الفصل الرابع والعشرين
:- هزار .... لم لا تأخذين عبد العزيز في جولة في حديقة المنزل ؟؟؟
رفعت رأسها محدقة إليه بعينين لامعتين بشدة أرضته ... وهو يمنحها نظرة متشدقة وكأنه يتحداها أن تعترض ... عندما وقف .. وقف معه همام وهو يقول مخاطبا هزار التي كانت ترتجف وهي تقف بدورها :- اذهبي معه يا هزار ... اخرجا من باب الشرفة هذا ... ونحن سنكون هنا ..
أغضب عزيز احتياج همام لأن يطمئن هزار ويؤكد لها قربه منها في حالة حدوث أي شيء ... هي لا تحتاج إلى أي حماية منه ... تبا ...
أشار لها برأسه وهو يبسط لها يده قائلا :- هل نذهب ؟؟ لقد سمعت السيدة مريم تتحدث عن جمال الحديقة ومدى حرصها على تنسيقها بنفسها ..
راقبت هزار وهي تكاد تشعر بأبخرة الغضب تندفع من أذنيها عيني والدتها وهما تبرقان بسرور لمجاملته تلك .. ثم وبكل تحكمها الذي أتقنته لأشهر بنفسها ... استعادت هدوءها بلمح البصر .. وازدردت ريقها قبل أن تقول بخفوت :- تفضل ..
ثم تقدمته نحو الباب الزجاجي المنزلق الذي فصل غرفة الضيوف عن الحديقة .... فتحته ... ثم انسلت عبره إلى الحديقة مدركة لسيره ورائها ...
الجو كان باردا ...
أغمضت عينيها والهواء البارد يداعب وجهها .. مبردا شيئا من تلك النار التي تحاول إطفائها منذ وافقت على هذه الخطوبة ... ثم أجفلت عندما أحست بشيء دافيء يحط فوق كتفيها .. وصوته يقول بهدوء :- قميصك رقيق ... وأنالا أريدك أن تمرضي ..
لقد كانت سترة حلته الرمادية التي ارتداها لأجل المناسبة ... مظهرا نفسه في صورة لم تكن قد رأته عليها من قبل .. عزيز المعتاد على ارتداء الملابس العفوية والرياضية .. ملابسه دائما كانت مرتبة وأنيقة ... إلا أنها ليست متكلفة .. وكأنه شخص لا يهتم أبدا لما يقوله الآخرون .. بل لراحته الشخصية فحسب ..
أرادت أن تنزع السترة .. وترميها في وجهه .. إلا أنها كما في كل مرة تقترب فيها من تلك الحالة التي تفقد خلالها السيطرة .. تشعر بذلك الذعر يزحف على طول ظهرها .. الخوف من أن تفتح بابا لن تتمكن من إغلاقه .. لا تشعري يا هزار ... لا تشعري فحسب ..
راقبها عزيز بتقدير وأصابعها تشتد حول السترة ... وكأنها تصارع الرغبة في إلقائها عليه ... ثم تستدير ببطء نحوه ... يعلو وجهها ذلك التعبير الهاديء والجامد وهي تقول :- شكرا .. أنا لا أتأثر كثيرا بالبرد ..
تأملها مليا .. قبل أن يلقي نظرة من فوق كتفه نحو الباب الزجاجي ليرى نظرة همام الثاقبة عليهما رغم متابعته لما كان صهره يقوله ... ثم التفت إليها قائلا :- هل أنت خائفة مني ؟؟
رمشت بعينيها وكأنها لم تتوقع سؤاله هذا من بين كل ما توقعت أن يرغب بإخبارها إياه .. ثم عبست قائلة :- لا ... أنا لست خائفة منك ...
:- أهذا يعني أنك متأكدة بأنني لن أقدم على أذيتك ... صحيح ؟؟
صمتت للحظة .. ثم هزت كتفيها قائلة :- لقد سنحت لك الكثير من الفرص لأذيتي من قبل إلا أنك لم تفعل ..
لم يعرف لم أثلجت صدره ثقتها هذه .. أن تؤمن بأنها آمنة معه .. بأنه لا يمثل خطرا عليها .. وقد عانت ما عانت منه في حياتها .. كان إطراءً ليس بعده إطراء ..
قال بهدوء :- لا تمانعين إذن إن مشينا قليلا بعيدا عن أنظار شقيقك همام ... يبدو وكأنه سينقض ممزقا إياي في أي لحظة إن شك بأنني ألقيت نفسا خاطئا نحوك ..
نظرت من وراء كتفه نحو شقيقها ... ثم قالت شبه معتذرة :- يعاني من فوبيا الأخ الأكبر .. عليك أن تعذره إذ ظل مسافرا وغائبا عنا لتسع سنوات كاملة .. ويظن بأنه يدين لنا بتسع سنوات مضغوطة من الحماية ..
أنت تقرأ
رسائل من سراب(الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me