الفصل السابع والثلاثون
كان الوقت متأخرا جدا لحظة سمعت ليلى صوت مفتاح همام يدور في قفل باب الشقة ..
جالسة فوق الأريكة .. تعقد يديها فوق حجرها بجمود ... جمود لم يبارحها منذ ساعتين .. منذ اتصلت به بعد أن تأخر عليها وهو عارف بأنها في انتظاره كي يتعشيا سويا .. ليرد على هاتفه آخر شخص توقعت أن تسمع صوته .. ومن هاتف همام بالذات ...
لقد كانت شيرين ... شيرين من ردت على هاتفه بصوت ناعم منغم .. وهي تتساءل بتكاسل عمن يطالب بهمام .. وعندما امتنعت ليلى الثائرة عن منحها اسمها .. عارفة بأن الساقطة كانت على علم تام بهويتها التي أظهرتها شاشة هاتف همام بالتأكيد .. مطالبة بالتحدث إلى همام .. كان رد شيرين بأنه غير متاح في الوقت الحالي .. وبأنها تستطيع إعادة الاتصال به بعد ... ممممم ... ساعة ونصف ...
ساعة ونصف !! ... ساعة ونصف أيتها العاهرة الحقيرة ...
كانت ليلى وطوال ساعات تغلي غضبا وجنونا .. ثم صدمة والحقيقة تتجلى امام عينيها .. همام كان مع شيرين ... كان مع شيرين قبل لقائهما معا مباشرة .. بل وتأخر عن موعدهما ل ..... قرابة الساعة ونصف !!
الغضب الهادر استحال إلى جمود صدمة .. وذلك الصوت الداخلي الذي رافقها لعشر سنوات يؤكد لها بأنها كانت تتوقع حدوث هذا .. وأنها ما كان عليها أن تصدم أو تفاجأ بحدوث شيء كانت تنتظره ..
رغم كل شيء كانت تنتظره وتعرف بأنه سيحدث حتما ... وأن همام سرعان ما يمل منها .. ومن حبها .. بعد أن حصل عليها أخيرا .. لقد كانت تعرف بأنه فور أن يعتاد مذاق حبها .. سيعود ليبحث عن التنوع لدى غيرها ... وشيرين ... كانت دما جديدا لم يعرفه .. حتى وقد تزوجها يوما ...
انتظرت بجمود وهي تسمع مفتاح همام يصارع داخل القفل دون نجاح .. إذ كانت قد أٌقفلت الباب من الداخل تاركة المفتاح في القفل متعمدة ..
لقد أرادت أن تفتح هي الباب .. عندما تكون مستعدة تماما لمواجهته ..
وهل ستكون مستعدة قط ؟؟؟
ارتفعت طرقات نافذة الصبر على الباب وصوته يقول :- ليلى ... إنه أنا .. همام .. افتحي لي الباب ...
انتظرت للحظات أخرى .. كي يطرق الباب مجددا ويهتف بها بصوت بدا على حافة فقدان السيطرة :- ليلى ..
عندها نهضت ... واتجهت نحو الباب لتفتحه .. ثم تتراجع متبعدة .. وكأنها ترفض أي قرب له منها خشية أن .. أن ماذا ؟؟ أن يؤثر على حكمها .. أن يؤجج شوقها فيدفعها لأن تتنازل .. مجددا تتنازل .. كما فعلت عندما عرضت عليه نفسها قبل أسابيع طالبة حبه .. غبية .... غبية ..
كانت تدير له ظهرها عندما سمعته يدخل ويقفل الباب وراءه قائلا بصوت مكتوم :- أتقفلين الباب في وجهي يا ليلى ؟؟ ظننتك في انتظاري ...
قالت بجمود :- كنت في انتظارك قبل ساعات ... الآن ... لست متأكدة من أنني أريد حتى أن أراك ..
ساد الصمت من ورائها للحظات .. قبل أن تسمعه يقول بخشونة :- ما الذي يفترض بكلامك هذا أن يعنيه ؟؟
التفتت نحوه قائلة من بين أسنانها :- يعني أنني ....... رباه .. ما الذي حدث لك ؟؟
اتسعت عيناها وهي تنظر إلى الضماد اللاصق على جانب جبينه ... وإلى شحوب وجهه الواضح بحيث كادت للحظة ... للحظة واحدة فقط .. تنسى كل شيء وتركض نحوه تحتضنه علها تمحي عنه تعبه وألمه .. إلا أنها وبإرادة من حديد ... مستعينة بالجرح الدامي لقلبها والذي ما يزال ينزف منذ سماعها صوت شيرين عبر هاتفه .. تمكنت من تثبيت قدميها مكانهما ... منتظرة إياه وهو يقول زافرا :- لا شيء ... حادث بسيط لا أكثر ..
تشنجت ملامحها وهي تقول عاجزة عن كبح نفسها :- حادث بسيط ... أين تراه حدث ذلك الحادث .. ومتى .. وبرفقة من ؟؟
جمد مكانه وهو ينظر إليها .. قادرا كالعادة على قرائتها ككتاب مفتوح ... قال بجمود :- أهذا ما يتعلق الباب المقفل في وجهي حوله ؟؟ ألهذا تبدين وكأنك تكادين لا تطيقين صبرا قبل أن تمزقي وجهي بأظافرك ..
هست فاقدة أعصابها :- أجب عن سؤالي يا همام ...
قال ببرود :- ما الفائدة إن كنت تعرفين الإجابة بالفعل
مجرد تأكيده للأمر وجه صفعة قاسية إلى روحها وهي ترتد خطوة إلى الوراء قائلة من بين أنفاسها :- أريد أن أسمعك تقولها بنفسك .. الآن .. الآن يا همام ...
صمت للحظات طويلة وهو ينظر إليها بدون تعبير .. ثم قال :- لقد كنت مع شيرين ...
أنت تقرأ
رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me