النهاردة هنتكلم عن أسطورة العملاق الإغريقى صاحب أكبر حِمل في الكون، هنتكلم عن أطلس Atlas المُكلَف بحمل السماء على كتفيه..
علشان نعرف ليه أطلس انتهى بيه الأمر شايل السماء محتاجين نرجع لأسطورة كنا حكيناها قبل كده وهي ولادة زيوس Zeus وإعلانه الحرب على والده العملاق كرونوس Cronus اللي كان بيبلع أولاده الواحد تلو الآخر خوفًا من تمردهم عليه..
زيوس بعد ما استخرج إخوته من بطن كرونوس أعلن الحرب عليه وعلى بقية العمالقة Titans علشان يحكم هو، طبعًا زي ما كلنا عارفين زيوس وإخوته انتصروا على العمالقة وصعدوا لجبل الأوليمب كآلهة..أول قرار أخده زيوس ككبير للآلهة هو الانتقام من العمالقة اللي حاربوا مع كرونوس بأنه أرسلهم للجحيم Tartarus في باطن الأرض.... إلا أطلس! أطلس كان قائد فريق العمالقة في الحرب وعلشان كده زيوس فَصّلّه عقاب مخصوص يطلع من نافوخه..
عقاب زيوس لأطلس هو أنه أوكل إليه مهمة حمل السماء للأبد، للأبد أطلس هيفضل شايل السماء على كتافه وإلا السماء هتطربق على الأرض والكون هينتهي. عقاب صعب وغريب وذكي في نفس الوقت، العقاب لا يكمن فقط في الحِمل والتذنيبة السودا اللي أطلس متذنبها
وإنما في المعضلة الأخلاقية اللي هيفضل مزنوق فيها للأبد: يا يسيب السماء تطربق على الأرض ويتسبب في هلاك الإنسان وكل المخلوقات اللي ملهاش أي ذنب دي، يا يستمر في حمل السماء ويعيش هو في عذاب أبدي. زيوس، بذكاء شديد، رمى عليه حِمل مادي ومعنوي وأخلاقي عظيم..
حتى الآن أطلس مستمر في حمل السماء ليحافظ على وجود الإنسان وكل صور الحياة الأخرى ما بين السماء والأرض، وهنا ندرك أن دوره لا يقل أهمية وفدائية عن دور أخوه العملاق بروميثيوس Prometheus اللي اتعاقب علشان أهدى نار المعرفة للإنسان.ويمكن تضحية أطلس العظيمة دي هي السبب في الربط بينه وبين فكرة محور العالم Axis Mundi في الأساطير واللاوعي الجمعي الإنساني. ببساطة شديدة "محور العالم" فكرة منتشرة في الأساطير والأديان القديمة بتقول إن للعالم مركز محدد،المركز ده رأسي بيربط بين السماء والأرض وهو حلقة الوصل ما بين كل ما هو سماوي ونقي وكل ما هو أرضي ومادي وغرائزي. محور العالم ممكن ياخد صورة برج أو شجرة (شجرة الحياة) أو نافورة..
أيا كان الشكل الرمزي لمحور العالم فهنلاقي لازم يبقى له جذور\قاعدة في الأرض وبيمتد في السماء بشكل رأسيًا
YOU ARE READING
حواديت قبل النوم
Historical Fictionتأملات بالعامية المصرية في الأساطير والفن والفلسفة وعلم النفس... من الحلة إليك