استيقظ في الصباح، استغرق حوالي نصف ساعة كاملة لكي يقدر أن يقوم من مكانه، على صوت “مريم” استطاع أن يستفيق ” اصحى بقا يا يوسف” هكذا أخبرته أن يستيقظ.. كانت في كامل أناقتها ترتدي الملابس استعدادًا للذهاب للجامعة!
كان يوسف يقوم قاصدًا الحمّام لكنه فوجئ بالفتاة، نظر لها قليلًا، فضحكت! فثارت ثائرته!
“ايه اللي انتي لابساه ده.. إنتي عبيطة ولا إيه! انتي فاكرة نفسك رايحة كباريه! يلا غوري دلوقتي غيّري لبسك ده ومش هتنزلي بيه! البسي لبس كويس وشيلي الزفت ده من على وشك!”
تغيّرت ملامح مريم الطالبة في كلية الحقوق الفرقة الأولى، كانت تتمنى أن تتلقى منه نظرات إعجاب أو شيئ من هذا القبيل لكن النتيجة أنه قام بتوبيخها بكل هذا الكلام القاسي.
ردت عليه” ليه يعني هوا أنا عريانة! وبعدين متخليش جوازنا البدري ينسيك إني لسه صغيرة برضوا ومن حقي ألبس وأخرج عادي زي أي حد!”
زادت عصبيته: “مترديش عليا لما اقولك حاجة تنفذيها.. وإوعي تفتكري إني بتأمّر عليكي.. أنا خايف عليكي وعلى مصلحتك.. ومرضاش إن مراتي تكون لابسة لبس زي كدة.. انتي مش واخدة بالك الشباب في الجامعة بيروحوا ليه ولا بيبصوا للبنات إزاي!”
رغمًا عن أنفها ذهبت لتبديل ملابسها ومسح المكياج، ارتدت “دريس واسع” بدلًا من البنطلون الضيق، وذهبت إلى الجامعة مكتئبة، كانت والدته تنظر إلى كل هذا الفيلم بمشاعر تمتزج بين الإعجاب وعدم الرضا، لعلها كانت معجبة برجولة إبنها وعدم رضوخه لمثل هذه القيم الأوروبية الجديدة التي احتلت عقول الناس، التحرر وأنا لسه صغيرة ومثل هذا الكلام، وأنه لا زال مستمسكًا بالقيم والأخلاق وقبل كل شيء بالدين، ولكنها في الوقت نفسه كانت ترى أنه قد اخطأ حين تزوج من هذه الفتاة، واخطأ حينما اختارها في هذه السن الصغيرة، واخطأ مرة أخرى حينما سمح له بإكمال تعليمها!
قالت له: “أنت غاوي تعكّر مزاجك على الصبح يا بني!”
رد ” مفيش تعكير مزاج ولا حاجة يا ماما هيا شوية قواعد هتتعلمهم مع الوقت وكل حاجة هتبقا تمام مفيش أي مشكلة!”
- وكان لزومها إيه الجامعة بس يابني.. ما في النهاية البنت ليها بيت جوزها!
- لاء أنا اتفقت معاهم من الأول على كدة مش هخالف اتفاقي.. وكمان هيا من حقها تكمّل تعليمها.. التعليم مش عيب يا ماما.ذهبت مريم إلى الجامعة كما يقولون “بوزها ضارب شبرين” الجميع كان ينتظر أن يرى العروسة الجديدة وعلامات السعادة وشهر العسل بادية عليها.
قصة الحب وكتب الكتاب وكل هذا لا بُد أن تُكلل بالكثير من الراحة والرضا والسعادة، لكن في النهاية وجدوها مكتئبة حزينة، هرعت إليها صديقاتها من كل حدب وصوب يهنئونها على هذا الزواج، منهم اللاتي يغرن منها، ومنهم من فرحن لها من قلبهم، ولكن المقربين منها قد لاحظوا انطفاءًا في كلامها وشعورها، وانتظروا عندما انصرف الجمع وظلّوا يتحدثون معها ويتسائلون عمّا حدث!
- إيه اللي حصل يا بنتي مالك فيه إيه؟
هوا اتخانق معاكي ولا إيه!- في أول يوم جامعة عمل معايا خناقة كبيرة.. كل ده ليه علشان حطيت مكياج وعشان لبسي!
- يا نهار أبيض هوا هيقلب سي السيد ولا إيه!
- مش عارفة أنا مخنوقة مش قادرة أتكلم!
- يا بنتي عادي دي مشاكل بتحصل دايمًا لحد ما تتفقوا.. هوا انتي كنتي لابسة إيه!
- بنطلون جينز وبلوزة!
- طيب عادي فيه ناس كتير مبتحبش ستاتهم يلبسوا الجينز.. إيه المشكلة!
- بس أنا مش تحت أمره.. هوا مشترانيش!
- انتي مراته يعني لازم تحترميه وتسمعي كلامه وفي نفس الوقت باتفاق واقتناع.
- لا يا بنتي متسمعيش كلامه.. هوا مينفعش يتحكم فيكي!
- اسكتي انتي مش فاهمة حاجة.. هوا مغلطش وأي راجل لازم يكون عنده غيره ناحية مراته وإلا هيكون مش راجل!
اقتنعت مريم بالكلام الأخير، اعترفت بخطأها، وفي المساء ذهبت لتصالحه،
“أنا آسفة مكنتش اقصد اضايقك!”
- لا أنا متدايقتش ولا حاجة!
- متأكد!
- لأ!
- متهزرش أنا بتكلم بجد.. هوا في الآخر انت كنت محتاج تكلمني بطريقة احسن من كدة!
- انا اتعصبت من منظر لبسك وانتي نازلة وكأنه عادي! دي حاجة طبيعي يحس بيها اي راجل.
- طيب المهم اننا خلاص حلّينا الموضوع وأنا مش هلبس كدة تاني!
ابتسم لها لتبتسم هى الاخرى بحب و يقبل هو كفيها ليعيش الاثنان بسعاده تحت سقف واحد بعد ان اقتنعت مريم انه لا يريد لها الا الخير
# Rahma Reda