أسطورة النهاردة من الأساطير القريبة من قلبي وهي أسطورة إيكو ونارسيس Echo and Narcissus..
نبدأ الحدوتة من عند إيكو، إيكو كانت حورية معروف عنها الجمال وعذوبة الحديث وقدرتها على جذب الآخرين بكلامها، والصفة دي اللي خلت زيوس (ديل الكلب) يستغلها أسوأ استغلال..
بما إن هيرا زوجة زيوس كانت غيورة وحاطة عينها في وسط رأسها (ليها حق الصراحة) زيوس مكانش عارف يعطّ براحته، فأمر إيكو إنها تلازم هيرا في كل مكان وتلاغيها بكلامها الحلو علشان تشغلها ويعرف هو يزوغ ويشوف حاله. الموضوع نجح لفترة بس هيرا سوسة برضه وفي النهاية فقست الخطة بتاعت زيوس وإيكو. هيرا عاقبت إيكو بأنها حرمتها من قدرتها على الكلام وأصابتها بلعنة إنها تكرر أخر جزء من أي كلام يتقال قدامها. ولما إيكو رجعت الغابة لقت نفسها مجبرة على تكرار الكلام والأصوات اللي بتسمعها من أي حد، ومن هنا جات فكرة صدى الصوت echo.
وفي يوم من الأيام إيكو شافت شاب في الغابة آية في الجمال ووقعت في حبه، الشاب ده طبعًا كان نارسيس اللي هنتكلم عنه دلوقتي حالاً، وبما إن إيكو مابتعرفش تتكلم فشلت أنها تقول لنارسيس قد إيه هي بتحبه وكل اللي قدرت تعمله إنها تلازمه وتمشي وراه في كل رحلات صيده للغابة من غير ما تظهر نفسها. ولما نارسيس حس بوجود حد وراه قعد ينده بصوت عالي "مين هناك؟" وكانت إيكو تفضل تكرر السؤال وراه لحد ما قررت تظهر نفسها له. المسكينة مابتعرفش تتكلم فكل اللي قدرت تعمله إنها حاولت تحضن نارسيس تعبيرًا عن حبها له، لكن في المقابل، نارسيس المغرور صدها ودفعها بعيد عنه بقرف.
بعد الحركة الزبالة دي إيكو اللي كانت روحها متعلقة بنارسيس قلبها أتكسر وفضلت حزينة لحد ما جسدها ذبل وتلاشى وماتبقاش منها غير صوتها اللي لسه بنسمعه في الأماكن الواسعة لحد دلوقتي.
هنوقف هنا كلام عن إيكو ونعمل ري-وايند ونبتدي الحدوتة من الأول بس من عند نارسيس..
لما نارسيس أتولد مامته وباباه لاحظوا جمال طفلهم غير العادي فراحوا بيه للعراف الأعمى تايريسيس Tieresias (الراجل ده حدوتة لوحده، هنبقى نتكلم عليه بعدين) علشان يعرفوا مستقبله فقالهم جملة من أكتر الجمل المرعبة اللي قريتها.. قالهم "هذا الطفل سيرزق بالعمر المديد، فقط إذا لم يعرف نفسه!"
المهم إن نارسيس كبر وبقى شاب حليوة بيتحاكى بجماله الناس، مشكلته – وده متوقع – إنه كان على قدر كبير من الغرور والتعالي ومكانش بيعجبه العجب زي ما بنقول، فطبعًا كسر قلوب كتيرة وقعت في غرامه من الرجال والنساء (اللي إيكو كانت منهم)، ويُقال إن فيه شاب طعن نفسه بالسيف علشان نارسيس رفض يحبه وقبل ما يموت طلب من الآلهة تدوّق نارسيس نفس العذاب اللي هو أتعذبه، ما علينا يعني.. بغض النظر بقى إن اللي حصل لنارسيس بعد كده كان استجابة لدعوة الشاب ده أو جزاء على اللي عمله في إيكو فهو عقاب يليق بنارسيس وشخصيته جدًا.
YOU ARE READING
حواديت قبل النوم
Historical Fictionتأملات بالعامية المصرية في الأساطير والفن والفلسفة وعلم النفس... من الحلة إليك