النهاردة هنتكلم عن فيلوميلا.. وعن الأشياء اللي لا يمكن التحدث عنها..
وفقًا للأسطورة الإغريقية، ملك مدينة أثينا Athena كان عنده بنتين واحدة اسمها فيلوميلا Philomela والتانية اسمها بروكني Procne. الملك أضطر يجوّز بروكني لتيريوس Tereus ملك مدينة تراقيا Thrace لأغراض سياسية كالعادة
المهم بعد فترة من جوازهم بروكني اشتاقت لأختها فيلوميلا جدًا وطلبت من جوزها تيريوس إنه يجيبها تقعد معاهم شوية. وفعلاً فيلوميلا وصلت ولما شافها تيريوس انبهر بجمالها لحد ما دماغه المعفنة دفعته إنه ياخد فيلوميلا للغابة ويغتصبها..
طبعًا بعد عملته السودا، فيلوميلا هددت إنها تفضحه قدام أختها وفي المملكة كلها فتيريوس قطع لسانها وخلاها تبلعه وسابها مرمية في الغابة في حتة مقطوعة كده. فيلوميلا المسكينة فضلت عايشة في كوخ في الغابة فترة طويلة قدرت خلالها تعمل لحاف نسجت فيه اللي حصل معاها بالتفصيل
من خلال الأشكال اللي عليه وبعتت اللحاف لأختها بروكني. بروكني لما شافت اللحاف انهارت وأول حاجة عملتها إنها راحت جابت أختها وخبتها في القصر، وفي نفس اليوم فكرت في خطة جهنمية: بروكني راحت قتلت ابنها اللي خلفته من تيريوس وقطعته حتت وحطته في الأكل لجوزها!
المهم جوزها وهو بيأكل زي الأهبل سألها الواد فين يا ولية، قالت له في بطنك وحكت له اللي عملته. تيريوس اتجنن طبعا وفضل يطارد الأختين لحد ما الآلهة اشفقوا عليهم من غضبه فحولوا فيلوميلا لعندليب وحولوا بروكني لسنونو. ومن ساعتها وفيلوميلا بتغني الجريمة اللي ارتُكبت في حقها بصوتها الجميل
الأسطورة لأسباب واضحة تحولت لرمز لمقاومة الظلم بالفن. تيريوس ارتكب جريمة في حق فيلوميلا وأفتكر إنه لما يقطع لسانها – مصدر قوتها ووسيلتها للتواصل مع العالم – فكده خلاص هيقدر يهرب بفعلته ويداري المصيبة اللي عملها،
بس فيلوميلا قدرت من خلال قدرتها على النسج، اللي بتُعتبر برضه وسيلة فنية للتعبير والتواصل، قدرت إنها توصّل صوتها لأختها اللي كان عقابها لجوزها من جنس عمله.. زي ما قطع لسان أختها وخلاها تبلعه، هي كمان قطعت نسله ومصدر قوته المتمثلة في ابنه وخلته يأكله (ست مفترية مش سهلة برضه).
تحول فيلوميلا لعصفورة في أخر الأسطورة وإصرارها على الغناء بيعكس مقاومتها للسلطة الظالمة المتمثلة في تيريوس – اللي كان عايز يخرسها للأبد – من خلال الاستمرار في حكي فجيعتها.
وبعيدًا عن موضوع مقاومة الظلم واللَبَش ده، الأسطورة فكرتني بقصة قصيرة لأوسكار وايلد Oscar Wilde اسمها "العندليب والوردة" The Nightingale and the Rose كتبها سنة 1888.
YOU ARE READING
حواديت قبل النوم
Historical Fictionتأملات بالعامية المصرية في الأساطير والفن والفلسفة وعلم النفس... من الحلة إليك