رحمة القدر

1.1K 39 6
                                    

انتشر صدى زأيره بأنحاء الغابة في شكل امواج مبعثرة لتسقط ريم خوفا تستشعر خطواته القريبة منها...

استجمعت قواها و جاهدت في كتم شهقات بكاءها الفاضحة لها و ظلت تميل برجلها المصابة ظاهرتا أمام طريق السيار بلباسها الرث المطلي بالتراب و شعرها الطويل المنكوش .....

لوحت بيدها لسيارتين تمران من جانبها لكن و لا واحدة تشجعت لإقتناءها خوفا من شكلها الشبيه لجنية المستنقعات....

و بعد ان اكتفت من الوقوف تراخت على الأرض و جلست في وضعية الجنين تبكي بحرقة على ما وصلت اليه و تتذكر كيف كانت سعيدة بمنزلها في المدينة وسط اسرتها تدرس و تهتم بنفسها...

و ما أن وطأت قدميها ارضه لم يتركها و لو لحظة
أرادها بالقوة و نسبها الى ملكياته و عذبها و اغتصب حرمتها....

تألمت في داخلها و هي تضم قدميها الى صدرها تتأمل سكون الليل و تتمنى العودة الى حياتها الطبيعية و تتخلص من ذلك الوحش المختل
و ما ان ذكرت سيرته حتى لمحته بالتفاتة منها
يقف على تلة عاري الصدر ممزق الثياب و الجروح مخططة على وجهه....
من حالته يظهر أنه مر بمعركة شرسة و حاسمة...

ارتعدت فرائسها و هبت واقفة كالظبي تقفز بسلاسة فوق أغصان الشجيرات المشوكة و على خديها آثار الدموع المنهمرة .....

بينما هو يخترق كل ما وجد في طريقه و على ثغره ابتسامة واسعة جنونية تبث الرعب و عينه الواحدة تكاد بنظراتها تخترق جسد ريم الهاربة منه

يوجد في آخر الغابة طريق واحدة و هي مآلها الوحيد منه و أثناء جريها كانت تدعو الله أن تصادف سيارة في طريقها و لعل الرحمان قد استجاب لدعائها و تحركت سيارة من أمامها لتتجه اليها مباشرة تلوح لها بيدها باكية

توقف الرجل بإبهام الا أن فهم ان الشابة هاربة من شخص ما ليفتح لها السيارة دون تضييع الوقت و دخلت و قبل أن يتقدم الرجل أمسك عباس بالباب الخلفي للسيارة ليخلعه من مكانه و رغم سرعته لم ينجح في الإمساك بفريسته
و جث على ركبتيه وسط الطريق ينادي على ريم باكيا يهتف بأعلى صوته لدرجة أن حباله الصوتية ضعفت على الكلام: لا تتخلي عني يا ريم!!!

تنفست الصعداء و استعادت روحها من جديد
أطلقت العنان لزفير طويل و شهقة عالية تحررها
من الضيق و الإختناق
نظر اليها الرجل عبر المرآة متساءلا: سيدتي هل أنت بخير؟؟
رفعت رأسها اليه: أجل سيدي لا أعلم كيف أشكرك
أدار المقود و سالها مرة ثانية: الى اين؟ ألديك مسكنا تلجأين اليه؟
أجابته بعد تفكير: خذني الى المستشفى
: هل يؤلمك شيء ما؟
مررت أناملها على بطنها الذي اصبح يكبر : ابني بحاجة الى رعاية صحية
استغرب الرجل من كلامها :هل انت حامل؟؟ ما قصة ذلك الرجل معك يا آنسة؟
اكتفت بالإجابة عن سؤال واحد : نعم انا حامل ارجوك اسرع فأنا اتوجع
اومأ بالموافقة و اتجه صوب المستشفى الخارج عن القرى حيث تحامل على حملها و ادخالها لغرفة بمساعدة من الممرضات ثم تبعهم الطبيب

تائهة في قلب الشيطان(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن