الفصل الخامس والثلاثون

4.3K 110 4
                                    

الفصل الخامس والثلاثون






حدقت به هزار مذهولة .. منتظرة أن ينفجر فجأة ضاحكا مؤكدا لها أنه كان يمزح ... أنه بالتأكيد يمزح .. وأنه لم يقل حقا بأن .. بأنه ...... بأنهما ... هتفت به بدون تفكير :- أنت ... أنت تكذب ...
قال بهدوء :- هل أبدو لك وكأنني أكذب يا هزار ؟؟
هزت رأسها وهي تهتف بشيء من الهستيرية ... وجديته تقتلها ... لقد كانت تقتلها ... تثير جنونها .. هو لا يمزح .. رباه هو لا يمزح :- همام ما كان ليتخذ قرارا كهذا بدون أخذ رأيي أبدا... لأنني أنا صاحبة الشأن .. أنا من عليه أن يوافق على الزواج أم لا ...
قال عزيز بحزم :- هل وافقت على الخطوبة بيننا أم لا يا هزار ؟؟
حركت رأسها بدون معنى فكرر وأصابعه تزداد تشبثا بذراعها رافضا تحريرها كما كانت تحاول منذ دقائق دفعه لأن يفعل ودون توقف :- هل وافقت على الخطوبة ... أم لا ؟؟؟ هل أرغمك أحد ... أي أحد ... على أن تقبلي بي خطيبا ؟؟
عاجزة عن الكذب .. هتفت بصوت أجش :- لا ...
:- وأنت كنت تعرفين آنذاك بأن أي خطوبة تقليدية مآلها أن تنتهي إلى زواج ... صحيح ؟؟ لقد كنت تعرفين هذا يا هزار ...
هتفت والدموع تعود لتحرق عينيها ... برفض عنيد في أن تتدفق محررة أطنان المشاعر التي كانت مكدسة فوق روحها :- أنا لم ... أنا لم أفكر ... لم ...
قال بحزم :- هل تقولين بأنك كنت تعبثين بي ؟؟؟ تلهين بي .. وبعائلتك .. وبعائلتي أنا أيضا عندما وافقت على هذه الخطوبة ؟؟ هل كنت تسخرين منا ... تسمحين لوالدتك أن تحتفل بك أمام الناس ... وبوالدتي أن تتخيلك الكنة التي انتظرتها طويلا ... وبفرح أن تعتبرك أختا لها .. بينما كنت تخططين طوال الوقت لإنهاء الخطوبة في أي لحظة ..
مشوشة الذهن ... أدركت هزار بأنها لم تفكر في الأمر حقا ... بأنها كما لم تكن تسخر من عائلتيهما .. ومنه هو بتقبلها الخطوبة .. إلا أنها أيضا لم تفكر بالزواج ... رباه ... هي أبدا لم تفكر بالزواج ..
عندما أدركت باضطراب أنه كان ينتظر منها ردا ... قال بهدوء :- أخبريني يا هزار .... لماذا تكرهين فكرة الزواج بي ؟؟؟
السؤال أجفلها وقد جاء من اللامكان بحيث لم تتوقعه ... رمشت بعينيها وهي تقول بصدق :- أنا لا أرفضك أنت ..
هز رأسه متفهما ... عيناه الداكنتان صريحتان بامتنانه لصدقها ... قال :- أعرف ... أنت ضد مبدأ الزواج بشكل تام ... لماذا يا هزار ... لماذا ترفضين الزواج ؟؟؟ كنت أستطيع أن أفسر الأمر بالخوف الذي سببته لك تجربتك مع ذلك الشاب المسمى بكريم .. بأنه قد خلق لديك خوفا لا يزول اتجاه الجنس الآخر ... إلا أنك لم تظهري مرة أي ذرة خوف اتجاهي ... مما يحطم نظريتي هذه تماما ... أنت لست خائفة مني ... صحيح ؟؟
هزت رأسها موافقة بطريقة جعلته يرى الجانب الطفولي منها ... ذلك الجانب الذي كان يحرك كل نوازع الحماية لديه ... فتكاد تدفعه لأن يحتضنها مربتا على رأسها وكأنه أب يبث الطمأنينة في قلب ابنته الصغيرة .. مؤكدا لها أنها ستكون آمنة تماما في حمايته ...
:- ثم فكرت ... بأنك ترفضين التواصل مع أي شخص لا ينتمي للعائلة ... بأنك تخافين من الخيانة في تقديم ثقتك لشخص قد يخونها كما فعل ذلك الشاب ... هو خان ثقتك ... صحيح ؟؟
تمتمت بصوت مرتجف :- أنا شعرت منذ البداية بأنه غير سوي .... إلا أنني رفضت الثقة بإحساس لا دليل على صحته ... ومنحته أفضلية الشك كما يقولون ... رغم هذا ... أنا لم أثق به قط ..
صمت عزيز للحظات قبل أن يقول :- من خان ثقتك يا هزار ؟؟
أطلقت شهقة قصيرة وهي تحاول من جديد التملص منه ... من خان ثقتها ؟؟؟ الكل .. الكل فعل .. والدها عندما خان والدتها وأنجب ابنة رباها بعيدا دون أن يعرف أحدهم عنها شيئا ... شقيقها همام عندما رحل متخليا عن العائلة كلها ... متخليا عنها ... وقد كانت في أمس الحاجة إليه آنذاك .. هاربا إلى آخر العالم .. أسرار عندما تباعدت ... وانتقمت من والدها لتزويجه إياها من رجل لا تريده بأن جعلت من نفسها غريبة في حياة عائلتها ... ثم نوار ... عندما باعت كل شيء .. وتخلت عن كل شيء ... لأجل رجل غريب لا يعرف أي منهم أي شيء عنه .. إلا أنها ما تزال مصرة على منحه ولائها حتى وقد أثبت أنه لم يكن يستحقها ...
من خان ثقتها ؟؟؟ أسماء عندما أدركت هزار بأنها لم تعرفها قط .. يوم رأتها بأم عينها وهي تنهال ضربا على فتاة بريئة لا ذنب لها سوى أنها حاولت فعل الصواب .. و ليان عندما .... عندما ...
:- هزار ...
من خان ثقتها ؟؟؟ هي نفسها ... قد خانت كل مبادئها عندما تركت نفسها تخدع من قبل كريم ... ثم تقع في قبضته .. فتمنحه قطعة من روحها تلوثت به إلى الأبد قبل أن تقتله ..





رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن