قصيدةٌ حزينة

156 37 20
                                    

اليوم كان يوم عطلة، أخيرًا

في الصباح، كانت ياسمين تقرأ شيئًا ما، وأحب أن أرى ما تقرأ، وأن أجرب قراءته أيضًا

كان الكتاب ضخمًا وبه صفحات كثيرة، ثم نادتني كي أقرأ منه، قالت أنه شعر، وأن هذه قصيدة.

قرأتها ولم أفهم الكثير، فيها كلمات كثيرة غير مفهومة، ثم ما دخل الليل بالذئاب؟ لا أعرف

وجدتها على الإنترنت، فنسختها كي أتركها هنا، كي أقرأها حين أكبر أكثر، ربما أفهمها أكثر

سمعت في المذياع
تحية المشردين.. للمشردين
قال الجميع: كلنا بخير
لا أحد حزين؛
فكيف حال والدي؟
ألم يزل كعهده، يحب ذكر الله
والأبناء.. والتراب.. والزيتون؟
وكيف حال إخوتي
هل أصبحوا موظفين؟
سمعت يوماً والدي يقول:
سيصبحون كلهم معلمين..
سمعته يقول:
(أجوع حتى أشتري لهم كتاب)
لا أحد في قريتي يفك حرفاً في خطاب
وكيف حال أختنا
هل كبرت.. وجاءها خُطَاب؟
وكيف حال جدتي
ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب؟
تدعو لنا...
بالخير .. والشباب.. والثواب!
وكيف حال بيتنا
والعتْبَةِ الملساء.. والوجاق.. والأبواب؟
سمعت في المذياع
رسائل المشردين.. للمشردين
جميعهم بخير!
لكنني حزين..
تكاد أن تأكلني الظنون
لم يحمل المذياع عنكم خبراً..
ولو حزين
ولو حزين
5
الليل -يا أمّاه- ذئبٌ جائعٌ سفاحْ
يطارد الغريب أينما مضى..
ويفتح الآفاق للأشباحْ
وغابةُ الصفصاف لم تزل تعانق الرياحْ
ماذا جنينا نحن يا أماه؟
حتى نموت مرتين
فمرة في الحياة
ومرة نموت عند الموت
هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء؟
هبي مرضتُ ليلةً.. وهدَّ جسمي الداء!
هل يذكر المساء
مهاجراً أتى هنا.. ولم يعد إلى الوطن؟
هل يذكر المساء
مهاجراً مات بلا كفن؟
يا غابة الصفصاف! هل ستذكرين
أن الذي رَمَوْه تحت ظلك الحزين
كأي شئ مَيِّتٍ إنسان؟
هل تذكرين أنني إنسان
وتحفظين جثتي من سطوة الغربان؟

شرحت لي ياسمين بعض المعاني، وقالت: كان الشاعر ينتظر أي رسالة عن عائلته، لأنهم يسكنون في مكان خطير، ويتذكر كل فرد منهم. لكن الشاعر أيضًا يعيش في مكان بعيد ووحيد، ويتساءل، ماذا إن مرض يومًا ما؟ من سيتذكره إذا أخره المرض ولم يعد لعائلته؟ وماذا سيحصل له إن مات وحيدًا في بلاد غريبة؟ من سيهتم به؟ وإن مات، من سيدفنه؟

أثناء شرحها، راودتني صورٌ ورُؤى بعيدة، لو أنني مكان الشاعر، ومرضت، أو تزحلقت وضربت رأسي بسبب الثلج، من سيشعر بغيابي؟ ولا أحد منهم يعرف من أنا؟ من عائلتي أو من أين أتيت؟ ماذا إن حصل لنا شيء في هذه البلاد البعيدة الغريبة، من سيهتم بنا؟ وهل سيرموننا حقًا في غابةٍ كما قال الشاعر؟

وفي الوقت نفسه، كانت ماما قد تحدثت مع جدتي في الصباح، دائمًا تحدثها كل صباح بسبب فرق التوقيت الكبير، لأنها لم تقابلها منذ زمن طويل، لا أستطيع حتى تذكر شكلها.

لم أرد مواصلة القصيدة أكثر من ذلك، فسألتني ياسمين إن كنت بخير، لكنني لم أستطع سوى أن أقول: شعرتُ بالحزن قليلًا. وأنا أدعو أنها لم ترى لمعة الدموع في عيوني.

قصصي اليوميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن