النهاردة هنتكلم عن حدوتة "الجديان الثلاثة" The Three Billy Goats Gruff .. قصة شهيرة من الفلولكلور النرويجي انتشرت كحدوتة للأطفال، لكن هنحاول دلوقتي نبص عليها وعلى المعالجات اللاحقة بشكل مختلف شوية هيغير فكرتنا عن القصة تمامًا..
نبدأ بالقصة الأصلية كما حكاها الكاتب النرويجي بيتر كريستين أسبيورنسن Peter Christen Asbjørnsen وصديقه يورجن مو Jørgen Moe ونُشرت في مجموعتهم الشهيرة "القصص الفولكلورية النرويجية" Norske Folkeeventyr عام 1841. القصة بتقول إن كان فيه ثلاثة جديان – جدي صغنن وجدي كبير وجدي أكبر – عايشين في مرج مليان بالحشائش. الجديان قعدوا ياكلوا ياكلوا في الحشائش لحد ما خلصوها، وعلشان كده قرروا يتنقلوا للمرج اللي جنبهم اللي كان بيربطهم بيه جسر صغير. المشكلة أن تحت الجسر ده كان عايش ترول troll (الترول كائن أسطوري من الفولكلور النوردي عامل زي الغول عندنا، ضخم ومشعر وأنفه كبير وعينيه تخوف ومكانش وراه حاجة غير أنه يرازي في أي حد يقابله). المهم، الجدي الصغنن قال أنا هحاول أعدي الأول، وبمجرد ما الترول المرعب سمع خطوات الجدي طلع من تحت الجسر وقال له بكل وضوح "يتعمل إيه عندك يا جدي يا صغنن؟ أنا هاكلك هم النم".. الجدي أترعب بس قدر يواجه الترول وقال له "استنى بس ماتكولنيش! أنا صغنن وسُفيّف ومش هشبّعك. أخويا الجدي الكبير جاي ورايا وممكن تاكله، هتلاقي فيه لحم أكتر." الترول أقتنع وساب الجدي الصغنن يعدي للمرج التاني. بعدها بشوية الترول سمع خطوات الجدي الكبير وطلع من تحت الجسر وزعق بأعلى صوته "بتعمل إيه عندك يا جدي؟ أنا هاكلك هم النم".. الجدي خاف شوية بس استجمع قوته وقال للترول "استنى بس ماتكولنيش! أنا حجمي متوسط ومش هشبّعك. أخويا الجدي الأكبر جاي ورايا وممكن تاكله، هتلاقي فيه لحم أكتر." الترول أقتنع وساب الجدي الكبير يعدي للمرج التاني. بعدها بشوية الترول سمع خطوات الجدي الأكبر وطلع من تحت الجسر متحفز وزعق "بتعمل إيه عندك يا جدي؟ أنا هاكلك هم النم".. الجدي الأكبر كان طبعًا ضخم وبقرون، فأول ما شاف الترول هجم عليه وداس عليه وفقأ عينيه ورماه من على الجسر، وأنضم الجدي الأكبر لأخوته الجديان في المرج التاني وقعدوا ياكلوا ياكلوا لحد ما شبعوا وبقلظوا ومابقوش عارفين يمشوا.
توتة توتة خلصت الحدوتة.
أول مرة سمعت القصة تبادر لذهني سؤال مهم جدًا: ليه الجدي الأكبر مادخلش على الترول من الأول قتله وخلصنا من الليلة دي؟ نوع الأسئلة البديهية هي اللي بتفتح لنا أبواب أخرى لقراءة القصة. واللي فيكم درس أو حابب يدرس كتابة إبداعية هيكتشف أن إعادة قراءة الأساطير والقصص الفولكلورية وحواديت الأطفال من أهم تمارين الكتابة اللي بتساعد على تحفيز الملكة الإبداعية لأنها ببساطة بتساعدنا نشوف ما اعتدنا عليه بشكل مختلف. يعني مثلاً معظم القصص الفولكلورية مليانة شخصيات نمطية (شخصيات مُسطحة ذات بُعد واحد.. شخصية تمثل الشر المطلق، شخصية تمثل الخير المطلق، شخصية تمثل الجشع.. وهكذا) هيحصل إيه لو حاولنا نخلق للشخصيات دي أبعاد؟ هل هنحب الشرير منهم أكتر؟ هل هنكره الطيب منهم أكتر؟ والأهم، هل هنتفهم دوافعهم أكتر؟
VOCÊ ESTÁ LENDO
حواديت قبل النوم
Ficção Históricaتأملات بالعامية المصرية في الأساطير والفن والفلسفة وعلم النفس... من الحلة إليك