نرجع للأساطير الإغريقية ونتكلم النهاردة عن كاسندرا...
كاسندرا Cassandra هي ابنة بريام Priam ملك طروادة وأخت باريس Paris اللي كان السبب في حرب طروادة. وككل الفتيات في الأساطير الإغريقية، كاسندرا كانت جميلة جمال ملوش مثال لدرجة إن الإله أبولو وقع في حبها.
أبولو Apollo من الآلهة المهمة أصحاب التأثير الكبير على البشر وغيرهم من الآلهة، ده غير إن واحدة من اختصاصاته (اختصاصاته دي محسساني إنه كان مدير أول الهيئة العامة للكهرباء بجنوب القاهرة) هي النبوءة، بما في ذلك القدرة على التنبؤ ووهب المقدرة دي للبشر أو إفادتهم بيها. ولو تفتكروا إننا أتكلمنا في أكتر من أسطورة قبل كده إزاي البشر كانوا بيروحوا للمعبد بتاعه في دلفي علشان يعرفوا مستقبلهم ويطلبوا النصيحة (اللي غالبًا بتبقى منيلة بستين نيلة).
نرجع لكاسندرا.. الجزء ده من الأسطورة مُختلَف عليه وليه أكتر من رواية بس الفكرة إن أبولو حاول يتقرب من كاسندرا عن طريق إعطائها القدرة على رؤية المستقبل، ويُقال برضه إنها هي اللي طلبت منه العطية دي في مقابل إنها تمشي معاه وتسلمه نفسها. بغض النظر يعني، المُتفق عليه إن بعد ما كاسندرا بقى عندها القدرة على رؤية المستقبل رفضت أبولو اللي استشاط غضبًا وقرر يعاقبها عقاب يليق بالآلهة الإغريقية.
أبولو كان ممكن جدًا ياخد منها القدرة على التنبؤ بالمستقبل وخلاص، لكن ده ماكنش هيبقى عقاب لإن كاسندرا هترجع لطبيعتها وهتعيش حياتها عادي جدًا كغيرها من البشر وهو كان عايزها تعاني مقابل رجوعها في كلامها ورفضها له، فعمل إيه بقى؟ أبولو بدهاء شديد ساب لكاسندرا القدرة على التنبؤ ولكن أضاف عليها لعنة إن مفيش بشري هيفهم أو يصدق أي كلمة هتقولها، وده عقاب – لو تعلمون – بشع بكل المقاييس.
كاسندرا كانت بتتنبأ بحاجات كتير وكل ما تحاول تقول لعيلتها والناس اللي تعرفهم مايخدوش كلامها جد ويسيبوها تهاتي مع نفسها، لدرجة إنها تنبأت بزيارة أخوها الشؤم لاسبرطة والبلاوي اللي هتيجي من وراها بس محدش سمع لها وافتكروها مجنونة. حتى بعد قيام الحرب وحصار أجاممنون Agamemnon وجيوشه لطروادة كانت بتمشي في الشوارع زي المجنونة تحذر الناس من قبول الهدايا من الاسبرطيين (إشارة لحصان طروادة إياه اللي كان السبب في سقوط طروادة) بس كالعادة الناس كانت بتسخر من كلامها وبيعاملوها على إنها عبيط القرية كده.
وبسبب الأسطورة دي اسم كاسندرا بقى يُطلق على أي شخص أو موقف بيحصل فيه تنبؤ بأحداث مستقبلية – غالبًا سيئة – لا تُصدق وقتها ولكن بتثبت صحتها بعد فوات الأوان.
سواء اتفقنا أو اختلفنا على استحقاق كاسندرا للعقاب فده مابينفيش بشاعة العقاب. لو مشينا على الرواية اللي بتقول إنها فعلاً رجعت في كلامها مع أبولو فكده عقابها من جنس عملها.. طالما هي كذبت في كلامها مرة يبقى هنخلي كلامها كله مايتصدّقش حتى لو كان صح.. حاجة كده زي القصة اللي كانوا بيحكوها لنا واحنا صغيرين عن الولد الكداب اللي كل شوية يقول إنه بيغرق ويطلع بيكدب لحد ما جيه الوقت اللي كان بيغرق فيه فعلاً ومحدش عبّره.
ŞİMDİ OKUDUĞUN
حواديت قبل النوم
Tarihi Kurguتأملات بالعامية المصرية في الأساطير والفن والفلسفة وعلم النفس... من الحلة إليك