مش كل قصص الحُب في الجامعة كدب، ومش كلها حقيقي، هي بتتنوع بين الاتنين. راحت سلمى الكلية وكانت حاطة في دماغها إن كل ده كدب وإن مفيش قصص حب حقيقية في الجامعة؛ ولو سألتني يعني إيه حب حقيقي هقولك يعني حُب بجد مش لعب بمشاعر واستغلال.
فاقت سلمى من صدمة مجموع الثانوية العامة مع أول يوم أخدته في الكلية اللي مكنتش راضية عنها أصلًا، لكن ما باليد حيلة..هتعمل إيه يعني؟لو جينا للحق فسلمى مجموعها مكنش صدمة قوي يعني.. هوا كان 87% لكن بالنسبة لعلمي علوم، وبالنسبة لواحدة كانوا بيقولولها في الرايحة وفي الجاية الدكتورة سلمى كان المجموع فعلًا صدمة كبيرة، استقر الأمر بيها على كلية زراعة اللي يدوبك لحقها مجموعها بالعافية.
فضلت سلمى ندمانة أشد الندم على التقصير اللي حصل في الثانوية وخصوصًا مع وجود قصة حب عابرة بينها وبين شاب اسموا علي، لهتها كتير وشتتتها عن المذاكرة وكانت سبب من الأسباب اللي خلتها تجيب المجموع دا، لكن قالت لنفسها كفاية بُكاء على الماضي ونحاول نصلح المستقبل ونخليه أفضل ونتفادى أخطاء الماضي.. دا أسلم حل!
راحت الكلية أول يوم وهيا متعرفش حد، وبطبيعة الحال وطبيعة الكلية اللي بتفرض الاجتماعيات على الفرد قدرت تتصاحب على بنات كتير في وقت قصير وكونت صداقات مع بنات كتير، وبدأت تحب الكلية اللي كانت مش بتطيق تسمع اسمها، وانتظمت في حضور المحاضرات، وكان عندهم دكتور اسمه الدكتور شلبي، وكان مُعيد المادة بتاعته اسمه الدكتور رامي.
والدكتور شلبي كان عصبي جدًا وصعب التفاهم معاه، فتقريبًا كانت المحاضرة بالكامل بيشيلها الدكتور رامي من شرح للطلبة من جديد، وتطبيق العملي، واستقبال أسئلتهم وجوابه عليها، المهم إن الاحتكاك بالدكتور رامي كان بيتم لفترات طويلة وكتيرة حتى إنه عمل جروب واتساب للطلبة عشان يقدر يستقبل أسئلتهم ويشرحلهم زيادة عن وقت المحاضرة.
كل دا طبيعي، لكن اللي مش طبيعي هوا إحساس الانجذاب الغريب اللي حسته سلمى من ناحيته، فضلت بتحاول تصرف دماغها عن الموضوع وتقول لنفسها دا مجرد إعجاب طبيعي بدكتور وسيم وشاطر وعنده ضمير وغيره وإن الأشخاص اللي زيه بيكونوا محبوبين من كل الناس.
والموضوع كان ممكن فعلًا يبقا كدة، لكن اللي مش طبيعي إن الدكتور رامي تقريبًا كان حاسس نفس الشعور، كان بيتجاوب معاها في المحاضرة أكتر، في أكتر من مرة يندهلها باسمها، عرفت إنه مسجل رقمها لما لقته بيشوف ستوري الواتساب بتاعتها! حست بالقلق لكن معرفتش تعمل إيه.
الدكتور رامي شخص محترم بطبعه، حاول الكلام مع البنت دي أكتر من مرة في حدود الأدب واللباقة ولاحظ إن ردودها مقتضبة وإنها خايفة منه أو قلقانة، وده زاد إعجابه بيها، وفي أكتر من مرة يحاول يفتح موضوعات معاها وكأنه كان بيحاول يتأكد من حاجة، الحاجة دي هي إنه بيحبها وممكن يتقدملها!
صارحها بالموضوع بعد حوالي أسبوع من محاولات الكلام معاها، وقالها إنه محتاج يعرف رأيها عشان الخطوة الجاية هتكون إنه يتقدملها؛ مقدرتش تنكر إعجابها بيه، وفرحتها بالموضوع، وحست إن الحُب ده بطهارته ونقاءه هيعوضها عن كل اللي فات وهيصلح أخطاء كتير، ومشيت الأمور بسرعة، وجه عندهم البيت عشان يقابل والدها لوحده ويعرفه بنفسه في لقاء ودي مأخدش أكتر من نص ساعة.وأخد معاد تاني يزوره هوا وأسرته عشان الأمور تمشي بشكل رسمي، ويوم الزيارة حصلت مفاجأة زلزلت قلبين: قلب علي أخو المُعيد حبيب سلمى القديم اللي خدعها، وقلب سلمى لما شافت علي واستغربت هو جاي معاه ليه، لحد ما عرفت إنه أخوه!
حاولوا يتعاملوا مع الموضوع وكأنه غير موجود، لكن دا مقدرش يشيل علامات الحزن والندم اللي اتشكلت على شكل سلمى، وعلامات الغضب اللي اتشكلت على ملامح علي، وفكر وكأنه عايز ينتقم منها!
بعد حوالي أسبوع كمان من الزيارة، اتفاجئت سلمى برسايل واتساب صوتية كتير بتتبعت من خطيبها الدكتور رامي، مفتحتش الرسايل ولا كملتها، هما يدوبك أول رسالتين اللي سمعت فيهم مكالمات غرامية قديمة بينها وبين علي، هوا دا الانتقام اللي كان علي بيفكر فيه عشان يبعد أخوه عنها!
مقدرتش سلمى تنكر، وقالت لخطيبها إن فعلًا دا حصل بس دا كان من زمان، وهيا دلوقتي بقت إنسانة جديدة! وفضلت تتكلم معاه وتقنعه، وكمان قالتله إن أخوه كان بيلعب بيها وبيضحك عليها وكل الكلام اللي من النوعية دي.
سكت الدكتور رامي وقفل السكة في وشها! لكن بعد ساعة كانت سلمى بتبكي وتعيَّط فيها رن تليفونها وكان الدكتور رامي.. ردت عليه ملهوفة وضحكة كبيرة اترسمت على وشها! تفتكروا قالها إيه؟
" الإنتقام الغادر "
بقلمى /
✍🏻 Rahma Reda