يستعد لذهابه.....ارتدى حلته الأنيقة...ساعته الذهبية الجميلة.....مشط شعره الخفيف بعناية...وضع عطره الخاص ....ليستدير مجفلا....ينظر الى تلك العابسة من خلفه ......تحدق به في صمت .....غاضبة ...حزينة ....لا يعرف ....عند سماعها بخبر عودته للعمل جنت ....وصارت تترجاه أن يبقى أكثر.....لكن الأعمال لا تنتظر ....خاصة مع وجود أباه العصبي......إتجه الى الباب ببطئ...ربما لا تنوي توديعه ....سيشتاق إليها حد الموت.....لقد تعود عليها لدرجة كبيرة....لا يستطيع تخيل حياته من دونها ....أو مرور الصباح دون رؤيتها ....يد ناعمة تمسكت بسترته الثمينة .....إبتسم في نفسه ليطبق على تلك اليد يجذبها نحو.....فتقابله النظرات الطفولية .....تلك المخادعة تحاول أن تبقيه اليوم ...إقتربت منه ببطئ لتعانقه بحنان ....لم يستطع منع نفسه من تجاهلها والذهاب ...لذا شاركها العناق لدقائق مرت كالثواني ...تنحنحت قليلا بصمت لتقبله قبلة ألجمت قلبه العفوي......لم يستطع أن يواصل القبلة .....فهي جيدة بها و ستؤخره عن موعده لذا أبعدها برفق ....يخرج دون محادثتها بعد كلامهما البارحة .....
.........تنظر بتحسر الى ملمح ذهابه....فراغ تركها به ....لا تعرف ماذا ستفعل.....إنها خائفة ....فهو حاميها لماذا لم تذهب معه أو قيدته ليبقى بجانبها .....زفرت نفسا حادا لتعيد الجلوس على السرير ....تتذكر كلامه الذي أسى قلبها حزنا
(أريد أن أخبركي شيئا)
قطع جوهما الحميمي صوته يناديها برفق ....تنفسه المتحشرح يمنعه من التركيز بتمعن ....أغمضت عينيها تعيد صياغة جملته في عقلها ....فلقد كانت بعالم آخر .....حرارة تعتلي جسدها جعلها تجفل بشوق لتفتح عينيها ببطئ قائلة بهدوء :
(وقته يا إلهي.....قل هيا )
إبتسم لها ببطئ يلمس صدرها بخبث واضح لتبتعد عنه مبتسمة له هي الأخرى قائلة بحدة:
(هيا عابد مالأمر)
بهتت ابتسامته ..ليرفع عينيه باستسلام يهمس لها :
(سأعود للعمل ....غدا ....)
تركت الغطاء يسقط عنها جراء الصدمة ....باهتة تنظر إليه بصمت .... لتقول بريبة:
(لماذا بالله عليك ....أجلها الى غير يوم ....هل سأبقى وحدي هنا ....هيا ما بك ...هل سئمت مني )
كانت تداعبه بلطف في كلامها عله يمتثل لها في انجذابه إليها .....لاحظت حزنه البادي على عينيه ليلمس وجنتها الناعمة غير آبه لجسمها العاري الممدد فوقه .....أغمضت عينيها على إحساس يده الخشنة ...لتسمعه يقول:
(الشركة بدوني في خطر ....فإدارة أبي سيئة ...تعتمد على الضغط مما يسبب غضب العاملين بالرغم من إخلاصهم له .....حتى أخي الأهوج لا أستطيع الإعتماد عليه..فهو دائما يجهل ما يفعله...إبتعدت بما يكفي الشهر .....تصلني شكوى بحجم رأسي ....كل يوم ...لن أستطيع التأخير أكثر مما أخرته...أنا آسف....سأحاول الوصول باكرا إليكي....حسنا.....إبقي مع نجلاء ريثما أعود ....سأعوضك على فترات غيابي لا تقلقي )
سقطت يداها بيأس تستدير عنه تنظر للحائط المقابل لها ....لقد أغضب صغيرته ....استقام جالسا يقترب منها ....فتبتعد عنه بعنف....قبض عليها بقوة ....فتحاول الإفلات بشراسة كالقط والفأر لكنها لم تستطع التغلب عليه لتتركه يعانقها مايشاء ....وضعت رأسها على صدره بضعف في النهاية ....لا تريد أن يتركها كما أنها لا تريد أن تغضب منه ليس خطأه .....الأيام الأخيرة عاشت وكأنها في الأحلام....يدللها بعناية ....يعتني بها كطفلته....تنام بحضنه ....يشبعها شوقا وترتوي بحبه كل يوم من الأيام التي مضت....تستيقظ وتنام على قبلاته الناعمة ......وجهه العفوي الذي كان يبدو كالوحش لا يملك ذرة جمال قبلا أصبح الآن أجمل رجل تعرفت عليه في حياتها منذ مولدها حتى مماتها...يمثل أباها وأخاها حتى أمها ....أحبته في مدة قصيرة....أحبته كأي شخص لم تحبه من قبل .....فعشيقها القديم تركها في لحظة احتياجها له ....عندما أطلعته بخطورة الموقف وتزويجها المرغم لعائلة الوحوش....اكتفى بإغلاق هاتفه وتجاهلها الى مدى الحياة......لم تتوقع ردة فعل كهذه بعد علاقة دامت أكثر من سنتين ....لم تبكي أبدا .....بقت صامدة ......حاقدة عليه ...ناقمة منه .....سيندم كثيرا على تركه لها ...هزت رأسها تنفي وجوده من أفكارها لتعيده الى عشيقها ذوي العيون الساحرة ....عيونه .....آآه من تلك العيون الخضراء بلون الطبيعة. .....إبداع خلق الله فيهما يعجز المخلوق من مكنونات الخالق.....تتمنى لو يرث إبنها عيونها كما ورثهم أباه عن أمه الأجمل.....تذكرت أمه فيروز صاحبة النصف وجه...لم تفكر يوما بسبب تغطيتها لوجهها ....أو حالها المأساوية ....وعلاقتها المتهمشة مع إبنها الصغير ...كما أنها لاحظت سوء معاملتها من طرف زوجها ....تبقى تلك المرأة لغز حير من رآها ....ستسأل عابد عند رجوعه ....ربما يحل لغزها....أو يحكي لها تفاصيل القصة .....هو يثق بها .....لن يخفي عنها شيئا بالتأكيد......إستيقظت من حزنها على صوت الباب الرئيسي ..لتجفل شاهقة ...إتجهت ببطئ للمطبخ ....كانت نجلاء قد حضرت الفطور وتركته مجهز ....هذه الأيام نجلاء بالفعل ليست مصدر إزعاج......تكاد لا تراها في البيت من كثرة مكوثها بغرفتها ....شيء جيد في النهاية...لقد عرفت مع من تلعب.....جلست ببطئ على شرفة مطبخها ترتوي من تلك القهوى على نسيم الهواء ....
(كيف سيمر النهار من دونك حبيبي )
.........................................................................
دخل بخلياء وسط التجمع عند الباب الرئيسي ....هتاف لم يسمع منه سوى إسمه منه من يقول ....السيد عابد سيعيد النظام الى سابق عهده ومنه من يقول ...زال الضغط والهوان ومنه من يقول عادت المياه الى مجاريها .....الكثير من الشوشرة المملة لذا قام بالهتاف بصوت شبه عالي صمت الجميع لسماعه :
(أهلا بي أولا ....سأعود لرئاستكم آسف لغيابي ....فزواجي لم ينتظر )
بدأ الجميع بالضحك في خفوت ليسمع عابد إمرأة تقول من بين الحشد:
(مبارك لكبير مؤمن ....لم نسمع مسبقا لأتينا نبارك لك بالحلويات وما يشتاهه القلب )
ابتسم لها عابد رغم سماجتها البادية .....السيدة نورى كبيرة الموظفين عمرا لا خبرة مفسدة المزاج وزعيمة الإزعاج ....رد عليها عابد بود:
(شكرا السيدة نورى كان قرارا سريعا لذا تهنئتك تكفي وتوفي)
ثم استدار يتجه لمكتبه تقاطعه نورى قائلة:
(لا يزال الزقت مبكرا على الزيارات ....لا أستطيع أن اترك زواج إبني يمر دون تهنئات و زغروتات الفرح )
شتم في نفسه ببطئ فهو يعرف ماذا تنوي تلك العجوز ......لينظر إليها بتمعن ثم يقول:
(مرحبا يك في أي وقت نحن أجلنا الفرح لموت ابن عمي إن نسيتي)
إمتقع وجه نورى فلقد نست موضوع الصلح لم تفكر سوى بنفسها وفضولها الذي ينهش قلبها لتعرف من العروس المبجلة التي أخذت أثرياء مدينة*****
وأثناء تفكيرها المتواصل أمام الحشد الوفير الذي ينظر إليها بإبهام كان عابد قد تجاوزها متجها لمكتبه يصفقه بغضب
..........أخاه الصغير جالس بجانب المكتب ينتظره وعلى وجهه إبتسامة توحي باشتياق كبير له في فترة غيابه ....فعابد لم يعد لبيت جده بعد حادثة والدته...كان ناقما عليه لكلامه إتجاهها .....لطالما كان عابد و راسب الأخوين الأكثر تناسقا بالرغم من بعدهما عن بعضهما.....لكن تصرافته كانت دائما السبب في نزاعاتهما ....لم يكن يعره إهتمام......فهو صغير لا يريد إبعاده عنه....لكن أمه خط أحمر ....وقد تجاوز حدوده بدرجة كبيرة.....اقترب منه يسلم عليه ببرود ثم اتجه الى مكتبه بصمت ....ملامح الإستغراب إعتلت وجه راسب ....هذا التجاهل لم يعهده من قبل وخاصة من أخاه.....إكتفى بالتحديق به ثم بدأ بالحديث قائلا:
(أياما غبتها يا زميل لم أظن أنك سوف تتأقلم مع تلك الحرباء)
رفع عابد عينيه بثقل لعيون أخاه الشبيهة بعينيه....يفكر عميقا ....تحنح قليلا في جلوسه ليقول بخفوت:
(لقد أحببتها ....لأول مرة في حياتي أحببت شيئا دون قيود كما فعلت أمي أنا )
رأى راسب تركيزه على كلمة أنا ...ليستنتج أن سبب تجاهله هو ما فعله إتجاه امه الحقيقة ....زفر نفسا حادا ليرد عليه بثبات ونبرة تحسر :
(لم أتوقع هذا إطلاقا .....لم أعهدك من محبين الهيام والعشق...مع من ؟...مع تلك الصغيرة ....عشقك بالأطفال يا أخي ....)
شد عابد شعره يمشطه بأصابعه بقوة ....يقول بغضب بادي على صوته المتهجم:
(صغيرة العمر صدقت لكنها أكبر منك في عقلك بكل تأكيد ....حتى أنا لم أعهد نفسي يوما أن أحب إمرأة درجة الموت .....لكن ما باليد حيلة .....قلبي يقول ليس أنا ...يا إبن أبي)
دهشة إعتلت ملامح راسب ....هل ناداه بإبن أبيه؟ وهو أخوه الحقيقي ....مالذي جرى له ....هل سببه حبه الأهوج ....لقد قلبه عليه ...لا يظن هذا....حاول التركيز مع كلامه ليتخلص من شروده بصعوبة ثم قال بتوتر:
(خير لك مبارك عبودي )
لم يبتسم له حتى إكتفى بالتحديق به ثم رد عليه:
(شكرا لك...إذا أعمال على رأسها هنا....لذا أستأذنك )
فهم قصده راسب بوضوح ...انه يطلب منه الرحيل بطريقة عير مباشرة لذا نهض راسب متجها لمكتبه وحزن يعتلي قلبه ....لم يقصد كل هاته المشاكل ...وخاصة أخاه ...أعز ما يمكلك ....يتجاهله بوضوح ....

أنت تقرأ
صدفة قاسية 🔞
Randomوأغار من غريب يرى عينيك صدفة فيغرم بهما ...كيف لا وهو يهيم بعيون الرمل الذهبية ....شرقية اجتمعت فيك الثقافات..... ...... لتكون مثالية في عيوني فقط ......