الفصل العاشر

4.1K 121 2
                                    

الفصل العاشر




رسالة من سراب ....

فراس ........................ أنا خائقة !!!






:- أمي .. هذه هزار الشاعر ... صديقتي وزميلتي في العمل ..
ابتسمت السيدة ربيعة في وجه الفتاة التي خطت بتردد إلى داخل الشقة برفقة فرح ... تتفحصها بدقة من رأسها حتى أخمص قدميها .. تتذكر كل ما أخبرتها فرح به من قبل حولها ...
منذ ولادة فرح بعد خمس سنوات من إنجابها لعزيز ... اعتبرتها السيدة ربيعة أكثر من مجرد ابنة تمنتها كثيرا ... لقد كانت ابنتها ... صديقتها ... أختها .. وأقرب شخص إليها هي وابنها الأكبر عزيز ...
ومنذ حداثة فرح .. اعتادت السيدة ربيعة على أن تتورط في كل جوانب حياة فرح .. إلى هذا الحد كانت الثقة تجمع بينهما .. ابنتها كانت لها دائما كتابا مفتوحا ... إذ عرفت السيدة ربيعة كل شيء عن دراسة فرح .. عمل فرح .. أصدقاء فرح .. وحتى افكار وأحلام فرح ..
هذا ما كان يميز ابنتها ... أنها رغم خفة ظلها .. ومشاكستها الدائمة لكل من حولها .. تمتلك حس عاليا بالصواب .. فما كانت فرح تخجل من أي شيء تفعله على الإطلاق ...
عندما حدثتها فرح عن الصديقة التي تعرفت إليها حديثا .. أخبرتها عن انطوائيتها ... وابتعادها عن الآخرين .. عن تلك الهالة من البراءة حولها والتشوش وكأنها بحاجة ماسة لمن يرشدها ..
وصف فرح المبدئي أثار قلقها ... وجعل إصرارها على مقابلة هذه الفتاة التي أثرت إلى هذا الحد في ابنتها يزيد .. أما الآن وهي تقف أمام هزار اشاعر أخيرا .. وتنظر إليها مباشرة .. ترى أن فرح لم تخطيء أبدا في وصف الفتاة ..
رقيقة للغاية ... أرق مما ينبغي .. نحيلة البنية .. ربما كانت فرح دائما تثير جنونها بنحولها الزائد .. إلا أنه كان نحولا تابعا لجينات وراثية أخذتها من والدها .. بعكس نحول هذه الفتاة التي ربما ما كان مبالغا به .. إلا أنه كان نابعا بالتأكيد عن إهمال .. وقد بدا هذا واضحا من شحوب وجهها والهالات الداكنة المحيطة بعينيها ...
شعرها كان بلون بني مذهب .. ينسدل خلف ظهرها بدون قيود .. عيناها الذهبيتان كانتا تتسعان بشيء من .... الخوف !!! لم تبدو لها خائفة منها أو من مقابلتها .. بل بدت وكأن الخوف قد بات جزءا من هويتها ..
رغما عنها ... وجدت غريزة الحماية لديها تكبر وتمتد لتعانق الفتاة التي كانت لا تصغر فرح بأكثر من سنة أو اثنتين .. تلك الغريزة التي ساعدتها طوال ثلاثين عاما على أن تكون المعلمة الأفضل لأجيال عديدة من النساء ..
قالت لها بلطف :- تعالي يا صغيرتي ... لقد حدثتني فرح عنك كثيرا حتى بت أشعر وكأنني أعرفك .. ادخلي إلى الصالة .. الغداء سيكون جاهزا خلال دقائق ..
اختفت السيدة ربيعة في المطبخ ... فغمزت فرح لهزار وهي تقول :- أخبرتك بأنها ستحبك .. تعالي .. سآخذك في جولة في أنحاء قصر عائلتي الفسيح ..
وجدت هزار نفسها تضحك وهي تستسلم لفرح التي أمسكت بيدها وأخذت تجرها في أنحاء الشقة الواسعة ... كانت عائلة فرح تقيم في حي هاديء وجميل .. امتاز بشوارعه الواسعة والنظيفة .. وأرصفته التي تراصت فوقها الشجيرات المقلمة .. بينما كانت المباني متشابهة بتصميمها الأنيق والحديث وارتفاعها الذي لم يتجاوز الثلاث أدوار..
الشقة كانت مثالية بمفهوم هزار .. كانت واسعة .. أنيقة الديكور بدون بهرجة .. مريحة الأثاث .. مع جو أسري منعش .. أحست هزار كالطفل حين يزور ديزني لاند للمرة الأولى بعد أن سمع عنها طوال حياته .. دون أن يتخيل ما يمكن أن يشعر به عندما يزورها أخيرا ...
هذا بيت عائلة سعيدة .. متماسكة .. محبة .. لا كمنزل عائلتها الذي تبدو أروقته وكأنها مشبعة بأي شيء غير الحب ...
في غرفة فرح الأنثوية التفاصيل ... تربعت الأخيرة فوق سريرها بعد أن انتزعت حجابها الوردي ونثرت شعرها الطويل الناعم والفاحم السواد حول كتفيها .. وأشارت لهزار كي تعتلي السرير إلى جوارها بعفوية ..
بحرج ... ترددت هزار .. قبل أن تنظر حولها فتسحب كرسيا كان منتصبا إلى جانب مكتب فرح الصغير الذي تراصت عليه بضعة كتب ومصباح وردي جسد شكل القطة كيتي .. ثم ثبتته إلى جانب السرير . وجلست عليه مقابلا لفرح .. التي حدقت بها للحظات قبل أن تقول :- هل أنت جادة ؟؟
رمشت هزار بعينيها قائلة بحيرة :- ماذا ؟
هزت فرح رأسها وهي تقول :- تحتاجين إلى الكثيييييييييييييييييييييير من العمل .. ولكن لا بأس .. أنا صبورة جدا .. وعنيدة عندما أصمم على شيء ما ..
أطل رأس السيدة ربيعة من وراء باب الغرفة المفتوح .. وهي تقول باسمة :- الغداء جاهز يا بنات ..





رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن