد أكثر منها ثم عانقها بشكل ودود مرددا في أذنها :
(لا يهم كل هذا لازلت معكِ وسأبقى معكِ حتى لو انقلبت كل الكرة الأرضية علينا)
إبتسمت عنبر بحنان ورفعت رأسها تحدق في عينيه بطريقة تعبر عن مدى حبها وامتنانها لوجوده في تلك اللحظة....ثم رأته يقترب مقبلا شفتيها ببطأ.....
كتلامس أوراق الورود الجميلة....تلامس ناعم ..حنون....ويذيب..
بدأت قبلته تتعمق أكثر....وهي تنتقل لعالم آخر....عالم لا تدرك فيه لا الزمان ولا المكان....
ارتفعت يداها تحيطان بعنقه حتى يسعها الإقتراب منه أكثر...لكنه توقف فجأة ينهض من الفراش مبتعدا عنها
أجفلت عنبر ببطأ سائلة نفسها :
(مالذي يحدث هل أخطأت في شيء ؟)
بدأ خالد يفتش في جيوبه حتى أخرج كيس بلاستكي مملوء بسائل لزج أبيض اللون....
ثم أعاد الإقتراب منها وهمس بخفوت :
(إستلقي على ظهرك )
ضيقت عنبر عيونها تحدق في ذلك الكيس ثم سألته :
(عذرا ما هذا ؟ ولما أستلقي )
لم يطلب منها الإستلقاء مرة أخرى بل جذبها من رجليها...يرفعهما فوق كتفيه...
شهقت عنبر فجأة هاتفة فيه :
(ماذا تفعل خالد..ماهذا الذي بيدك؟ ..توقف )
رفع خالد رأسه و أجابها ببطأ :
(جلسة تدليك وهذا مرهم)
ضحكت عنبر على تصرفاته الجديدة...نادرا ما خالد يجرب هذه الحركات الرومانسية ....مما ولد لها الصدمة ...ثم استلقت تغمض عينيها مستقبلة الراحة..نازعا عنها ملابسها قطعة تلو الأخرى..... ليجردها تماما ...و تصبح عارية أمامه
أغمضت عنبر عيونها تستمتع بتلك اللحظات الذهبية لكن يديه اللتان اتجهتا للمنطقة المحظورة ....بل إلى داخلها ....جعلتها تجفل بصدمة صارخة فيه :
(مالذي تفعله انت تؤلمني...هذا ليس جزءً من مناطق التدليك..ولما رائحة هذا المرهم مقرفة...)
ابتسم خالد بخبث وبقى يدخل يده ويحركها ثم رد عليها بخفوت :
(هذا هو التدليك الذي كنت أتحدث عنه أما المرهم فأحد مكوناته البصل هذا ما يفسر سر الرائحة العطرة )
ثم واصل عمله يحاول التذكر هل قالت العجوز عشرون دقيقه تدليك أم ثلاثون ؟ لا يهم كلما زادت المدة...زادت المنفعة....
وعنبر تتلوى من قوة حركاته التي جعلتها تشعر بالألم قائلة بتلعثم :
(توقف يا إلهي لا أريد هذا التدليك....إرحمني )
وحاولت إبعاد يديه لكنه كبلهما بيد واحدة يزيد من قوته حتى بدأت تتأوه بصوت مسموع......
....بدأت لؤلؤة تشتم نفسها بغضب وبطنها تكبر تدريجيا...أصبحت شبه ظاهرة وقد تشكل تدور لطيف...إنها تدخل الشهر الثالث هل ستظل صغيرة للأبد....
بدأ يتردد صوت تلك عنبر في أذنها....صوتها...تصرفاتها....كل شيء في هذه عنبر يغضبها....تعد اللحظات حتى ترجع لبيت زوجها وتتركها....
وفي وسط مشاكلها....جاءت نجلاء أيضا لتزيدها هما على هم....شكواتها التي لا تنتهي حديثها حول عابد الدائم
وآخرا وليس آخرا...أيوب الذي لم يتصل بها منذ مجيء أخته....تطمأن عليه مرة على مرة من عند عنبر....بعد نشيد من الكلام الجارح والشتائم التي تمطرها بها ...تخبرها أنه بخير وينتظر موعد الزواج....ليتحدث معها....
تنهدت لؤلؤة بثقل.....الهواء هنا يقتلها ببطأ....تشعر بنفسها كعصفور محبوس داخل قفص...
أهكذا يكون شعوره....مربوط حول أسلاك من حديد تمنع مساره فيبقى يغرد لا لشيء فقط ليسمعه أحدهم يعتقه من أقفاص الحرية تلك ....متوعدا إن خرج منه لن يعود حتى من طريقه.....
إبتسمت بفراغ تفكر في نفسها....كيف هي رخيسة الروح....ضحت بنفسها وبإبنها للمرة الثانية....في سبيل من؟ في سبيل رجل ينظر لها ولا يتركها.....ثم همست في نفسها :
(كنت أظنه كان حبا بيننا فادي )
فقط إسمه يبعث الرعشة في جسدها.....كيف لا وهو من كان السبب في كل ما تعيشه الآن لولاه لما خرجت من بيت عائلتها.....لولاه لما تبرؤو منها ! فكيف عاد وخرج أمامها بعد أن نسته تماما.....والسؤال الذي أفقدها عقلها كيف إستطاع أن يتزوج بمرضه النفسي...وبظروفه الحالية...إنها متؤكدة أن زوجته لا تعلم شيء...لو كانت تعلم فقط ربعا مما تعرفه هي ....لهربت دون عودة.....
...................إستلقت عنبر بتعب تراقب الجدار أمامها ربما قد فقدت الإحساس ببعض أعضائها...ماهذا النوع الحديث في الرومانسية ؟....هل ذهب عقله ؟
.....رائحتها كلها بصل عفن...تريد الاستفراغ بشدة.....بدأت تقفل عينيها تدريجيا وقد راح خالد قبلها في سبات عميق.....
لكن صوت الرسالة التي وصلت لهاتفه شدت إنتباهها....أرادت تجاهلها وكم أرادت ذلك ....لكن الحماس دوما يغلبها....
نهضت عنبر بضعف والجزء السفلي منها كله يرتجف بقوة....ومع ذلك مدت يدها تجذبه ترى من المرسل....وهناك توقفت تنظر للهاتف بقرف...كانت صفاء نفس الحقيرة...أخذت عنبر تعبث به تتطلع للرسائل القديمة وكل ما وجدته كلام عادي حتى أن خالد يتركها دون رد لمرات عديدة حتى تعيد صفاء الإرسال....
شعرت عنبر ببعض البهجة واستدارت توقضه قبل أن تقرأ محتوى الرسالة حتى....
فتح خالد عينيه بصعوبة فوجد الهاتف قريب من وجهه يكاد يلتصق بأنفه ثم همس بعجز:
(ماهذا ماذا تفعلين ؟)
هتفت فيه عنبر بلهفة :
(إقرأ وصلتك رسالة )
حاول خالد امساك الهاتف ثم أخذ يقرأ الحروف المضيئة بعين واحدة....وفجأة اتسعت العينان معا ليستقيم ببطأ...يرفع من حاجبيه هامسا بخفوت :
(هل رجع حقا ؟)
تنحنحت عنبر مقتربة منه أكثر وسألته بحيرة :
(من رجع ؟)
رفع خالد عينيه يراقبها بشرود ثم أجابها وهو مبهم :
(إياد....كبير الأحفاد )
.........................................................................
(حامل حامل يا آية وعمرك ثمانية عشر يا حمقاء)
وشدتها من شعرها بكل ما أتيت من قوة حتى أن آية شعرت بأن شعرها اقتلع من جذوره وظلت تصرخ بألم :
(أتركي شعري لا أعلم كيف حدث هذا )
تركتها فجأة أمها بصدمة ثم رفعت يدها تهزهما في السماء قائلة بسخرية :
(بشرب الماء وأكل الفواكه الطازجة )
لم تستطع آية كبح ضحكتها فابتسمت قليلا لكنها سرعان ما استرجعت جديتها عند رؤية احمرار أمها وصراخها الذي زلزل القصر :
(لم أسعى كل تلك السنوات من عمري لأراك تابعة لعائلتهم آخر ما كنت أتوقعه أن تستسلمي لتقاليدهم بل وتحملي إبنهم )
بقت آية شاردة في كلامها تحاول التركيز بصعوبة ....وكل كلمة منها تذبحها بخنجر حاد وسط قلبها المرهف ثم ردت عليها بخفوت محاولة استغلال الموقف:
(صدقا لا أعرف شيئًا على الزواج ولازلت لا أعرف تزوجت في يومين هل تصدقين ؟ .... كانت لي أحلام واسعة حول زفافي ....حول فرحتي بعد ليلة القران...وأين كنت بعد ليلة القران ؟ مغمى عليا من شدة الصدمة أنا مجرد فتاة راحت ضحية صلح ....حتى زوجي لم أكن أعرف إسمه....فقط كنت مسالمة للأمر حتى لا تقع مشاكل....وأسلمت جدا..)
ثم حنت عينيها بحزن لربما تشفق عليها أمها وتتركها لحالها...
تنهدت أمها بوجع كبير ليس هذا ما تمنته لإبنتها الوحيدة....كانت تريد لها النجاح في الدراسة ثم الزواج وبعدها يأتي الأولاد ....كيف فرت بها الأحداث لنقطة الأولاد ....
ارتكزت أمها بتعب على الكرسي وراءها ثم قالت بشرود:
(صحيح كان خطئي من البداية أنا من ضيعت لكِ مستقبلك ومستقبل أخوكِ )
ابتعلت آية ريقها بتوتر ما دخل أخوها الآن....مالذي ذكرها به إنه عامل وله سكنه ويعيش كأي إنسان عادي لم تستطع التريث فأجابتها بحدة :
(لما عليك ذكره في كل معضلة تخصني؟ هو الآن لديه حياته عامل بسكن لا أفهم سر قلقك الدائم )
....ثم سمعتها تكمل كلامها بحزن أكبر :
(تذكرينني به غير الشبه الكبير بينكما حتى تصرفاتكما نفسها ....العائلة تلعب دورا مهما جدا قد تكون هي البناءة لحياتك أو هي الهدامة لمستقبلك )
اقتربت منها آية ثم وضعت رأسها على كتف أمها وهمست ببطأ :
(في كلتا الحالتين أنا لها )
ربتت أمها على ظهرها بحنان ثم قالت لها بحب :
(حسنا في آخر المطاف سأصبح جدة )
ضحكت آية بشدة وفي قلبها نوع من الألم المختلج بالفرحة....هل هكذا يفترض أن يكون حماس الأمومة ؟
كادت أن تنام في حضنها لولا خطوات عابد المجنونة التي أيقضتها مجفلة بخوف لتتجه إليه على غير هدى تسأله بخفوت :
(ماذا عابد لما كل هذا الضجيج ؟ ....أفزعتني )
رفع عابد عيونه يحدق فيها بشرود ثم همس بخفوت:
(صفاء أرسلت لي رسالة)
شتمت آية في نفسها من تلك صفاء الشمطاء ثم أعادت سؤاله:
(ماذا قالت لك ؟)
اخرج عابد هاتفه من جيبه باحثا عن الرسالة ثم قلبه نحو وجهها....أعمى الضوء القوي عيون آية لكنها حاولت قراءة الكلمات المختصرة ميزت من بينها :
(جاء إياد تعال بسرعة )
إستغربت آية قليلا مَن هذا إياد ولما كل هذه الصدمة البادية على وجهه....تنحنحت آية بتوتر ثم همست بخفوت شديد محاولة فهم الموضوع:
(إحم....وإذا؟)
تنهد عابد بثقل ثم اقترب منها يعانقها برفق ساندا ذقنه على كتفها....كالطفل الصغير....الذي ضاع ووجد أمه توا....رفعت آية يدها تضعها على رأسه تعبث بشعره ....ثم قالت ثانية :
(منذ متى وأنت تنتظر هذه الرسالة ؟)
شعر عابد بقلبه ينقبض لكنه رد بعجز :
(منذ وقت طويل )
إبتسمت آية ببطأ وهي تستشعر ضعف عابد وانهزامه في حضنها ثم ردت عليه بحنان :
(إذا ماذا تنتظر هيا سريعا )
رفع عابد رأسه يحدق في عينيها بجرأة أذابتها ثم همس بخفوت :
(أنتظرك أنت تعالي معي هيا واجلبي أمك ....أريدك بجواري....خصوصا الآن )
تألقت عينا آية ببريق خفي ترفع يدها لبطنها ثم ردت عليه بلهفة :
(سنكون معك أينما تذهب )
.........................................................................
نزل عابد من السيارة المركونة أمام باب القصر يشعر بالتوتر وبطنه تؤلمه بدرجة كبيرة هل هذا هو شعور الإشتياق موجع بحق إنه موجع جدا !
أغلق باب السيارة يقترب من الباب وقبل ان يدق الجرس.....هناك من تعلق بيده وهمس بجانب أذنه :
(هناك من ينتظرك وراء هذه الجدران....ينتظر عناقك منذ زمن طويل ....رائحتك....نفسك ...هناك من ينتظر جزءه الثاني المفقود....)
ثم تركته و وقفت وراءه مبتسمة بشرود.....
فُتِح الباب ببطأ ووراءه كان هناك الجزء الثاني يبتسم بإشراق....نسختين متطابقتين بدرجة كبيرة....شبه خيالية....توأمين في الجسد في الروح في كل شيء..
إقتربا من بعضهما ثم قال له عابد بسخافة:
(أنظر كيف أصبحتَ عجوز آخر مرة رأيتك كنت أطول منك )
ضحك إياد بسخرية ثم رد عليه بهدوء :
(كلنا كبرنا أليس كذلك من هو الأطول الآن)
خطى عابد الخطوات القليلة بينهما بتوتر محتار هل يعانقه ؟
... ثم فرد يديه بطريقة غير إرادية و عانق أخاه بتلك القوة المنتظرة لمدة سنين..يستشعر يداه المحيطة بظهره....ولم تكن لحظتان إلا أن شعر بإياد يتنحنح عنه بسرعة....استغرب عابد فجأة كان يظنه أنه سيكون أطول من ذلك....وأقوى بكثير...مليء بالمشاعر المختلجة..
رفع عابد رأسه يراقب أخاه الذي كان يحدق في شيء ما من ورائه..
ليستدير هو الآخر حيثما ينظر وهناك كانت آية تبتسم للضيوف واقفة الى جانبهم من خالد و عنبر.....
همس إياد بصوت خافت :
(أظنني سأصاب بالشلل من كثرة العناق والقبلات )
ضحك عابد ببطأ ثم رد عليه بسخرية :
(هيا هيا أريني مفاتن شفتيك مع خالد )
إلتفت إياد يحدق في عابد بغضب بينما كان عابد يكبت ضحكه بأعجوبة ثم سمعه يرد عليه :
(ها ها إنتظر على تلك المفاتن أريك إياها فيما بعد)
تظاهر عابد بالتأثر و أجابه بخفوت :
(عيب يا أخي على سنك ...يا إلهي زوج لثلاث نساء و أب لطفلين وهذا الكلام عيب عيب )
إبتسم إياد إبتسامة شريرة ثم إستدار متجها إليهما
وبعد العناقات المتتالية والكلام المعتاد....جلسوا جميعا في القاعة الكبرى.....
خطت آية بخجل أمام إياد وقبل ان تتجاوزه همس لها بعفوية :
(أهلا آية )
استدارت آية ثم ابتسمت لا تلقائيا ترد عليه بنفس عفويته :
(أهلا إياد مرحبا بعودتك)
بادلها إياد الإبتسام ثم أجابها قائلا بهدوء :
( شكرا لكِ سعدت بمعرفتك ...)
وأشار لها بيده بشكل محترم للقاعة ....أومأت آية بالشكر لهذا الكائن اللطيف ....غير وسامته التي تفوق أفراد العائلة أضعافا إلا أن لطفه يزيده جاذبية ....
لاحظت آية توتر عابد و قلقه....فجلست بجانبه تمسك بيده في الخفاء مقربة إياها من بطنها وكأنها تبعث فيه الطمأنينه بتلك الحركة....
كان التفكير يقتله...هذا العناق من المفترض أن يكون أسطوري لما لديه علاقة جليدية مع إياد متناقضين بشكل كبير...الوحيد الذي يفهم كليهما هو فيروز أما الوحيد اللذان يستطيعان فهمه هو راسب ...وكأنه صلة الوصل بينهما...تشاركا في تكوين شخصيته وبعد رحيل إياد تولاها عابد وحده ويجد نفسه قد نجح ربما.....
........................................................................
(لقد إنتقلت من الغرفة )
إبتسم عبد الهادي بسخرية يمنع نفسه من شتمه ثم أعاد سؤاله بهدوء :
(أنت متأكد لأن دعاء ليس لها مأوى غير بيتها وهي بعيدة لا تستطيع تفويت سنتها الجامعية والذهاب لأهلها)
تنهد العامل بنفاذ صبر ورد عليه بحدة:
(لا أعرف تفاصيل حياتها كل ما أعرفه أن رجل اتى وأخذها )
تجمد الدم في عروقه وهو يتحسس غصة في حلقه منعته من الكلام فوجد نفسه يستدير تاركا العامل يتنعم براحته وأخيرا..
دخل عبد الهادي السيارة يتنفس بصوت عالي .. انه يختنق ....يختنق حرفيا...من هذا الرجل؟ هل يمكن أن يكون ذلك الزوج الصوري ....أو ربما أخوها لكن من سابع المستحيلات أن يكون أخوها أو أبوها ... هل ؟ هل أخذها زوجها منه ! أخذ حبيبته !
..أخرج هاتفه يرن على رقمها...وظل يرن دون الرد ...ثم أعاد المحاولة مقسما في نفسه أنه سيظل يتصل بها حتى تفتح المكالمة.....
.....كانت واقفة في المطبخ القديم تحضر شيئا ما بشرود وعقلها وقلبها في مكان آخر....
تشعر بنفسها منفية...وقد قتلها الملل في هذا البيت.. تشكر ربها أن أيوب لم يقترب منها ولو مرة واحدة... يأتي مساء تتقابل معه في طاولة العشاء ثم ينصرف كل منهما إلى سريره هي في النصف الأيسر من الغرفة وهو في النصف الأيمن كأخوة تماما.....
قررت توقيف دراستها مؤقتا حتى تهدأ الأمور فمكثت ببيته تنتظر مرور الأيام ببطأ و تتطلق منه سريعا ...
إبتسمت فجأة بشرود على الأيام التي مضت ...تعلمت فيها مختلف أنواع المأكولات....تشاهد جميع البرامج التلفزيونية بعدما كانت تكره التلفاز تحديدا
و غير فرحتها عندما يحكي لها أيوب عن مغامراته وعائلته متجولا بعينيه أرجاء هذا البيت المتهالك مرددا كل مرة :
(بين تلك الجدران كبر أبي )
كانت تبتسم دائما وأحيانا تبكي...لشدة تأثرها بحبه لأبوه....عكسها تماما....
استيقظت من أفكارها على صوت الهاتف....وعندما قرأت ذلك الإسم شحب وجهها...ولم تستطع الرد
ظل الرنين يتواصل وقلبها يتراقص خوفا على ذلك اللحن...وفي الأخير ردت عليه متخبئة في المطبخ وراء الباب وقالت بصوت خافت جدا حتى لا يسمعها أيوب :
(هل جننت عبد الهادي !!)
وصلها الصوت الرجولي يجيبها بإختصار:
(أين أنتِ؟)
تنفست دعاء الصعداء تنقل عينيها بين الهاتف والباب ثم همست بقلق :
(لا أستطيع التحدث عبد الهادي أنا ببيت اهلي )
زفر عبد الهادي نفسا طويلا يعبر عن مدى راحته ثم قال لها بلهفة :
(حسنا حسنا راسليني )
لا تعرف كيف ردت عليه لكنها أغلقت الهاتف بسرعة ....رافعة يدها لفمها تلعن نفسها مئة مرة على كذبتها ...التي ستجعل جنونه يفيض إن كشفها ....لكن ما باليد حيلة سيجن في كلتا الحالتين لتضبط جنونه الآن بينما تجد له حلا آخر ....
أنت تقرأ
صدفة قاسية 🔞
Casualeوأغار من غريب يرى عينيك صدفة فيغرم بهما ...كيف لا وهو يهيم بعيون الرمل الذهبية ....شرقية اجتمعت فيك الثقافات..... ...... لتكون مثالية في عيوني فقط ......