جزء22

2K 27 0
                                    

دخلو المنزل وملامح الخيبة تعلو ملامح فيروز بعد أن ودعتهم على مضض لتستدير بغضب قائلة:
(لما لم يبيتوا فقط لليلة ....منك لله يا عابد .....خدعني بكلمات العفريت الصغير ...)
ابتسمت صفاء بسذاجة على تدمرها الطفولي ....بينما كان راسب في عالم آخر من الأفكار....وهو يخمن في  تلك الفتاة من تكون ..وهل رأته بذلك المظهر نائم كالمتشردين ....وجميعهم كانوا فوق رأسه وهو في سابع الأحلام....هز رأسه قليلا ليبتسم هو الآخر على تدمر أمه  متذكرا كلامهما عند البحر ....لقد قص عليها كثيرا من الأشياء حول حياته وكم كانت صعبة وكم يحاول الاختباء حول ثناع القسوة...كانت متفهمة وتنظر له بحزن يتخلله حنان مفرط...كانت تجيب بالإيماء وتبث أسفها بحسرة .....على أنها أرادت أخذه لكن أباه منعها بكل الطرق .......
(أين كنتم بحق الجحيم ....)
صدى الصوت الموحش أرجاء القصر على الفجر والنور لم يكتمل بعد ...قكانت العتمة تغطي البهو لتزيد من المشهد سوءا ....استدار ثلاثتهم بهلع ....يحدقون في أحمد مؤمن الذي يبادلهم التحديق بغضب ...تلونت ملامح صفاء لتتجه وراء أمها كما تفعل دائما ...درع حمايتها للأبد و راسب بقي متسمرا لا يعرف مالذي أتى به إلى هنا....أما فيروز فظلت تنظر بكبرياء ....وكأنها انتصرت أخيرا  في حرب طويلة كانت بينهما يوما ......
(أصابني إعياء خفيف ...ذهبت للمشفى ...وأحتاج للراحة عن إذنك ...)
تطوعت بكلماتها الهادئة على صوتها المتناغم ثم استدارت تبتسم ببطأ مشيرة لهما ليتتبعاها .....إمتثلا كل من راسب وصفاء والحيرة تملأ تفكيرهما....لكن لم يجدوا البد من الصمت ....وفي خطواتها المتعثرة ....قطع طريقها أحمد فوقف أمامها  وعطرها يتسرب له ....أغمض عينيه فجأة تطالعه ذكريات عديدة ...ورأسه بدأ بالصداع المعتاد لكنه إستعاد سيطرته بأعجوبة ليقول بعنف :
(أي مستشفى بهذا الوقت )
تنهدت فيروز بغضب لتضرب ساقها بنفاذ صبر ثم تجاوزته متجنبة الجواب ...وفي لمستها  الصغيرة ....أحس أحمد وكأن صعقة كهربائية ضربته ...والعديد من الذكريات تتجمع ....ولا يوجد سوى ملامح واحدة تتكرر....هز رأسه فجأة بقوة حتى أن أولاده احتاروا لأمره فاقترب راسب يسأله بقلق :
(أبي هل أنت بخير ؟)
واصل هز رأسه .....وتلك الصور تأبى الإختفاء .....حتى طالعته ذكرى واحدة ....ذكرى ولادة ابنه ففتح عينيه فجأة واستدار لوهلة مناديا بخفوت :
(فيروز ...)
كانت في طريقها لغرفتها ....حتى سمعت صوتا مألوفا .....صوتا لم تسمعه منذ الأزل واستدارت قليلا تطالع المصدر ....وكأن أربعة وعشرون سنة رجعت للوراء ....كذكرى مماثلة لهذه وهي حامل بعابد وتعمل بالمطبخ باتقان ...إياد  جالس على الأرض يلعب بلعبه الجميلة ....
ابتسمت وهي تتأمله ثم عادت لعملها حتى لا يغفل عنها شيء ....وهي تحضر اللمسة الأخيرة من الغذاء....سمعت إسمها فتوسعت ابتسامتها لتستدير بجمال...تحدق به وعيونها تلمع ببريق ساحر ....إبتسم أحمد بخبث ليقترب منها وهو يحرص على أن اياد منشغل عنهما ثم قبلها بشهوانية وهي تبتعد صارخة فيه دون صوت :
(إبنك هنا يا إلهي احمد اعقل..)
ضحك أحمد بقوة ليتوقف يتأملها  بحب ثم قال بخفوت شديد  :
(فيروز يا فيروز  ....وما العمل إن كانت شفتيك إدمان .....)
اغمضت عيونها بألم ثم همست لنفسها :
(أعلم أن حبك لي مازال موجود ولم يدفنوه ...اعلمك أكثر من نفسك وحتى وعمرك يتجاوز الخمسين لكنك ستهيم بعشقي ثانية ....)
.......(نعم)..........
تلك الكلمة المختصرة جذبت انتباههم جميعا بما فيهم أحمد الذي بقي على موضعه لا يعرف الحواب الآن ....لماذا ناداها حتى ....مالذي يحدث له كلما اقتربت منه....تواصله الهلاوس والذكريات الغير المفهومة ........
اقترب قليلا ليقول متجنبا النظر لعينها :
(جهزي لي الغرفة ....)
لم تلتفت اليه حتى لتومئ دون صوت معيدة الاتجاه لغرفتها لكن صوت راسب اوقفها وهو يسأل بريبة :
(هل تقصد انك تريد غرفة ثانية )
ضحكت صفاء بجدية لتضربه على كتفه بلطف وهي تضع يدها الأخرى على فمها ثم قالت  بتلعثم :
(ومتى نام معها بالله عليك ...ينقصك الكثير من الأحداث....)
احمر وجه احمد من شدة الغضب يريد تقطيعها إربا ...صدق من قال البنات بلوة ... لكنه منع نفسه من قتلها بأعحوبة وهو يتذكر كلام زوجته الأخرى تهينه بأبوته وحقوقه على أبنائه....اذ كان يريد ربح إبنه...فليربحهم جميعا إذا.......
ابتسم بصعوبة وهو يحاول تصنعها ...وكأنه لم يجرب الضحك منذ قرون ثم قال بسخرية:
(وأين تنام الزوجات ...بجانب أزواجها ...يا عديما التفكير يا أبلهان ....حتى الزواج ولم تفلحا ...تبا يلزمكما تصفية دماغ  )
ثم التفت لفيروز التي كانت شبه مصدومة من كلامه ....هل سينام معها بعد فراق عشرين سنة ....لقد نست كيف يكون النوم الى جاتب زوج حتى ....ثم انتفضت على صوته القوي يقول :
(هيا يا امرأة جهزي الغرفة أسننام بالأرض ..)
استدارت فيروز ببطأ تمتثل لأوامره باستغراب ....مالعمل الآن وكأن ليلة دخلتها ستعاد .....تبا
.........(هل تعامل أبي معي كابنة ؟؟)
إستدار راسب على كلماتها الغبية فشتم ببطأ ليقول :
(وكيف ترين نفسك ؟فتى )
اجفلت على جوابه ...فضحكت بقوة رغم تفاهة نكتته ة .....ثم توقفت  فجأة وهي تنظر له بحسرة ... لقترب تنوي مصارحته حول ما حل على رأسهم اليوم قائلة  :
(أنوي الإعتذار منك ....لأنني بالغت في ردة فعلي ..انت اخي الفعلي وتعلم هذا ....حتى أن الجميع يعلم أنك مفضل أمي...وحتى هي تصارحنا بأنك ملاكها...لا تخطأ الفهم انا لا اغار...فقط أحب قلبها كيف هو ابيض وليس به حقد ...يجعلها محبوبة من طرف الجميع ....وأعلم يا راسب انها أحب لك الأشخاص من قبل من ربتك حتى )
إبتسم فجأة ليهز رأسه بعدم استيعاب...فهل صفاء تعتذر وتدعوه بأخاها بعد مشاجرات ليس لها نهاية ...وأخيرا.....وجود راسب في ة العائلة جعل صفاء منبوذة ....فكلهم منشغلين معه لأنه بعيد وبينهما  ثلاث سنين أي انها ليست بالكثيرة لكن نسوا ولادتها  لتفتح عينيها على المتاعب من مولدها ثم قال  بحيرة  :
(لا أعلم سر هذا الحب فعلا ......)
بادلته الإبتسام برزانة لتستدير عنه وكأن نظرته تغيرت قليلا على الأقل هو لا ينكر الآن ....ثم اتجهت لغرفتها تنوي الاتصال بخالد والفرح ينهشها .........
......خرج من القصر  بقوة وعزيمة أكبر بعد جمعة حلوة مع آية بالرغم من شعوره بغضب عابد المستمد نحوه ...وهو يتناقش ويضحك معها ....فتنغمر في ضحكاتها المتناغمة وهو يحدق بها ينظرات تأمل لا يعرف مغزاها إلا  عابد المتنهد بنفاذ صبر ينتظر موعد خروجه بالثواني المعدودة .....
اض
أشعل سيارته ببطأ ليتجه للطريق العام ....يفكر ماذا سيقول لعنبر ...ولكن هل سيقول؟؟ سيجدها منهارة من دونه .....لتقفز إليه بحب كما تفعل بعد كل شجار ....ابتسم فجأة وكأنه اشتاق لها فعلا .....صارت من نظام حياته الممل ...ثم واصل القيادة دون التفكير ...لنترك التفكير فيما بعد ....بسم الله ......
...اقترب من البوابة بضربات قلب متزايدة ليركن السيارة ببطأ ثم نزل بتردد متجها نحو المصعد وهو يعد الثواني ... اقترب من الباب .  يدق الجرس بقلق ....وهو ينتظر .....
........تنحنحت على الأرض بألم وهي تتحسس عنقها يكاد ينكسر ...فقتحت عينيها بألم على صوت الجرس ....لتستقيم ببطأ ورأسها يكاد ينفجر .....ثم وقفت بضعف متجهة للباب ...ربما يكون أيوب حبيبها ....لكن ما ل
أن فتحته حتى خاب أملها وهو يقابلها رجل غريب لا تعرفه ....فظلت تحدق به بصدمة وهو يبادلها التحديق بغرابة ... يفكر  في نفسه من تكون هته الفتاة ....أيمكن اخطأ العنوان لكنه شبه متؤكد أنها الغرفة أتى عديد المرات لعمه ....ولا يمكن أن ينساها..ثم ابتعد ببطأ مديرا عنها نظره وهي بذلك القميص المكشوف أجزائه و شعرها متناثر بفوضوية ...تبدو مريعة ليقول بخفوت:
(هل أيوب أو اخته هنا ؟)
هزت رأسها باستغراب؟ماذا أخته...مالذي يحدث هنا ...من اخت ؟؟...وفجأة ....تذكرت أحداث الصباح  فشحبت ملامحها لتستدير  متجولة في الغرفة تاركة الباب مفتوح تبحث عن أيوب لكنها لم تجده ....الا صوت الرشاش بالحمام أوحى لها ببعض الفرحة لتقترب تدق على باب الحمام سائلة بحنان :
(أيوب هل هذا أنت ..)
رفعت رأسها من الماء البارد  يكاد عقلها ينفجر وقد ظلت تبكي حتى نامت ....من ضغوط البارحو  ثم انتبهت  لصوتها فشتمت بغضب لتضرخ بقوة  :
(لا بل أخته )
لتعيد الدخول تحت الماء والغضب ينهشها ...لما لم تطردها ...لما سمعت لقلبها وتركت هته الحية ...لما قلبها حساس؟ ...فقط لما؟ .....
سقطت دموع لؤلؤة بقهر لتجلس على الأرض بضعف تبكي على حالها لكن لم تمر اللحظات لتشعر بشيء فوق رأسها فرفعت عينيها الدامعتين لذلك الرجل الغريب يتاملها بحزن كيف دخل حتى ؟؟ هل فعلا نست الباب مفتوح لهذه الدرجة تلفت أعصابها ....انها منهارة ....ثم قالت بخفوت :
(أخته في الحمام لكن من أنت ..؟)
ضيق عينيه ببطأ وهو محتار من تكون وما هذه الملابس في بيت عمه ؟ لم يرها من قبل أبدا ....ثم رد عليها :
(الحقيقة من أنت ؟)
أرادت افراغ شحنات غضبها عليه وشتمه وطرده من البيت ...كيف سمحت له بالدخول حتى ؟ ....تريد الصراخ انه بيتها وان يخرجوا من منزلها ...لكنها سكنت فلسانها سبب كل شيء وقعت به ...لتقول متلعثمة :
(أنا صديقة أخت أيوب وجئت البارحة فقط)
رفع حاجبيه فجأة شبه مصدوم ..لايتذكر ان لعنبر أية أصدقاء ...وان كانت صديقتها كيف لا تعرفه ...ولماذا تبكي بهذا الشكل المأساوي ..لكنه اكتفى بالإيماء ثم رد بثبات:
(أنا زوجها إذا هل يمكنك تركنا قليلا ..)
تنهدت لؤلؤة براحة ...لاستخدام عقلها على الأقل ثم نهضت بضعف متجهة للباب والحسرة تملأ قلبها لتغلق الباب خلفها ببطأ تحدق في الباب الآخر أمامها  .....
وهمست في نفسها بأسى :
(مالعمل الآن؟)
......استدار على صوت الماء المتدفق ....ليستدير يحدق في الحمام بخبث ثم تقدم يفتحه ببطأ شديد حتى لا يصدر صوت ....ولحسن حظه كان صوت الماء عاليا فلم تنتبه عنبر لأي ضوضاء ...واصل خالد الإقتراب ليفتح الباب الزجاجي للحمام الذي كان يغطيه الضباب لا يظهر منه شيئا فقابلته صرختها القوية وقد ارتطمت في الجدار من ورائها والهلع يكاد يصيبها بالإغماء ...إبتسم بعبث ونظره يجري على جسدها العاري الذي فقد وزنا قليلا وصار شبه متكامل....صارت تهتم به في الآونة الأخيرة ...واصل النظر إليها بشهوانية ليتقدم نحوها بعدما اوقف المياه حتى لا تبلله  ليجفل فجأة غلى صوتها المرتجف :
(ماذا تفعل خالد ؟كيف وصلت إلى هنا )
عقد خالد حاجبيه بشدة ....ألم تسعد لقدومه...ألا تزال غاضبة منه ....وكأن نظرتها تغيرت اتجاهه ...اقترب قليلا ليلمس وجهها وشعرها المبلل كانت جميلة فعلا ....وكأن هذا الجمال لم يكتشفه سوى اليوم ...ثم قال بحنان:
(أنا أريد الإعتذار ...أنا فعلا آسف ...لم أرد لذلك الأمر ان يحصل...كنت غاضبا ..كنت ...كنت ...انا فعلا تافه وحقود ولا أستحق ملاكا مثلكي...صدقيني حبيبتي أنا آسف )
ليقترب أكثر يقبلها بشغف وهي مستسلمة شبه مصدومة ....هل اعتذر لها وأتى بحثا عنها ...لم تتوقع مجيئه بهته السرعة ..لم تمر حتى أربعة وعشرون ساعة ....سعادة تسربت لقلبها وعو لا يكف عن تقبيلها ومداعبتها بلطف ....لكن  شيء ما أشعرها بانقباض في صدرها ....وكأن شيئا يمنعها من الإنسجام والإستسلام ...لتتنحنح فجأة بخجل وقد تورد وجهها من الخجل .....
ثم قالت بتلعثم لا تعرف كيف تسيطر على رغبتها به :
(هل....هل تطلب منك كل هذا الوقت لتتذكرني ؟)
ظل مستغربا ....انها المرة الثانية التي تبتعد عنه وهذا فعلا شيء غريب وخطير ....فعنبر كانت تتودد إليه بكل الطرق حتى يقبل وجنتيها فقط من برودته القاسية والآن ترفضه ....لكنه فضل عدم الشك ليرد بفتور :
(تذكرتك فور معرفتي لغيابك وكان بعد خروجي من الحمام حاولت الاتصال بأحد أسأله عنك لكن هاتفي حطمته والمحلات مقفلة ...لقد كانت الرابعة صباحا ذهبت لبيت جدك وقال لي الحرس  لا أحد موجود ومن غبائي استبعدت تماما فكرة أخاك فعلا... ثم ذهبت لعابد ولم أجده وانتظرته في السيارة حتى أطلعني أنه أوصلك لأيوب بعد عناء من المناقشة المجهدة معه ... بحثت عنك لساعات طويلة ...وأنا نادم حق الندم ....آسف حلوتي ....)
كيف غفل عنها موضوع الهاتف لقد حطمته من شدة غضبها هذا سبب عدم إتصاله .....نعم الآن هي سعيدة بالفعل...لم ينسها ....لم ينسها كما توقعت .بكت لساعات طويلة لأجل لا شيء ....ظنت أنه نام غلى ضمير مرتاح لكنه بحث عنها في الشوارع..ابتسمت ببطأ ..لتتساقط دموع لا تعرف سببها الفرحة ربما أو القهر النفسي من هته الأيام ....رأته يقترب يقبل تلك الدموع ثم غير طريقه لمجرى شفتيها حتى غاب عنها العالم كله الى عالم اشتقات له بالفعل  .........
.......................................................................
خرجت من الحمام بكسل وقد تشبعت رغبتها إلى أقصى حد ...كان عنيفا جامحا لانوثتها الخجولة وهو يقترسها باتقان...ابتسمت خلسة على حركاته الخبيثة وقد بادلته الخباثة بأكثر منها وهي تتعلم أساليب جديدة في العلاقة الزوحية .....كيف لا وهي تحادث الأطباء وتستشير المتخصصين لتستدير تبحث عن ملابسها في الغرفة متجاهلة الأفكار الجهنمية لا تريد اثارة جوارحها ثانية   وقد وجدتها على الأرض ...استغربت قليلا لأنها لم تضعها هناك لكن سرعان ما نبذت الشكوك لتحملها وقد اتسخت بالكامل ....زفرت بنفاذ صبر واتجهت تبحث عن حقيبتها التي وضعتها خارجا في الصباح الباكر تحتاج ملابس نظيفة  .....
.......خرجت بخطوات متعثرة على الأرض الملساء ووجنتيها محمرتان بشدة بينما شعرها يلمع بلمعان النجوم ....تنهدت بأسى وهي تبحث بملل لترمقها من بعيد موجودة عند الباب كما وضعتها صباحا  .....وعلى خطوتين...قابلتها المسماة بلؤلؤة .....عبست فجأة على منظرها لتتجنبها حاملة حقيبتها عائدة الى غرفتها ولكن لم تسلم لثانتين حتى سمعت صوتها يقول بهدوء:
(هل لي أن أعرف مالذي جرى أو مالذي سيجري ..؟)
أرخت يدها لتسقط الحقيبة بقوة ثم استدارت بغضب تحدق فيها باستحقار قائلة بحدة:
(هذا بيت أبي ...ليس بيت أيوب انه لأبي وانتقلنا لبيت آخر فأعطاه أبي الينا ....وهته غرفتي ..)
ثم رفعت اصبعها تشير لغرفتها قديما التي هي الآن تخص لؤلؤة ...غرفة الريف ...وأكملت كلامها بقسوة :
(إذا كنتي تريدين الزواج من أيوب والبقاء بكرامتك فلا تناقشيني ولا تغضبيني لأنني لن أرحمك فأنا افعل هذا لسعادة أخي ليس غير والآن أستسمحك عذرا  )
لتستدير بقوة تعيد حمل حقيبتها متجهة للغرفة ثانية ....دخلتها وصفقت الباب بقوة خلفها ...وقد سقط قناع القسوة ليحل محلها الحزن  والحسرة ....سائلة نفسها :
(كيف سأزوجك ...ومنى ؟ كيف؟)
ظلت تحدق بفراغ لتنتبه لزوجها الذي خرج من الحمام وهو الآن مستلقي على الفراش وقد راح في سبات عميق من شدة التعب ....ابتسمت قليلا على منظره كان برداء حمام انثوي أحمر اللون يبدو به لطيفا وغريب لم يرتد ثيابه حتى من التعب الشديد ....اتجهت ببطأ نحوه واستلقت بجانبه  تحدق بملامحه الجذابة ....مثال الجمال و الذكاء والأخلاق ....مثال كل شيء غير الحب ثم أغمضت عيونها ببطأ تريد استعادة بعضا من النوم الذي سرقه منها ......
(هل قالت ستزوجهما؟؟؟هل فعلا ستتزوج أيوب )
توسعت ابتسامتها ببطأ لتعتلي وجهها بجمال ثم استدارت تبحث عن هاتفها ولحسن حظها وجدته بالمطبخ طلبت رقمه سريعا بأصابع مرتجفة من الفرحة ووضعته على أذنها تنتظر رفع السماعة لكن لم يقابلها سوى رنينه المستمر ....خاب أملها قليلا لكن لم تزل سعادتها لتضع الهاتف جانبا تفكر كيف ستصبح مؤمن وهي تضع يدها على بطنها تحدق بعشق ثم همست بحماس :
(ستكون حياتنا روعة فقط انتظر حبيب أمك )
.....................................................................
(دعني أعلمك شيء انا لن أخبرك التتيجة حتى تخرج تلك نجلاء من البيت )
تجهمت ملامحه ليتنهد بنفاذ صبر وقد فقط سيطرته فركل الطاولة بقوة حتى سقطت بعض الكؤوس جراء الضربة ....شهقت آية بفزع ثم تبلدت ملامحها لتستدير بثقة ترفض الانهزام وقالت بحدة :
(لن أغير رأيي إذا كانت هذه حركة منك )
والتفتت بكبرياء تكمل غسل الأواني بتعب ....تشعر بألم فظيع في بطنها و النعاس وكل شبر يضرخ طالبا النوم...أغمضت عينيها لوهلة من شدة الضر ثم فتحتهم تحدق  بفراغ وكان عابد قد ذهب من شدة الغضب لا يعرف مالذي يفعله ...ولما تتصرف بهذا الشكل ....الغيرة عقدة الفتيات
(الفتيات؟)
همس لنفسه بسخرية بتلك الكلمة التي لا طالما كانت منبوذة في تفكيره .....لم يكن محبوب الفتيات ...كانوا يفرون منه خائفن وكأن وحشا سطع عليهم ...
حتى سمع احداهن تتهامس بأن عابد مؤمن لا يعرف إلا حب أمه....ضحك بمرارة ثم همس لنفسه:
(كانت على حق لكنني الآن اعرف من غالم الحب الكثير )
وصادفه في تفكيره نجلاء التي خرجت من الغرفة تحدق فيه بإشراق ثم ابتسمت على منظره ...لم يبادلها الابتسام بل اتجه إليها ببرود ثم قال ببطأ شارعا في الحديث:
(صباح الخير ...)
تنحنحت ببطأ تسأله بلهفة :
(صباح النور خيرا هل وجدت أمك )
أومأ بانقباض يتجنب رؤية ملامحها ثم قال بتلعثم :
(نعم وجدناها بعد عناء حمدا لله كانت مع اخي ولم تخبر أحد  لا علينا اذا كنت أريد سؤالك عن شيء )
توسعت ابتسامتها لترد بحرارة وقد تسربت سعادة كبيرة لقلبها  :
(تفضل بالطبع )
حرك يديه بتوتر لا يعرف كيف يسألها والكلمات لا تتجاوز لسانه لكنه شجع نفسه فجأة ليقول بخفوت:
(هل تكنين أي مشاعر من جهتي ؟)

صدفة قاسية 🔞 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن